شوارع مدينة الرقة خالية من المقاتلين والسكان في حالة من الخوف (أرشيف)
شوارع مدينة الرقة خالية من المقاتلين والسكان في حالة من الخوف (أرشيف)
الأربعاء 17 سبتمبر 2014 / 01:43

تقرير: "الدولة اللا-إسلامية" يختفي في معقله بسوريا

اختفى تنظيم "الدولة اللا-إسلامية" عن الأنظار في معقله السوري، منذ أجاز الرئيس باراك أوباما توجيه ضربات جوية أمريكية له في سوريا، فلم يعد يظهر في الشوارع وأعاد نشر أسلحته ومقاتليه وحد من ظهوره الإعلامي.

أحد السكان: لديهم خلايا نائمة في كل مكان، ولا يجتمعون إلا في إطار محدود جداً، الشوارع خالية والناس قلقون وخائفون

ويقولون سكان مدينة الرقة على بعد 450 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من دمشق "إن الجماعة تنقل معدات كل يوم منذ أشار أوباما في 11 سبتمبر (أيلول) إلى إمكانية توسيع الهجمات الجوية على مقاتليها بحيث تمتد من العراق إلى سوريا.

حالة من الغموض
ونشطاء التنظيم الذين كانوا يردون في العادة على أسئلة على الإنترنت أغلقوا صفحاتهم. ولم يبدر رد فعل مباشر من زعماء الجماعة على أوباما ولم يرد ذكر للكلمة التي أدلى بها الأسبوع الماضي في التسجيل المصور الذي بثه التنظيم يوم السبت الماضي لذبح الرهينة البريطاني ديفيد هاينز بيد أحد مقاتلي الجماعة".

وبينما تسعى الولايات المتحدة لتجميع تحالف من أجل قتال الدولة اللا-إسلامية تحاول الجماعة الجهادية على ما يبدو أن تحيط استراتيجيتها بأكبر قدر ممكن من الغموض.

وحين واجهوا ضربات جوية أمريكية في العراق ترك مقاتلو داعش الأسلحة الثقيلة التي جعلتهم أهدافاً سهلة وحاولوا الاندماج وسط سكان المناطق المدنية. وربما كانت الجماعة تفعل نفس الشيء في سوريا توقعاً لغارات مماثلة.

وكأنهم لا يكترثون
في الرقة أخلت الجماعة المباني التي كانت تدير منها شؤونها وأعادت نشر أسلحتها الثقيلة وأخرجت أسر المقاتلين من المدينة.

وقال أحد سكان الرقة عبر الإنترنت "يحاولون أن يبقوا في حالة حركة".

وأضاف الساكن الذي طلب عدم نشر اسمه خوفاً على سلامته "لديهم خلايا نائمة في كل مكان... ولا يجتمعون إلا في إطار محدود جداً".

ووعد رئيس هيئة الأركان الأمريكية اليوم الثلاثاء، بحملة "مستمرة ومتواصلة" على الدولة اللا-إسلامية في سوريا، وربما تكون واشنطن ترصد بالفعل مواقع التنظيم في الرقة. وكان أوباما قد أجاز الشهر الماضي القيام بطلعات مراقبة فوق سوريا، وأظهرت لقطات صورها نشطاء هذا الشهر طائرة أمريكية الصنع بلا طيار فيما يبدو وهي تحلق فوق المدينة.

والمقاتلون ليسوا في سبات. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتتبع أحداث العنف في سوريا إنهم أسقطوا طائرة حربية سورية قرب الرقة باستخدام مدافع مضادة للطائرات.

إلا أن ساكناً آخر قال "تتخذ الدولة اللا-إسلامية الآن خطوات دفاعية تكتيكية من خلال تحريك أصولها لأماكن مختلفة بحيث لا تتمركز كل أسلحتها الثقيلة في مكان واحد".

ومدينة الرقة والمحافظة التي تقع بها هي القاعدة الأساسية لتنظيم الدولة اللا-إسلامية في سوريا. وفي الشهر الماضي أخرج مقاتلو الجماعة آخر قوات حكومية من المنطقة حين سيطر التنظيم على قاعدة جوية.

