الأحد 20 أبريل 2014 / 20:34

أحمد الخميسي: ماركيز طائر ضخم بقلب عظيم هجرنا لأعلى

القاهرة ـ خاص

قال الكاتب المصري الكبير أحمد الخميسي إنه سمع عن الروائي الكولومبي الأشهر جابرييل جارثيا ماركيز لأول مرة عام 1975، أو بعد ذلك بقليل، خلال دراسته في الاتحاد السوفيتي.

جابو بالنسبة لي أكبر من أديب.. أو هو الأديب حين يحتكم إلي ضميره.. وحين لا يسمح للقلم بخيانة الحقيقة

وأضاف: "عندما تُرجمت إلى الروسية روايته (مئة عام من العزلة) نبهني أحد الأصدقاء إلى أن بالترجمة مشهداً محذوفاً هو تحليق إحدى الشخصيات إلى السماء، لأن مثل تلك المشاهد ليست من (الواقعية) في الأدب. دفعتني هذه الملاحظة بكل مالها من دلالات إلى البحث عن روايات وأعمال ماركيز وقراءتها. وكان عالم ماركيز جديداً عليَّ إلى حد كبير، ومبهراً في صياغة الواقع بخيوط الأساطير والحكايات الشعبية والخرافات، وقد أطلقوا على ذلك فيما بعد: الواقعية السحرية".

صاحب "قطعة ليل"، و"رائحة الخبز" واصل سرد علاقته بماركيز: "فيما بعد انتبهت إلى أن جذور ذلك اللون من الأدب قائمة من قبل لدى جوجول في قصته (الأنف) حيث يستيقظ إنسان فيكتشف أنه فقد أنفه ويتقدم بشكوى إلى الشرطة، كما أن جذور تلك الكتابة موجودة في ألف ليلة وليلة التي قال ماركيز نفسه إنها أعظم كتاب قرأه، وقد سئل ماركيز يوماً عن إمكانية تصديق القارئ لأحداث رواياته فقال إن على القارئ أن يدرك أن في الرواية قدراً من السحر والخرافة يساوى قدراً آخر من الواقعية، إلا أن اتجاه ماركيز اختلط، خلافاً لغيره، بهموم الفقراء في أمريكا اللاتينية الذين استلهم شخصياتهم من قريته البائسة".

وتابع: "لم تكن عظمة ماركيز بالنسبة لي هي فقط طريقته الأدبية بل في استخدام تلك الطريقة للدفاع عن حق البشر في الحياة والأحلام، ولم تكن الواقعية السحرية بالنسبة له سوى حيلة فنية لكشف الحقيقة والواقع إلي أقصى مدى، لهذا لم ينفصل الأديب عن السياسي في ماركيز، ونُفى إلى أوروبا بعد مقال ضد الحكومة الكولومبية، وفي عام 2002 نشرت ترجمة كتابه (ليل الضمير البشري) وفيه أعلن بوضوح: أنا أعلن عن اشمئزازي من المجازر التي ترتكبها يومياً المدرسة الصهيونية الحديثة.. أنا أطالب بترشيح ارييل شارون لجائزة نوبل في القتل.

سامحوني إذا قلت أيضاً أنني أخجل من ارتباط اسمي بجائزة نوبل. أنا أعلن عن إعجابي غير المحدود ببطولة الشعب الفلسطيني الذي يقاوم الإبادة، بالرغم من إنكار القوى الأعظم أو المثقفين الجبناء أو وسائل الإعلام أو حتى بعض العرب لوجوده.

وقد آُثر ماركيز بموقفه ذلك في موقف مماثل للعظيم جوزيه ساراماجو الذي أعلن بدوره أن ما يحدث في فلسطين هو جريمة يمكننا مقارنتها بما حدث في معسكرات النازية. ماركيز بالنسبة لي أكبر من أديب، أو هو الأديب حين يحتكم إلي ضميره، وحين لا يسمح للقلم بخيانة الحقيقة. رحيله محزن. أشعر أن طائراً ضخماً بقلب عظيم قد هجرنا محلقا لأعلى".