السبت 19 أبريل 2014 / 14:38

نوبل الآداب تتألق .. ونوبل السلام تحتضر


غاب عن حياتنا... واحد من أهم مبدعي العصر، وربطته بنا نحن العرب، أواصر مصاهرة عمّقت حبنا له، كما لو أنه ينتمي إلينا، إنه غابرييل غارسيا ماركيز، وتشرفت جائزة نوبل حين مُنحت إليه، إذ أعطى إبداعه المتجدد للجائزة معناها وجدارتها.

وأوحى لي رحيل هذا المبدع العبقري، بفكرة هذا المقال الذي اخترت له عنوان "نوبل للآداب تتألق .. ونوبل للسلام تحتضر".

كيف؟ لا نقاش حول جدارة كل من حصل على نوبل في مجال الثقافة والأدب والعلوم، إلا أن عكس ذلك تماماً، حدث مع نوبل للسلام، وهنا أسرد عينات من هؤلاء لا ذكر بمآلهم ومآل السلام الذي منحوا الجائزة من أجله، المثال الأقرب، هو ياسر عرفات واسحق رابين، إذ حصل الرجلان على الجائزة لتوقيعهما اتفاق أوسلو في باحة البيت الأبيض، وكانت النتيجة الفورية أن تحولت الفكرة إلى عكسها، إذ لا سلام يستحق نوبل تحقق، بينما الذين حصلوا على الجائزة قُتلوا خلال الطريق.

قبلهم كان أنور السادات حصل عليها، لقاء وعدٍ أن صانعي السلام المصري الإسرائيلي، سيعممونه على الشرق الأوسط، لتعيش المنطقة المضطربة أزلياً في ظل سلام راسخ مستقر، لا يتمتع فيه الشرق الأوسط وحده وإنما العالم بأسره، والجميع يعرف كيف أعدم السادات ولماذا، وكيف دُفنت معه جائزة نوبل في رمال الشرق الأوسط المتحركة.

وبعد ذلك حصل عليها ميخائيل غورباتشوف، لقاء جهوده الحاسمة في إنهاء الاتحاد السوفياتي ، وتتويج أمريكا كقطب كوني وحيد ما مهّد لاندثار وارسو وتكريس الأطلسي، والجميع ما زال يذكر ماذا حل بغورباتشوف وبجائزته وبالعالم من بعد انقراض ظاهرته، فما كان مزعجاً بفعل الحرب الباردة في حينها، أصبح مزعجاً أكثر في عهد أحادية القطب، وهنا لن نستحضر أكثر من أوكرانيا البائسة، وأوروبا الشرقية المتسولة، وأوروبا الغربية التي وقفت العديد من كياناتها على حافة الانهيار والإفلاس.

ومن قبيل التشجيع والوعد، حصل الرئيس باراك أوباما على نوبل للسلام في بداية عهده، ومنذ حصوله عليها إلى أن يغادر البيت الأبيض في نهاية ولايته الثانية، والرجل ما إن يتقدم خطوة إلى الأمام، حتى يتراجع خطوتين الى الوراء.

كان وصوله إلى الموقع الأول في العالم كرجل مركّب من أصل أفريقي وأب مسلم، وثقافة مسيحية وانتماء للتكنولوجيا في آخر طبعاتها، إذ كان موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، هو الناخب الحاسم له ولوعد التغير الذي بشر به، رجل جسد هذا الخليط كله نجح أن يتربع على عرش البيت الأبيض، إلا أنه لم ينجح في وقف تدهور الإيقاع الأمريكي ، ووقف تراجع النفوذ والقدرة في معظم المجالات.

ولعلني أكون نسيت حاصلين آخرين على نوبل للسلام، فإذا بهذه الجائزة تفتك بهم أو تحيلهم إلى التقاعد أو الضريح في وقت مبكر.

أعود إلى ما بدأت به لأخلص إلى أن نجيب محفوظ وزويل في مصر، دخلا التاريخ وأدخلانا معهما، كاختراق آدمي عربي لحاجز الإبداع والتفوق، وغابرييل غارسيا ماركيز ، الكولومبي المكسيكي العالمي، أدخلته نوبل إلى قمة التاريخ الخالد والمستمر، وأدخل بعضا منا معه، حين عرف العالم أن وراء هذا العظيم امرأة عربية اسمها "مرسيدس فاخوري".

أخيراً.. ألا توافقوني في الاستنتاج الدراماتيكي الذي توصلت إليه، والذي اختصرته بعنوان هذا المقال؟