الجمعة 25 يوليو 2014 / 16:52

فورين بوليسي: العالم يشهد عدم استقرار غير مسبوق تاريخياً

24- إعداد: مروة هاشم

نشرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية اليوم الجمعة، مقابلة مع زيغنيو بريجنسكي، أبرز المفكرين الاستراتيجيين في الولايات المتحدة.

وأعرب بريجنسكي، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي للرئيس جيمي كارتر طوال فترة ولايته، عن قلقه البالغ إزاء ما يشهده العالم اليوم من عدم استقرار غير مسبوق تاريخياً، فالاضطرابات باتت منتشرة في كل أرجاء العالم.

وأشار المحلل السياسي إلى "المبالغة في التهديد النووي الإيراني على المدى القريب"، مؤكداً أن "العودة إلى النظام العالمي وإعادة الاستقرار تعتمد على العلاقة بين الولايات المتحدة والصين، إذ يجب على كل منهما قبول علاقة المشاركة لمراكز القوة في العالم الحديث".

الولايات المتحدة تفشل في التحديات
وقال بريجنسكي: "يشهد العالم اليوم فترة غير مسبوقة تاريخياً، إذ تفقد الدول السيطرة الفعالة على مساحات ضخمة من الأراضي بشكل مفاجئ، وتجتاحها الاضطرابات الشعبية والغضب، وبالنسبة ليّ، لا أعتقد أن الولايات المتحدة تتراجع أو تواجه أزمة في البقاء، وإنما أرى أننا نفقد قدرتنا على التعامل بأعلى المستويات مع التحديات، التي ندرك أنها تمثل تهديداً، ونخفق أيضاً في حشد قواتنا وتوجيه قيادتنا للتعامل معها، ما يجعلنا قوة عظمى تفتقر إلى الإرادة الاستراتيجية والتوجيه".

الشرق الأوسط
ونوه بريجنسكي إلى التشابه بين ما يحدث حالياً في منطقة الشرق الأوسط، وحرب الثلاثين عاماً التي شهدتها أوروبا منذ عدة قرون، وتحديداً تصاعد الهوية الدينية كحافز جوهري للعمل السياسي، وما تبعه من عواقب مدمرة بشكل رهيب.

وعلى جانب آخر، يتضاءل عدد الدول التي لديها اكتفاء ذاتي فيما يتعلق بالهوية والوحدة والقوة كدول قومية، مشيراً إلى أن الدول التي يبرز لديها ذلك حالياً في المنطقة هي مصر وتركيا وإيران وإسرائيل.

ويحث بريجنسكي الولايات المتحدة على العمل بصورة فعالة مع هذه الدول، الأمر الذي يقتضي قبول بعض التسوية مع إيران وتركيا، إلى جانب توفير قدر أكبر من الوضوح للشروط المسبقة لنجاح إسرائيل، أي تبني وجهة نظر تقوم على إقامة دولة مستقلة للفلسطينيين، الأمر الذي يقبله معظم الإسرائيليين، من وجهة نظر بريجنسكي، باستثناء اليمين المتطرف الذي يهيمن على السياسة الإسرائيلية، مضيفاً أنه: "يجب أن يكون الهدف دولتان تعملان مع بعضهما".
   
الرهان الأفضل
وأضاف بريجنسكي: "مصر دولة ذات جذور تاريخية موثوقة، وهي حالة متفردة، ويمكن اعتبارها مثالاً على دعم الولايات المتحدة للاستقرار، حتى إذا كان لا يقدم الخيار الأفضل من المنظور السياسي أو الديمقراطي، وأعتقد أن الولايات المتحدة تتجه إلى دعم الجيش في مصر لكي يقوم بتوحيد الدولة وتطويرها فيما بعد إلى نموذج يشبه تركيا اليوم، وهو على الأرجح الرهان الأفضل".

وتابع أنه "في ظل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط حالياً، ينبغي ألا تقوم الولايات المتحدة بالقيام بدورها القيادي، وبدلاً من ذلك عليها أن تنتهج سياسة تدرك حقيقة أن هذه الصراعات ستستمر، ستتصاعد وتنتشر أيضاً على نطاق أوسع، وستكون كل من روسيا والصين، الأكثر تضرراً من ذلك، بسبب مصالحهما الإقليمية وتعرضهما للإرهاب، فضلاً عن مصالحهما الاستراتيجية في أسواق الطاقة العالمية".

إسرائيل والاحتكار النووي
وفيما يتعلق بالتهديد المحتمل الذي تمثله إيران على إسرائيل من جراء برنامجها النووي، يقول بريجنسكي: "لا يمكن إغفال حقيقة أن إسرائيل لديها احتكار نووي فعال في منطقة الشرق الأوسط، وستظل كذلك لفترة طويلة، ومن المؤكد أن الإيرانيين لن يقوموا بعملية انتحارية لمجرد امتلاكهم لقنبلة نووية، ولا أصدق الفكرة المنتشرة في الولايات المتحدة التي تقول إنه سيكون هناك اندفاع إيراني مجنون نحو امتلاك قنبلة نووية في غضون 9 أشهر، فهذا هراء".

وأضاف: "ما الذي يمكن أن تقوم به إيران بسلاح نووي وحيد تمتلكه للمرة الأولى ولم تختبره، ولم يكن من ضمن أسلحتها السابقة التي اعتادت عليها، فكيف لها أن تتأكد من استخدامه بشكل فعال، وكيف ستحمي نفسها بهذا السلاح الوحيد من الانتقام، وذلك في الوقت الذي تمتلك فيه إسرائيل، إلى جانب قوتها العسكرية الفائقة، حوالي 150 إلى 200 قنبلة، وهو ما يكفي بالفعل للقتل كل الإيرانيين".