الإثنين 15 سبتمبر 2014 / 00:29

عجلة الشر الدائرة للخلف



الشتات الإخواني ليس جديداً، فبعد الصدام الناصري مع الجماعة، هرب قادة وأعضاء إلى بلاد مختلفة؛ سواء في الخليج، أو أوربا وأمريكا، وهناك تمتعوا بالحماية وفرصة جني الأموال، ما يسمح بإعادة بناء التنظيم انتظاراً للعودة.

وأمن وثراء الشتات أظهر نجوماً؛ مثل يوسف ندا إمبراطور بنك التقوى الذي قطن سويسرا، أو مصطفى مشهور، المنظر العسكري القائد الملهم للتنظيم الدولي، فيما بعد، الذي حماه كرم بعض دول الخليج من السجون.

والبحث في تاريخ الشتات الإخواني، يقودك إلى حقيقة أن الجماعة لم يضف إليها الأمن و لا الثراء، تغييراً.
ففي الخليج ركزت الجماعة على قطاع التعليم، وتسلل أعضاء منهم لمناصب مكنتهم من استقطاب معلمين مصريين ينتمون للجماعة، لتتكون شبكة تجنيد للناشئة عبر المدارس، كانت سبباً فيما بعد في غرس نبتة إخوانية، تبايع المرشد و الجماعة على حساب أوطانها الأم، ما انتهى بالطبع إلى صدام حقيقي، وقت أن شعرت الدول المضيفة بمؤامرات مشروع لا يعترف بكينونة الدول، مقابل الخلافة.

وفي الغرب لم يختلف الأمر كثيراً، وفيما استفادت الجماعة مثلاً من تراث حرية التعبير، وتشكيل الجمعيات الأهلية، في أميركا، حملت وثيقة "خطة الجماعة في أمريكا الشمالية"، المكتوبة عام 1991 (انفرد 24 بنشرها) تفاصيل التآمر على المجتمعات الغربية.

وكانت الوثيقة تفصيلاً لقرار المؤتمر العام للجماعة عام 1987، بالسيطرة على مجتمعات أمريكا الشمالية، انطلاقاً مما أسمته "الرغبة في إزالة وهدم المدنية أو الحضارة الغربية من داخلها"، و"تخريب بيوتها الشقية بأيديهم و أيدي المؤمنين لكي يتم جلاؤهم و يظهر دين الله على الدين كله".

هذا هو الدرس التاريخي الدائم للشتات الإخواني؛ " العالم ملك لنا ومن لجأنا إليه هو أول مغانمنا".

وفي الخمسينات، كما في الستينات، وفي القرن الماضي كما الآني، لا تتغير أسباب الشتات كثيراً، ولا اللقطات الممهدة له، يقول لنا جيلز كيبل مثلاً في كتابه الشهير "النبي والفرعون"، إن الصدام الثاني بين الإخوان وعبد الناصر، عام 1965، سبقه اقتحام لقرية "كرداسة" القريبة من الأهرام بالمدرعات، بعد حصار الأهالي لقسم الشرطة ومحاولة إخراج إخواني من الحبس، وكانت كرداسة قرية في نهاية طريق قوافل بين مصر وليبيا، يتدرب الإخوان من أبنائها في معسكرات في الصحراء الغربية، على السلاح والقتل.

وبعد الاقتحام و التنكيل، بدأت رحلة الشتات الثانية للإخوان، مثلما بدأ الشتات الحالي منذ عام في ظرف مشابه، قتل فيه إخوان كرداسة أيضا ضباطاً للشرطة، وأحرقوا القسم، ورفضوا "منح الشهداء" شربة ماء" قبل الموت.

إنها خماسية الشر، قتل وإرهاب، يعقبهما، هروب وتآمر، ثم عودة.

ثم تبدأ العجلة في الدوران من جديد.