الخميس 24 يوليو 2014 / 00:11

الثأر من مصر !



أصبحت الصورة واضحة تماماً على المسار السياسي للعدوان الإسرائيلي على غزة، حماس ومن ورائها قطر وتركيا يرفضون المبادرة المصرية لسبب واحد فقط وهو "معاقبة" النظام في مصر بسبب إسقاطه حكم الإخوان المسلمين قبل عام تقريباً.

يعتقد هذا التحالف الثلاثي أن رفض المبادرة المصرية التي تكاد تكون نسخة متطابقة تماماً مع مبادرة التهدئة التي قدمها نظام الإخوان برئاسة محمد مرسي عام 2012 والتي قبلتها حماس وقتذاك بدون أي مناقشة، يعتقد هذا التحالف أن إفشال الجهد المصري لإيقاف الحرب على غزة وحقن دماء الفلسطينيين العزل الذين وصل عدد الشهداء منهم إلى ما يزيد عن 700 شهيد، هو نوع من الثأر منها ومحاصرة لدورها السياسي وتقزيم له ولمساحات تحركه، ويجهل هذا الحلف جملة من الحقائق من أبرزها:

أولاً: إن مصر وبغض النظر عمن يحكمها هي التي ينطبق عليها معادلة "لا حرب ولا سلم بدون مصر"، فهي الثقل الديمغرافي والتاريخي والحضاري في العالم العربي، وبالتالي كانت ومازالت هي رافعة العمل العربي المشترك والقوة المؤثرة في النظام العربي إيجاباً وسلباً، وسبق أن حاول النظام العربي الرسمي محاصرة مصر ومقاطعتها في عهد السادات بعد مؤتمر بغداد الشهير، بسبب زيارته القدس المحتلة، وفشل الهرب في الاستغناء عن مصر أو في محاصرتها، وعاد إليها العرب ولم تعد هي لهم.

ثانياً: تاريخياً ارتبط قطاع غزة بمصر على المستويات كافة، وبالواقع الجغرافي الذي لا يمكن تغييره، ستبقى مصر هي بوابة غزة على العالم، وبالتالي من الغباء التعامل مع مصر وكأنها غير موجودة أو تجاهل وجودها، وعبر تاريخ الصراع مع إسرائيل كانت غزة مرتبطة بهذا الصراع من خلال الحضور المصري فيه .

لذلك فإن التحالف الثلاثي الحمساوي – القطري – التركي و بمحاولات تعطيله للدور المصري، ورفض المبادرة المصرية للتهدئة يكون من الناحية العملية شريكاً فاعلاً لإسرائيل في قتل مزيد من الفلسطينيين، وتدمير القطاع والبنية التحتية الفقيرة أصلاً الموجودة فيه .

من الواضح أن القرار الحقيقي في موضوع تعطيل الدور المصري في العدوان على غزة هو في يد التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، الذي مازال يعيش هول الصدمة من خسارة الحكم في مصر رغم مرور عام كامل على سقوط حكم الإخوان هناك، ومن ناحية عملية فإن التنظيم العالمي للإخوان مستفيد تماماً من إعادة إنتاج الجماعة كقوة في حالة مجابهة مع إسرائيل بعد أن كانت صورته في العالم العربي قد وصلت الحضيض بسبب تورطه في الأعمال الإرهابية في مصر، وحماس التي تعد رأس الحربة في مشروع إعادة إنتاج الإخوان كقوة مواجهة مع إسرائيل أثبتت في هذه الحرب وأكثر من أي وقت مضى أنها حركة تابعة للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، أكثر من كونها جزء من حركة التحرر الوطني الفلسطينية، وهذه المسألة هي جوهر المشكلة في سلوك حماس السياسي والعسكري، فهي ممزقة بين الهوية التنظيمية الإخوانية والهوية الوطنية الفلسطينية، وفي هذه الحرب قررت حماس أن توظف حالتها الفلسطينية لخدمة التنظيم العالمي للإخوان، وبالدم الفلسطيني الذي تحول لورقة في حسابات حماس والتنظيم العالمي للإخوان وقطر وتركيا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• لا أعلم بالضبط سبب غضب ليبرمان من قطر ومن قناة الجزيرة، فالرجل بهجومه الأخير على قطر وجزيرتها خرج عن النص وعن العرف في العلاقة القطرية – الإسرائيلية الاستراتيجية الممتدة منذ عام 1996، وخالف بشدة موقف نتانياهو وتسيبني ليفني وشمعون بيريز وآخرين من المسؤولين الإسرائيليين الذين يرون في قطر شريك أمين في خدمة الأهداف الإسرائيلية بالخليج والمنطقة، وفي كل الأحوال قدم ليبرمان مادة دعائية ثمينة للغاية لقطر والجزيرة، من المفترض أن يُكافأ عليها، وسؤالي هل هي مصادفة في هذا الوقت بالذات أم أن الأمر غير ذلك؟

[email protected]