ومنذ سيطرت الجماعة على مدينة الموصل العراقية في يونيو (حزيران) وسعت سيطرتها على محافظة دير الزور السورية الحدودية المجاورة. وأوفت الجماعة بوعدها بإعادة رسم الشرق الأوسط فأعلنت الخلافة في أرض على جانبي الحدود بين البلدين.

الخوف يرفع سعر الدولار
في الرقة تولت الدولة اللا-إسلامية إدارة شؤون جوانب كثيرة من الحياة المدنية ووضعت يدها على كل شيء بدءاً من المرور وحتى المخابز في محاولة لإقامة دولة تديرها وفقاً لتفسيرها الخاص المتشدد للإسلام.

وقال ساكن آخر في المدينة التي كانت تؤوي نحو 200 ألف مواطن قبل الحرب الأهلية إن الدولة اللا-إسلامية تحاول إعطاء انطباع بأن الأمور تجري كالمعتاد حتى بعد أن قللت من وجودها بالشوارع. وأضاف "يعطون الانطباع بأنهم غير مبالين".

وتابع بقوله "لا يظهر المقاتلون بكثافة في الشوارع هذه الأيام. لا يظهرون إلا للضرورة. الشوارع خالية والناس قلقون وخائفون".

وظهر بعض النشطاء على مشارف الرقة اليوم الثلاثاء. التقطت لهم صور وهم يجمعون حطام الطائرة السورية التي أسقطت ويضعونه على ظهر شاحنة ترفع راية الجماعة السوداء.

ويقول سكان إنه منذ كلمة أوباما والمتاجر في الرقة تغلق مبكراً وقيمة الدولار الأمريكي قفزت في السوق السوداء.

وغادر عشرات المدينة لكن ليس هناك ما يشير إلى هجرة جماعية.

وبينما تؤهب الدولة اللا-إسلامية نفسها لهجوم متوقع تحاول الترويج لقضيتها بين السكان. ويعبر البعض بالفعل عن تأييده للجماعة التي جلب حكمها قدراً من الاستقرار وإن كان في صورة متشددة.

إعادة نشر قواعد الدولة
وأعاد بيان من 14 نقطة تم توزيعه في الأيام الأخيرة تذكير السكان بقواعد الدولة اللا-إسلامية التي تحرم "الإتجار والتعاطي بالخمور والمخدرات والدخان وسائر المحرمات" كما طالب النساء بأن يقرن في بيوتهن وإذا خرجن للضرورة فعليهن "بالحشمة والستر والجلباب الفضفاض". كما حذر من أن كل من يتعامل مع حكومة الرئيس بشار الأسد سيكون مصيره القتل.

لكن البيان الذي حصل المرصد السوري لحقوق الإنسان على نسخة منه سعى أيضاً للترويج للجماعة فقال "سترون بحول الله وتوفيقه مدى الفرق الواسع الشاسع بين الحكومة العلمانية الجائرة التي صادرت طاقات الناس وكممت أفواههم وأهدرت حقوقهم وكرامتهم وبين إمامة قرشية اتخذت الوحي المنزل منهج حياة".

وقال المحلل بمعهد دلما في أبوظبي حسن حسن، إن البيان ينتهج أسلوب الترغيب والترهيب. وأضاف "من الوضح أنها خطوة لطمأنة الناس وتحذيرهم في ذات الوقت".

لكنه قال إن حكم الرقة سيحل في المرتبة الثانية بعد النجاة من الضربات الجوية الأمريكية. وتابع بقوله إن الدولة اللا-إسلامية "لديها دائما تلك الخطة البديلة حتى قبل إعلان خبر العمل الأمريكي الوشيك... من المهم أن ندرك أن هؤلاء الناس لا يحتاجون لأن يكونوا في قواعد".

وقالت خدمة سايت لرصد مواقع المتشددين اليوم الثلاثاء، إنه من بين ردود الفعل القليلة على إعلان أوباما تحذير وجهه مؤيد للدولة
اللا-إسلامية من أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيتعرضون للهجوم إن هم مضوا قدماً في توجيه ضربة عسكرية للجماعة.

وقال حسن إن الجماعة لم تصدر بعد رد فعل مناسباً. ومضى يقول "إنها تتدبر خطوتها القادمة. هذه على الأرجح طريقتها في جعل الأمور غامضة بحيث لا يعرف الناس ماذا يتوقعون".