الجمعة 29 أغسطس 2014 / 10:13

رحلة المقدسيين بحثاً عن لقمة عيشهم خلف الجدار

24 - القدس - علي عبيدات

مع ساعات الفجر الأولى، يجتمع محمود وسامر ونبيل، الأصدقاء الثلاثة من شرقي القدس المحتلة، بحثاً عن طريق توصلهم أماكن عملهم خلف الجدران الإسمنتية، والحواجز العسكرية الإسرائيلية، التي تحول بينهم وبين قوت يومهم وعائلاتهم.

ينتظرون، ويتباحثون، ويناقشون، أي طريق سيسلكون، كي لا يقعوا في قبضة جنود حرس الحدود، الذين يداومون على حراسة الجدار، ما سيعرضهم للضرب والتنكيل، ومن ثم السجن لفترات زمنية متفاوتة، إلى جانب غرامة مالية كبيرة.

ويقول محمود (٢٥ عاماً): "لم يترك لنا الاحتلال خياراً، كل الطرق مغلقة، إلى مدينة القدس، حيث يسكن أقاربي، ويقع مكان عملي، وفي ظل رفض الاحتلال منحنا تصاريح عمل نصل بها إلى لقمة عيشنا، علينا البحث عن طرق أخرى".

وأضاف: "لي 7 أشقاء، معظمهم في المدارس والجامعات، ووالدي متوف منذ أعوام، ولا توجد أية فرص عمل في منطقة شرقي القدس، إن لم أسلك هذه الطرق، سأعيش وإخوتي ظروفاً صعبة، وفي النهاية هذه مدينتنا ومن حقنا الدخول إليها".

إطلاق نار
وحول ما إن كانت محاولة الوصول إلى القدس عن طريق "اللفة" كما يسمونها، تحمل مخاطر كبيرة، وقد تعرض حياتهم للخطر، يقول نبيل: "قد نتعرض لإطلاق نار من الجنود الاسرائيليين على أبراج المراقبة، وسبق وأن أصيب زملاء لنا واعتقلوا أيضاً، لكن لا خيار أمامنا".

وأشار إلى أن عشرات الشبان من شرقي القدس المحتلة، يسلكون ذات الدرب، وإن تنوعت الطرق، يعملون في حقول متنوعة داخل المدينة المقدسة، ويؤمنون احتياجات أسرهم، التي تعيش هي الأخرى ظروفاً صعبة بعد أن فصلها الاحتلال عن المدينة وعن أبرز الخدمات الإنسانية فيها كالصحة والتعليم.

وعبر طريق وعرة، مشياً على الأقدام، يمضي محمود ونبيل ورفاقهما، في محاولة لاستباق الدورية الاسرائيلية، والوصول إلى نقطة الجدار التي سينطلقون منها بأقصى سرعة، قبل أن يلاحظهم الجنود، ويقعون في الأسر أو تطلق عليهم النيران.

وعند سؤالهم لماذا لا يتخذون وسيلة أسرع للوصول إلى أطراف الجدار، كالسيارة مثلاُ، أجاب سامر: "الطرق الرئيسية والمعبدة، سهلة المراقبة والتتبع من قبل الاحتلال، كما أنها سهلة أيضاً في حال حدثت عملية مطاردة، ستجعل وقوعنا في الأسر أمراً محتوماً".

وأضاف: "كما أن مصابيح السيارات وصوتها سيجعل عملية لفت انتباه الجنود أمراً وارداً جداً، نحاول قدر الإمكان أن نعبر على الأقدام، وبصمت شديد، حتى لا يكون حالنا حال رفاق لنا وقعوا في أيدي الجنود بعضهم أصيب وبعضهم اعتقل".

بعد دقائق طويلة من الرحلة المحفوفة بالمخاطر، يصل الشبان إلى نقطة القفز، أو تخطي الجدار الإسرائيلي، بعضهم نجح في العبور، ولم يحالف الحظ كثيرين راحوا يبحثون عن طريقة أخرى يدخلون فيها إلى المدينة.

اعتقال وتنكيل
وحول تعرض العمال الفلسطينيين إلى المخاطرة بالاعتقال والتنكيل وأحيانا الشهادة، أكد أمين عام اتحاد نقابات عمال فلسطين شاهر سعد، أن ١١٠ آلاف عامل فلسطيني يعملون داخل الخط الأخضر، اعتقل ٣٥٠ عاملاً منهم منذ بداية العام الجاري وتوفي ١٤ آخرين.

وبين استخدام السلالم الخشبية، وبين قص الأسلاك الشائكة الحديدية، يبقى الشبان الفلسطينيون من شرقي المدينة المقدسة يبحثون عن طريقة للدخول إليها، بينما يتربص بهم عشرات الجنود متأهبين لمنعهم وحرمانهم من الوصول.