السبت 12 يوليو 2014 / 18:10

خاص 24: هكذا أوهمت إسرائيل العالم بـ "تحذيرها" الفلسطينيين قبل قصفهم

تنطلي على كثيرين سواء من العرب أو غيرهم "كذبة" لطالما روّجت لها إسرائيل، وهي أنها تحاول قدر الإمكان التقليل من عدد الضحايا الفلسطينيين خلال عملياتها العسكرية، لاسيما في قطاع غزة، الذي يتعرض حالياً لقصف عنيف، معظم من سقط نتيجته أطفال ونساء، بل وحتى معاقين.

ودأب الجيش الإسرائيلي، عبر الناطقين باسمه، ومن بينهم أفيخاي أدرعي، الذي يستهدف العرب دون غيرهم، دأب على القول إنه يحذر أصحاب المنازل في غزة قبل قصفها، من أجل دفع الأهالي لمغادرة المنازل، ومن ثم يتم قصفها وقد خلت من قاطنيها.

كذبة كبرى
لكن الحرب الحالية التي تقترب من دخول أسبوعها الثاني، أكدت بما لا يدع مجالاً للشك كما يرى المتابعون، عدم صحة تلك الرواية الإسرائيلية، بدليل أن معظم المنازل التي قصفت سقط فيها العشرات ما بين شهيد وجريح، حتى إن عائلات بأكملها أبيدت داخل بيوتها.

ولعل الفلسطينيين أنفسهم يتحمّلون جانباً من مسؤولية شيوع الرواية الإسرائيلية، باستخدامهم مصطلح "الصواريخ التحذيرية"، وهو مصطلح يطلقونه على الصواريخ التي تطلقها طائرات الاستطلاع على المنزل المستهدف، ويكون عادة دون قدرة تدميرية، وقلما يوقع ضحايا، ومن ثم يتبعه وبعد لحظات فقط صاروخ مدمر من طائرات الـF16.

وشاع بين المتابعين للشأن الفلسطيني، وحتى بعض الفلسطينيين، أن هذا الصاروخ، يراد منه تنبيه سكان المنازل بضرورة الخروج على الفور، بما أن صاروخاً مدمراً سيجعل المنزل أثراً بعد عين خلال لحظات فقط، فينهض من يستطيع مغادراً، فيما البعض لا يسعفه الوقت للمغادرة، فيتحول إلى ضحية.

"صواريخ إرشادية"
لكن سامي مصطفى، وهو باحث في الشؤون العسكرية، يؤكد أن الرواية الإسرائيلية كاذبة ولا أساس لها من الصحة، ويشدد على ضرورة استبدال مصطلح "الصاروخ التحذيري" بـ"الصاروخ الإرشادي"، مبيناً أن صاروخ طائرة الاستطلاع ما هو إلا إشارة للمقاتلات الحربية للهدف المراد قصفه.

ويضيف مصطفى في حديث مع 24: "من المعلوم أن قطاع غزة يعتبر من أكثر المناطق على وجه الأرض اكتظاظاً بالسكان، وتتلاصق المنازل داخله بطريقة يستحيل معها على المقاتلات الحربية تحديد الهدف المنشود بدقة".

ويتابع: "لذلك يتم الاستعانة بطائرة الاستطلاع ذات القدرة على تحديد الأماكن بدقة، لإطلاق صاروخ إرشادي على المنزل المراد قصفه، وعادة ما ينتج عن ذلك الصاروخ خروج غيمة من الدخان الأسود، الذي يعين طائرة الـF16 على القصف، وإصابة الهدف بدقة".

ويؤكد مصطفى أن الفترة الزمنية في بعض الأحيان بين صاروخ طائرة الاستطلاع "الارشادي" وصاروخ طائرة الـF16 المدمر، لا تتعدى الثلاث دقائق، ويستحيل خلالها على جميع أفراد الأسرة مغادرة المنزل، بل إن عائلات لا تعلم أساساً بإطلاق صاروخ تحذيري على منزلها إن كانوا نياماً، وتعتقد أن الصوت ناجم عن قصف لمنطقة بعيدة.

أهداف إعلامية
وينبّه الباحث الفلسطيني إلى أن إسرائيل أدركت أهمية الترويج لكذبة تحذير السكان قبل قصفهم، لذلك تقوم في بعض الأحيان بإطالة المدة بين الصاروخين بل وفي أحيان أخرى كانت تقوم بالاتصال بأصحاب المنزل المراد قصفه وتطلب منهم سرعة الإخلاء، وفي هذه الحالة "النادرة" تكون معنية بتحقيق هدف إعلامي، أكثر أهمية بالنسبة لها من قتل عائلة بأكملها.

ويفسّر مصطفى ذلك، برغبة إسرائيل في تثبيت أمر غير حقيقي في أذهان الناس، لا سيما من هم خارج فلسطين، وكأنها تريد القول إنها أكثر رحمة من جيوش عربية تقصف مواطنيها بشكل عشوائي ودون تحذير مسبق، فيما هي في حقيقة الأمر تقتل الأهالي في منازلهم بلا رحمة، ولا تتورّع عن تدمير منشأة، يعلم الجميع أن من بداخلها معاقون يعجزون عن الحركة.