الجمعة 1 أغسطس 2014 / 20:36

خطاب خادم الحرمين: رسالة الحزم والحسم إلى العالم بأسره


ليس من قبيل الصدفة أن يبدأ الملك عبدالله بن عبد العزيز رسالته اليوم إلى العرب والمسلمين والعالم، بالتذكير الواجب في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة، بما جرَّته الفتن وأهلها، بل ودولها، من شرور وآثار مدمرة تتجاوز في أضرارها الأقطار العربية التي تعاني منها مباشرة، إلى العالم بأسره.

لقد آثر خادم الشريفين، وهو الذي يتكلم مثلما ذكر في الخطاب، من مهبط الوحي، ألا يصمت في هذا الوقت العصيب التي تمر بها المنطقة بأسرها، ليذكر باﻷخطار المحيقة بنا بسبب الجماعات التي اتخذت الدين مطية، لتشيع في اﻷرض فساداً وخراباً، ولتشوه الصورة النقية للإسلام وتهدم رسالته. ورسالة الملك هنا واضحة، فقد أدت الفتن المستشرية، واستغلال الدين لأغراض وقتية أنانية من قبل البعض، إلى أن تقوى شوكة بعض الجماعات التي لا تمت للدين ولا للإسلام بصلة، حتى باتت تهدد منجزات اﻹسلام والمسلمين طوال قرون وقرون، ولم يغفل خادم الحرمين الشريفين عن دور رجال الدين ومشايخ اﻷمة، ذلك الدور الذي يفترض أن يكون حاسما في التصدي لهذه التيارات والجماعات واﻷفكار الملوثة المشوهة، لولا أن قطاعا كبيرا من أولئك الشيوخ إذا آثروا الصمت أو برروا واستخدموا الخطاب الظلامي والفتنوي نفسه لتلك الجماعات.

لكن الملك كان حازماً واضحاً أيضاً بأن النصر لن يكتب لهذه الجماعة، من مثل داعش وما شابهها، وبأن من يستخدمونها ويمولونها سيكون أول من يدفع ثمنها ويكتوي بنارها، وهي رسالة لا ريب أن القريب والبعيد على حد سواء سيفهم مغزاها ويدرك حصته منها.

وإذ اختار خادم الحرمين الشريفين الانتقال في رسالته من إرهاب الجماعات إلى إرهاب الدول، قاصداً إسرائيل دون مواربة، ومتهماً إياها بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد اﻹنسانية في غزة، فللتشديد على أن أصل المشكلة واحد، وهو وجود دولة معتدية ظالمة تولد بجرائمها شتى أنواع اﻹرهاب والعنف، بيد أن مواجهة هذين النوعين من اﻹرهاب، إرهاب اﻷصل وإرهاب الفرع، ما كان ليستشري على نحو ما نرى ونشهد، لولا أساس ذلك كله، وهو الفتن. فلولا الفتن لما وقفت اﻷمة ضعيفة مشتتة حائرة خائرة أمام إرهاب داعش، وإرهاب إسرائيل، ولما تجرأت هذه اﻷخيرة على خوض حربها اللا أخلاقية ضد اﻷطفال العزل، وبالقدر نفسه ينبه خطاب الملك إلى اﻷطراف اﻷخرى التي تعتقد ولو لحين أنها مستفيدة سياسيا من الدم العربي في فلسطين وفي العديد من الدول العربية اﻷخرى، وتوظف هذه الدماء في مصالحها الضيقة، في تواطؤ شيطاني بين إسرائيل وأهل الفتن وموزعيها شبه الحصريين في المنطقة.

لقد قال الملك كلمته، التي لا بد أن تتبعها خطوات حاسمة حازمة، تقول للعالم أجمع أن الدم العربي ليس رخيصاً إلى هذه الدرجة، وأن اﻹسلام لن يكون مرة أخرى من يدفع الثمن، في حروب الفتن والمصالح.