الداعية الإسلامي عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر أحمد عمر هاشم (أرشيف)
الداعية الإسلامي عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر أحمد عمر هاشم (أرشيف)
الإثنين 1 سبتمبر 2014 / 15:21

داعية أزهري لـ24: الخلافة لا تتناسب مع عصرنا الراهن

24- القاهرة- سهام عبد الفتاح

بينما يتمدد تنظيم الدولة الإسلامية في الأراضي العراقية والسورية، ليشكل خطراً على المنطقة العربية بأسرها، مُدعياً سعيه نحو تعميم تطبيق الخلافة الإسلامية، عقب إعلان قائده "أبو بكر البغدادي" نفسه "خليفة"، يتحدث الداعية الإسلامي البارز عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فضيلة الشيخ أحمد عمر هاشم (رئيس جامعة الأزهر الأسبق)، في حوار خاص مع 24، حول مفهوم الخلافة الإسلامية.

عودة الخلافة الإسلامية حينما يترتب عليها انقسام الناس يكون الدعوة إليها مسار تفكك وصراعات

استخدام الأسلحة لإجبار الناس لاتباع نهج معين أمر حرام يرفضه الإسلام لأنه دين السلام والأمان والاستقرار ويدعو إلى المحبة والمساواة والعدالة

ويؤكد هاشم أن تطبيق الخلافة "لا يتناسب مع العصر الراهن"، مفنداً أفكار الجماعات الإرهابية المتطرفة، ومستنكراً تحركاتها المشبوهة في المنطقة.

في البداية، يُروج الكثيرون لفكرة "الدعوة لعودة الخلافة الإسلامية"، فهل الخلافة بحد ذاتها "شأن إسلامي" لتوحيد الشعوب؟
الخلافة ليست محلًا للكلام والجدل، فالخلافة كانت بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكانت بإجماع المسلمين، وطبعاً الحكم الآن عندما يتم اختيار رئيس أو قائد يؤدي حقوق العباد والبلاد وما أمر الله به، فهذا كافٍ والخلافة منصوص عليها في الإسلام، والخلفاء هم (أبو بكر وعمر وعثمان وعلي) بإجماع المسلمين وقت ذلك، أما الآن فالخلافة انتهت ويفترض أن يقوم القائد أو الرئيس أو الملك بما أمر الله به ليكون خليفة الله في الأرض.

والخلافة يُقصد بها أن يكون الحكم رشيداً سواء سميت خلافة أو جمهورية أو إمارة أو مملكة، وأن يكون الناس مطيعين لله والرسول، ولأولي الأمر.

وهل يتناسب تطبيق الخلافة في الوقت الراهن كما تدعو بعض الجماعات؟
أرى أنها لا تتناسب في الوقت الراهن، فالخلافة أمر نسبي واعتباري، فمن الممكن أن يقوم مقام الخلافة ما يؤديه رئيس الدولة أو الملك أو الأمير من الحقوق والواجبات.

وبرأيك، لماذا تتبنى بعض الجماعات مثل داعش فكرة عودة الخلافة الإسلامية مجدداً؟
عودة الخلافة الإسلامية حينما يترتب على الدعوة إليها انقسام الناس، يكون الدعوة إليها مسار تفكك وصراعات، الخلافة تؤدي لوحدة المسلمين، وتأتي لنبذ الفرقة والصراعات فتوحيد المسلمين تجمعهم على كلمة الحق والدين وعلى كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ويمكن تطبيق ذلك بآليات أخرى، فلا مانع أن يكون هناك جيش مشترك بين الدول الإسلامية لنمثل قوة ردع لأعداء الأمة، لكن لا أرى أن تطبيق الخلافة يُفيد بالوقت الحالي، لأنه سيترتب على الدعوة إليها صراعات بالدولة التي سيكون فيها الخلافة، وكل دولة ستريد أن يكون منها الخليفة ويزيد الفرقة بيننا، وبالنسبة لداعش فلا شك أن تمسك بعض الفئات والتيارات المتشددة بالخلافة، ليتخذوا منها قناعاً للتسلط على دول أخرى "مرفوض".

وهل أشكال الحكم "الديمقراطية القائمة" في كثيرٍ من دول العالم الآن تتعارض مع الخلافة؟
لا أبداً، لكن الديمقراطية وخاصة في الغرب مزيفة، فهم يتشدقون بالديمقراطية وهي منهم براء، فهل من الديمقراطية الاستعمار والاستغلال والاستنزاف للشعب الفلسطيني؟ وأين الديمقراطية في تجويع بعض الشعوب وإبادة بعض الدول الفقيرة؟ فالديمقراطية الحقيقية أن نرعى حقوق البشر وأن ننظر إلى حال الفقراء والبسطاء والدول الفقيرة.

وكيف ترى نهج الجماعات المتشددة التي تستخدم السلاح في دعوتها للخلافة؟
استخدام الأسلحة لإجبار الناس لاتباع نهج معين أمر حرام يرفضه الإسلام، لأن استغلال النفوذ والقهر والعدوان والإرهاب أمور مرفوضة بالإسلام، الإسلام دين السلام والأمان والاستقرار والدين الذي يدعو إلى المساواة والمحبة والعدالة وأن يتعايش الإنسان مع أخيه الإنسان في ظلّ السلام العالمي.

 تبرر تلك الجماعات القتل والإرهاب على أنهما وسيلة لإجبار الناس إلى العودة لتعلم دين الإسلام والانخراط في جماعة المسلمين، فما رأيك؟
العودة إلى الحكم الإسلامي لا تكون بالسلاح، بل باجتماع القادة الإسلاميين والمؤسسات الإسلامية في العالم، حينئذ يتحقق الوئام والدعوة إلى الإسلام.

وما رأيك في الجماعات التكفيرية التي ظهرت بالوطن العربي خلال الفترة الأخيرة؟

هذه جماعات خرجت عن الطريق، ويتنازعون فيما بينهم لتسلط بعضهم على بعض وقتل بعضهم بعضاً، وأخطر ما في هذه التيارات هو الإرهاب والعدوان وقتل النفس الإنسانية واستحلال ما حرم الله، لأن الإنسان حينما يستحل دم أخيه الإنسان يكون خرج من الإسلام.

وكيف ترى الفتاوى التي تصدر عنهم؟
هذه فوضى في الفتاوى، في ظل غياب المؤسسات الدينية والعلمية والجامعات الإسلامية التي قصرت في رسالتها بالمجتمع، لأن الجامعات ليست رسالتها التعليم فقط، بل التعليم ثم البحث العلمي، ثم خدمة المجتمع، وكذلك المؤسسات الدينية والبحثية ومجامع الفقه، والباحثون في عالمنا الإسلامي والعربي مُقصّرون في رسالتهم؛ فلذلك ظهرت تلك التيارات المتشددة التي تتكلم في دين الله بغير علم.

وما الخطوات التي يجب أن يتخذها الأزهر ودار الإفتاء لملء الفراغ؟

أن تقوم قوافل للتوعية في سائر البلاد، وأن ينشروا التعاليم الإسلامية وأن يصححوا المفاهيم الخاطئة.

كيف تفسر دعوات يوسف القرضاوي ضد القيادة المصرية والمطالبة بالتظاهر ضد النظام المصري؟
هذا أمر خارج عن تعاليم الإسلام، إذ أمرنا الله أن نطيع الله والرسول وأولي الأمر منا، وما هذا إلا محاولة لتأجيج الفتنة وإشعال فتن طائفية وحروب أهلية، وهو أمر مناف للإسلام.