الخميس 24 يوليو 2014 / 11:48

تقرير: مسيحيو الموصل وقعوا ضحية لتضليل "داعش"

واجه مسيحيو مدينة الموصل العراقية تضليلاً من قبل مقاتلي الدولة الإسلامية- داعش الذين لم يتعرضوا لهم في البداية، مما أوحى لهم ببعض الأمان، قبل أن يهددونهم بالموت ما أجبرهم على الرحيل.

محللون: التساهل النسبي الذي أظهرته الجماعة في بادىء الأمر مع المسيحيين كان الهدف منه استرضاء بقية الجماعات السنية المتمردة المتحالفة معها لكنها أقل تشدداً في تفسير أحكام الإسلام

وقد يشير هذا التحول في موقف تنظيم الدولة الإسلامية- داعش إلى أن قياداته باتت تشعر بما يكفي من الثقة لفرض قوانينها بعد أن سيطرت الشهر الماضي على الموصل ومناطق واسعة في شمال وغرب العراق.

تأييد الجماعات السنية
ويرى محللون أن التساهل النسبي الذي أظهرته الجماعة في بادىء الأمر مع المسيحيين كان الهدف منه استرضاء بقية الجماعات السنية المتمردة المتحالفة معها، لكنها أقل تشدداً في تفسير أحكام الإسلام.

وقال مسؤول إحدى الكنائس الكلدانية في الموصل القس عمانوئيل عادل كلو، الذي غادر المدينة الجمعة: "خدعونا، لأنهم في البداية لم يتعرضوا لنا، لكن بعد أن ثبتوا أقدامهم بدأوا بتطبيق قوانينهم الإرهابية علينا".

وعاد عدد من العائلات المسيحية إلى منازلهم بعد هجوم تنظيم داعش على المدينة في التاسع من يونيو (حزيران)، بعد أن لاحظوا عدم حصول تعديات على المسيحيين الذين لم يغادروا.

وكان المسلحون أفرجوا الاثنين الماضي عن راهبتين وثلاثة أيتام بعد احتجازهم 17 يوماً في تطور وصفه بطريرك الكلدان في العراق لويس ساكو يومها ببصيص أمل لتحسن وضع المسيحيين.

لكن وبعد أيام قليلة من الإفراج عن الراهبتين، وبعد مرور نحو شهر على بسط تنظيم الدولة الإسلامية سيطرته على الموصل، أجبر المسيحيون على مغادرة المدينة بكثافة إثر إنذار وجه إليهم بضرورة مغادرة المدينة بحلول 19 من يوليو (تموز) ما لم يعتنقوا الإسلام أو يدفعوا الجزية.

الإعدام
ودعا خطباء المساجد الجمعة الماضية في مدينة الموصل المسيحيين إلى المغادرة قبل نهاية المهلة التي حددت ظهر السبت، ومن لا يذعن لذلك مصيره الموت.

ويرى مراقبون أن طرد المسيحيين بهذه الصورة كان مقرراً، لكنهم انتظروا فترة من أجل تعزيز قبضتهم على الموصل ومناطق أخرى قبل اتخاذ هذه الخطوة.

وسيطرت هذه الجماعة على مناطق شاسعة في شمال البلاد في الأيام الاولى التي تلت سقوط الموصل، وتخوض القوات العراقية معارك ضارية قرب تكريت معقل الرئيس العراقي السابق صدام حسين، بالإضافة إلى معارك في محافظة الأنبار غرب البلاد.

ورغم المعاملة القاسية التي تعرض لها المسيحيون من قبل عناصر الدولة الإسلامية فإن هذا التصرف يبقى معقولاً مقارنة بممارسات تنظيم يستسهل الإعدام لخصومه، وهو ما فعله مثلاً مع الشيعية في شمال البلاد.

ويرى بعض المحللين أن تنظيم الدولة الإسلامية- داعش قد يكون تمهل في طرد المسيحيين تجنباً للخلاف مع حلفاء له من السنة في شمال البلاد مثل حزب البعث، لا يوجد أي خلاف بينهم وبين مسيحيي العراق الذين يعتبرون جزءاً لا يتجزأ من نسيج البلاد على مدى أجيال.

موقف معتدل
ويقول الأستاذ زائر في مركز بروكينغز في الدوحة تشارلي ليستر: "بالنظر إلى سلوك الجماعة في أي مكان آخر، قد يعتبر تركهم المسيحيين يفرون من الموصل موقفاً معتدلاً".

وأضاف أن "عناصر الدولة الإسلامية كانوا دائماً قساة، لكن بالنظر إلى الديناميكية داخل انتفاضة سنية واسعة في العراق، فإنه من المنطقي أن يقدموا تنازلات لتجنب إثارة توترات اجتماعية غير ضرورية".

ومع ذلك، فإنه يبقى أن نرى إلى أي مدى سوف تذهب الدولة الإسلامية بعيداً في فرض أحكام الشريعة الإسلامية بهذا الشكل المتشدد.

أحكام الشريعة
وأثار تطبيق الأحكام المتشددة من قبل تنظيم القاعدة في العراق بين عامي 2006 و 2007 غضب العشائر السنية التي شكلت مجالس صحوات وتمكنت من دحر التنظيم آنذاك.

ويقول الباحث في معهد الشرق الأوسط في جامعة سنغافورة الوطنية فنار حداد: "سيكون من المثير للاهتمام أن نرى إلى أي مدى سيكون تنظيم الدولة الإسلامية قادراً على فرض الضوابط الاجتماعية من دون إثارة رد فعل من قبل السكان المحليين والجماعات المتمردة الأخرى".