السبت 26 يوليو 2014 / 11:20

احذر هذا العقل المفخخ



كلما وجدت "إسلامجياً" فواجبك أن تتحسس رأسه بحذر، فهو ذر التفجير الذي يقطع جسده أشلاء، في صفوف داعش، ومجمع الأفكار التي يعاد تدويرها لتنتج سلوكا معبئا بالكراهية.

في هذا العقل تصطف "أنساق عقائدية" تفسر لك في صمت لماذا تتدفق شلالات الدماء لمدنيين وأطفال وعجائز، أو لماذا يتجرأ صاحبه على الانتحار، ويبتهج بعد ذبح الخصم.

لو وضعت العقل الإسلامجي تحت مجهر علم النفس الاجتماعي ستقول النتائج إنه معبأ بمجموعة من الأنساق العقائدية "beleive system"
تتشابه بين الإسلامجي وأخيه، وتعني تلك الأفكار الصريحة الدافعة للسلوك، غير المكتفية بتجريدها ووجودها، تشكل نسقاً يستطيع الإسلامجي من خلاله أن يفسر العالم، وينتقي ما يتوافق معه من من معلومات هائلة يتعرض لها يومياً، هي تلك التي تخبره أن العالم يريد أن يسقط حكم الخلافة اليوتوبي، ويتآمر ضد مشروعه، ويتورط في المؤامرة كل من يختلف معه مذهبياً، أو فكرياً، ولهذا يقول له عقله أن مرسي سقط جراء تآمر الكنيسة عليه، وأضاع يهود الدونما الخلافة العثمانية، وأن جنوب السودان انفصل لأن الغرب لايريد النجاح للرئيس الإسلامي عمر البشير.

وهي أنساق تتكرر أمام الإسلامجي المدجن، يجند بها شبلاً صغيراً في تنظيمه، أو يقنع بها ذاته ويبرر الفشل.

ويرتاح -وفق هذه الأنساق- لاستبعاد أسباب يراها الجميع موضوعية للسقوط، كفساد الحكم، ودسائس القصور، واستبداد الحكام، أو الفشل في إدارة الأوطان، وحتمية فشل حكم يستبعد الشعب لتبقى الجماعة.

والنسق العقيدي الإسلامجي في ترتيبه وتجاوره، يتنوع ما بين السكون والحركة بحسب قوانين علم النفس، فإحداث تغير على عقيدة ما يتبعه تتغييرات على الأخرى، فيما يرتبط وجود بعض العقائد بعقائد متلازمة معها، فالشيعة لدى الداعشي كفار يقفون وراء فوضى العراق، ومن ثم وجب انتزاعهم من الأرض والوطن، والسنة لدى بعض الإسلامجية الشيعة نواصب يفخخون المراقد، وهنا تظهر عقيدة حتمية طردهم وقتلهم على الهوية.

لو صادفت وكان العقل الموضوع تحت المجهر سلفياً، فستشاهد "عقيدة الولاء والبراء"، ومن خلالها ستتوقع موقفه من الصوفية، أو رأيه في تولي المسيحيين كرسي الرئاسة، أما إذا تطرف قليلاً فستصادف الحاكمية، وكتلة عقائد تكفير المجتمع متراصة بجوار بعضها، استعداداً لأوامر الذبح.

ستصادف داخل العقل الإسلامجي في أقصى درجات اعتداله، عقيدة "الاستعلاء الإيماني" أي التمايز والإحساس بالعلو على جاهلية الأغيار، فتتحول السياسة من تنافس مشروع وشرس للوصول إلى الحكم إلى مخطط طويل المدى للهداية.

في صفوف الدراسة الثانوية كانت عقيدة المعلم الإخونجي كثيراً ما تدفعه لتبشير الصغار، فيسمعنا جملة سهلة ساحرة للمراهقين: "جربنا الاشتراكية والليبرالية و الناصرية وفشلنا، فلنجرب إذن الإسلام؛ فالإسلام هو الحل".

وحين وصل ما اعتبره إسلاماً إلى الحكم، وفشل ممثلوه، وأزاحه المصريون، فمن الطبيعي حينئذ أن يعاقب الشعب بالعنف والقنابل المفخخة، لأن حكم الله لا يهزم.

هكذا يصرخ النسق العقيدي الممدد في عقله منذ عقود.