الأربعاء 1 أكتوبر 2014 / 16:48

ديلي بيست: الإسلام جزء من الحل في الحرب على داعش

24- طارق عليان

هل داعش إسلامي؟ تتوقف الإجابة على الشخص الذي تسأله. فالقيادات الإسلامية الذين يمثلون التيار السائد، بالإضافة إلى أشخاص من قبيل الرئيس أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، يقولون لا، في حين أن آخرين ممن نصبوا أنفسهم خبراء استناداً إلى كتاب "الاسلام للمبتدئين" يقولون نعم.

لكي نقطع بحق سبل إمداد داعش بالمجندين والدعم المالي من المسلمين، يتطلب الأمر منا ألا نرى الإسلام كمشكلة بل في واقع الأمر كجزء كبير من الحل

لكن بغضّ النظر عن وجهة نظرك، يقول دين عبيد الله، محامي سابق تحول إلى ناشط سياسي وفنان كوميدي وهو أمريكي من أصل فلسطيني، في مقال نشره موقع "ديلي بيست" الأمريكي: "هناك شيء واحد يجب أن نتفق عليه وهو أننا بحاجة إلى مواجهة تنظيم داعش بالإسلام؛ فنحن نشهد بحق صدام حضارات، لكنه ليس صداماً بين الغرب والعالم الإسلامي، بل صدام بين الإسلام و داعش".

وهذه ليس مجرد وجهة نظري، يقول الكاتب، بل أيضاً رأي بعض كبار رجال الدين الإسلامي وعلماء المسلمين أيضاً. ففي يوم الخميس، اجتمعت طائفة من القيادات الإسلامية في نادي الصحافة الوطني في العاصمة واشنطن للإعلان عن مبادرة جديدة مستخدمين مبادئ الإسلام باعتبارها السبيل إلى التصدي لحملة التجنيد التي يقوم بها داعش.

وهذا نهج فريد من نوعه بحق، على حد وصف الكاتب، إذ أنه يختلف عن المحاولات السابقة من جانب القيادات الإسلامية لإدانة الإرهاب الذي يمارَس باسم الإسلام. ففي حالتنا هذه، وقّع 125 رجل دين إسلامي وعالماً مسلماً على خطاب مؤلف من 17 صفحة مكتوب باللغتين الإنجليزية والعربية يحمل عنوان "خطاب مفتوح إلى البغدادي" (زعيم داعش). وفي هذا الخطاب، يشرح العلماء ورجال الدين الموقعين عليه بإسهاب شديد لماذا تعتبر أفعال داعش "خاطئة" من وجهة نظر الدين الإسلامي ولماذا هي "جريمة في حق الإسلام والمسلمين والعالم بأسره".

وكاتبو هذا الخطاب ليسوا بالسذاجة التي تجعلهم يعتقدون أن البغدادي سيقرأ خطابهم ويعلن قائلا: "يا إلهي! إن ما نفعله خطأ؛ لذا ينبغي أن نكف عنه".

بدلاً من ذلك فإن الهدف المنشود هو المسلمون في كل بقاع العالم، بغرض ردع المسلمين الآخرين عن الانضمام إلى تنظيم داعش أو تقديم الدعم المالي له.

ولفت الكاتب إلى أن الخطاب يشتمل على قائمة بالأفعال المروعة التي ارتكبها تنظيم داعش، ثم يشرح لماذا يخالف كل فعل منها آيات القرآن وتعاليم النبي محمد.

وذكر الكاتب "أوضح لي أحمد بدير، أحد القيادات الإسلامية المشاركة في هذا المجهود، أن السبب في تضمينهم هذه الأدلة الدينية المفصلة هو رغبتهم في أن يكون للخطاب مصداقية بين الناس، ولا سيما بين المسلمين المحافظين جداً والمسلمين الآخرين الذين قد يتعاطفون مع داعش أو يقتنعون بفكره".

يسلط الخطاب، الذي يُستهل بملخص تنفيذي، الضوء بجمل قصيرة على 24 فعلاً من الأفعال التي ارتكبتها الدولة الإسلامية في العراق والشام والتي تخالف مبادئ الدين الإسلامي، ومنها ما يلي:

- "يحرم في الإسلام إلحاق الضرر بالمسيحيين أو أي شخص من أهل الكتاب على أي نحو أو إساءة معاملته".

