الإثنين 28 يوليو 2014 / 13:17

بالصور: العدوان الإسرائيلي يُظهر مدى تعايش مسلمي غزة ومسيحييها

لم يكن أهالي غزة بحاجة إلى عدوان لإثبات عمق العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في القطاع، بيد أن العدوان الإسرائيلي الأخير أظهر للعالم أن التعايش بين أبناء الديانتين حقيقي، وليس مجرد شعارات، حسبما كان يردد البعض، محاولاً اللعب على هذا الوتر.

مشاهد وأحداث عديدة وقعت خلال الأيام القليلة الماضية، أظهرت بجلاء أن الفلسطينيين بمختلف دياناتهم ومشاربهم وتوجهاتهم السياسية والفكرية، أكثر وعياً من جيرانهم في بلدان عربية عدة، تعيش على وقع الانقسام الديني والطائفي، فيما تظل فلسطين بعيدة تماماً عن هذا الصراع.

خلال العدوان فتح المسيحيون كنائسهم أمام أشقائهم المسلمين للجوء إليها بعدما ضاقت بهم الأرض، ولاحقتهم الصواريخ والقذائف الإسرائيلية، ليجدوا الأمان والراحة داخل الكنيسة، فيما لم تفرق آلة الموت الإسرائيلية بين مسلم ومسيحي.


ولعل زيارة قصيرة لكنسية "بيرفيريوس" الواقعة في حي الزيتون شرق مدينة غزة تلخّص المشهد تماماً، وتعطي الصورة الفعلية عن طبيعة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في القطاع، الذي يشكّل المسيحيون نحو 2% فقط من مجمل سكانه، وفق العديد من الإحصاءات.

فبمجرد اشتداد وطأة القصف على الأحياء المحاذية لحدود قطاع غزة مع إسرائيل، كالشجاعية والتفاح والزيتون، سارع القائمون على تلك الكنسية لفتح أبوابها أمام العائلات المنكوبة الهاربة من نيران الاحتلال، ولم يكتفوا بذلك فقط، بل حرصوا على تقديم ما يتوفر من احتياجات وطعام لهم.

حفاوة بالغة
ويقول سلامة سكّر، أحد النازحين إلى الكنيسة مع أفراد عائلته من حي الشجاعية، إن ما وجدوه من حفاوة واهتمام فاق كل تصور، إذ سهر المسؤولين في الكنيسة على راحتهم، ووفروا لهم الأغطية والطعام، بل وأحضر بعضهم ألعاباً لأطفالهم لعل ذلك يخفف عنهم مصابهم.

ويروي سكّر لـ24 قصة إحياء النازحين للكنيسة، لليلة القدر داخلها، حيث يقول: "كان القصف الإسرائيلي وحشياً ويستهدف كل مكان، ما تسبب بإغلاق جميع المساجد أبوابها، وحينها قدم المسؤول عن الكنسية إليهم، وأبلغهم أنه بإمكانهم أداء الصلاة في الساحة الأمامية للكنيسة".


وتابع: "أحضر الكاهن وزملائه لنا حصائر وقاموا بفرشها على الأرض لكي يتسنى لنا الصلاة عليها.. كانوا لا ينامون أبداً، ويحرصون على مساعدتنا وسؤالنا عن احتياجاتنا، ويكررون القول بأنهم لا يفعلون إلا واجبهم تجاه أبناء شعبهم".

الألم يوحّد
الاندماج الإسلامي المسيحي في غزة تواصل في اليوم العشرين للعدوان، حينما كانت مسنّة مسيحية ضحية جديدة للغارات، إذ قصفت مقاتلات حربية إسرائيلية منزلها، ما أدى لتدميره بشكل كامل، لتنضم جليلة لقائمة الشهداء، فيما تعرض نجلها لإصابة بالغة الخطورة.


ورغم القصف المستمر، وتحليق الطائرات، تجمّع المئات من جيران تلك العائلة للمشاركة في مراسم الدفن، ووقف المسيحي إلى جانب المسلم مجدداً داخل الكنيسة، قبل أن ينتقل الجميع والحزن يكسوهم إلى المقبرة الخاصة بأتباع الديانة المسيحية.

حمل الشبان المسلمون على أكتافهم نعش جليلة، وبكى الجيران بحرقة على الفقيدة التي كانت على الدوام أماً للجميع في الحي، ولعل من المفارقة أنها كانت فيما مضى تعمل في الكنيسة ذاتها التي تحولت إلى ملجأ للعائلات النازحة من القصف.