الأحد 20 أبريل 2014 / 20:03

إسلامجي يحكم من الكنيسة


يعاجلك الإسلامجي سريعاً برد فعل حاد، حين تقول له إن الخلافة "دولة ثيوقراطية"، تنتمي للقرون الوسطى، مثل دولة الكنيسة الكاثوليكية، فيقول إن الخلافة المنشودة لا يحكمها رجال دين، وتاريخ الإسلام لم يعرف "إكليروس" يتوق للسلطة، فتلك مشكلة غربية لم يعان منها تراث المسلمين، ومن هنا فما ترتب على دولة الكنيسة من حتمية علمانية، تسمو فيها الحقوق والحريات، عن قيود تأويل المقدس، لا مجال للسير على خطاه في مشرقنا الإسلامي.

والطرح الدفاعي للإسلامجية بدرجاتهم عن مدنية الإمبراطوريات التي بناها مسلمون قديماً، أو مشروع إعادة إحياء وهم الخلافة، يحيلنا إلى سؤال مفتاحي؛ "وهل يقتصر تعريف الدولة الدينية على الحكم رجال الدين؟"

والسؤال يحيلنا بدوره لإجابة قدمها عادل ضاهر، عن مفهوم الدولة الدينية، تحدد ثلاث ملامح لها، أولها: التصور بأن العقيدة الدينية تقدم حلولاً للواقع الدنيوي والآخروي على السواء، والثاني: أن القوانين منبثقة من الدين، والثالث: أن التعاليم تتعاطى مع الدنيوي والديني بحاجة إلى رجال من نوع خاص لتأويلها وإفهامها للناس.

والمبادئ السابقة تفضي لثلاثة مبادئ؛ هي الكلياتية والحاكمية ومركزية النخبة. هذه السمات الثلاث، يشترك فيها الإسلامي المعاصر مع مسيحي القرون الوسطى، تشترك فيها تنويعات الإسلام السياسي المعاصرة، من السلفية الجهادية إلى أطروحات الترابي والغنوشي، فتصور الدولة الدينية يتخطى الحكم المباشر لرجال الدين، إلى ما يؤمن به رجال الدين، ويحكمون بموجبه في عالم السياسة.

في مصر، حاول تنظيم الإخوان الوصول لهذه الصيغة عبر آليات متنوعة، لعل منها السيطرة على الأزهر، بعد للتمهيد ببند في الدستور الملغي يعزز سيطرة المؤسسة الدينية على القوانين، ومع مقاومة الأزهر لجأت الجماعة لإنشاء كيانات موازية مثل ما عرف بمجلس شورى العلماء، والجبهة الشرعية للحقوق والإصلاح، بينما قدم السلفيون وقتها تصوراً آخر، يبشر بإنشاء مجامع فقهية كبرى للإشراف على إصدار القوانين وبيان مطابقتها لتصورهم للشريعة.

وبعد سقوط تجربة الإخوان بقي السلفيون يقاومون، بمحاولة فرض تأويل النصوص على حساب التصور للبشري للحقوق والحريات،
وتجلت المقاومة على مواقف بعينها كرفض ترشيح أقباط في المناصب الكبرى، والدعوة لإبعاد النساء عن منصب الرئاسة.

وقبل ثلاثة عقود على الأقل سبقت إيران الجميع وحكم رجل الدين مباشرة، عبر نصوص احتكروا تأويلها، وقوانين استمدوها من المقدس، تسير أمور الدولة. ومن إيران إلى مصر، ومن تونس إلى الجزائر الى السودان، تختلف درجات الحدة الأيديولوجية، فيما يبشر الجميع بحكم سبق أن خصم من رصيد الإنسانية في القرون الوسطى.