- "يحرم قتل الصحفيين والعاملين في مجال تقديم المعونات".

- "يحرم في الإسلام إجبار الناس على اعتناق الإسلام".

ثم يمضي الخطاب ليشرح بالتفصيل لماذا يعتبر كل فعل من هذه الأفعال ليس من الإسلام في شيء. فعلى سبيل المثال، رداً على إجبار تنظيم داعش الناس على الدخول في الإسلام أو الموت، ينوه صائغو الخطاب إلى أن هذا السلوك ينتهك معظم المبادئ الأساسية في الإسلام، ومنها قوله تعالى في سورة البقرة: "لا إكراه في الدين" (الآية 256).

وفيما يخص ما حدث مؤخراً من قتل لصحفيين أمريكيين اثنين، يشرح رجال الدين لقيادات داعش قائلين: "لقد قتلتم بلا رحمة الصحفيين جيمس فولي وستيفن سوتلوف حتى بعد أن توسلت إليكم أم سوتلوف وناشدتكم الرحمة"، وينوهون إلى أن الفعل هذا يتناقض مع تعاليم النبي محمد الذي قال: "ارحموا تُرحموا".

فهل سيفلح هذا؟ يتساءل الكاتب، ويجيب بقوله: "إن الخطاب يتصدى لصميم رسالة داعش الترويجية - على النحو الذي وثقته مجلتها على الإنترنت - التي تستحضر المبادئ الإسلامية لإغراء الناس بالانضمام إلى التنظيم". ويضيف الكاتب: "يمكنني أن أقول لكم ما يلي: هذه الخطوة نهج أحسن كثيراً من الفيديو الذي نشرته وزارة الخارجية الأمريكية مؤخراً والذي صُمم لإثناء المسلمين عن الانضمام إلى تنظيم داعش، حيث اكتفى الفيديو المذكور بعرض صور للعنف، لكن عيبه القاتل هو أنه لم يستخدم القيم الإسلامية للتصدي لداعش".

وأفاد الكاتب :"أنا على يقين من أن البعض يسألون: لماذا لم نر علماء المسلمين من قبل؟ يرد بدير بقوله إن المجتمع الإسلامي صار أحسن تنظيماً في السنوات الأخيرة ويمكنه الآن الاستجابة بشكل أكثر اتحاداً. زد على ذلك أن هناك إدراكاً من جانب القيادات الإسلامية أن كثيراً من الناس من أتباع الديانات الأخرى لا يرون إلا الصور السلبية للمسلمين في وسائل الإعلام، مما يترتب عليه ضرورة عدم السماح للمتطرفين بتعريف العقيدة".

ويرى الكاتب أن هناك سبباً آخر يبرر هذا ويبرر انضمام بعض الأمم الإسلامية التي انضمت إلى الحملة العسكرية ضد داعش. ففي حين أن داعش يشكل تهديداً محتملاً للولايات المتحدة، فإن هذا التنظيم يعتبر بالنسبة لكثير من المسلمين الذين يعيشون في الشرق الأوسط تهديداً واضحاً وماثلاً ومباشراً.

وأضاف الكاتب أن فلسفة تنظيم داعش هي في واقع الأمر ليست "ارضخ للإسلام وإلا تمت" (لا ننس أن الجماعة تذبح المسلمين يومياً، بل هي "ارضخ لداعش وإلا تمت". ولا يوجد دافع أكبر من دافع الحفاظ على النفس.

وبحسب الكاتب، سوف يستمر معنا القتال ضد جماعات من قبيل تنظيم داعش على الأرجح لسنوات، ولا شك في ضرورة أن يكون المكون العسكري جزءاً من النهج المتبع. لكن لكي نقطع بحق سبل إمداد داعش بالمجندين والدعم المالي من المسلمين، يتطلب الأمر منا ألا نرى الإسلام كمشكلة بل في واقع الأمر كجزء كبير من الحل.