الخميس 16 أكتوبر 2014 / 14:47

خادمات أم مربيات؟



لم تتوقع أسرة لبنانية أن تفقد طفلتها ذات الأربع سنوات "سيلين" خنقاً على يد خادمتها الأثيوبية التي ربتها منذ ولادتها، تاركة الكثير من الغموض حول دوافعها، على الرغم من أنها لم تتعرض لسوء معاملة بحسب الأوساط القريبة من عائلتها، بل كان البعض يعتبرها رمزاً للخادمة الأمينة والمتزنة.

لم يصدق الوالدان أن الجانية كانت "أحد أفراد العائلة" لولا مراجعة كاميرات المراقبة التي كشفت تفاصيل قتل سيلين بدم بارد، بعد أن فصلت الخادمة الكهرباء عن المنزل لتتمكن من خنق الطفلة في غرقة نومها منتهزة فرصة خروج والديها من المنزل.

تعيد قضية سيلين طرح علامات الاستفهام حول توظيف الخادمات في منازلنا ومدى أهليتهن لمسؤولية تربية أطفالنا، كما أن الإشكالية تكمن في حجم الآثار السلبية من استقدام خادمات ينتمين لبيئات وجنسيات وديانات مختلفة قد لا تتماشى مع مبادئ وقيم وهوية الأسرة العربية، خاصة إذا كان الاعتماد عليهن بشكل كامل.

ففي المجتمعات العربية غالباً ما يتم الدمج بين مهام الخادمة والمربية، إذ تستقدم الكثير من الأسر خادمات من دون التركيز على خلفياتهن الثقافية والاجتماعية، ثم تلقى عليهن المسؤولية كاملة في الأمور المنزلية كالتنظيف والغسيل والطبخ، ولا تكتفي بعض الأمهات بذلك بل يسلمنهن مسؤولية تربية الأطفال رغم أنهن غير مؤهلات لذلك.

وتنحو مكاتب توظيف العاملات المنزليات منحاً تجارياً في أغلب الأحيان، فانخفاض معايير التوظيف إضافة إلى أن الكلفة المالية المنخفضة نسبياً للعاملات المنزليات يجعلهن في الغالب من خلفيات بسيطة، ومن غير الحائزات على أي درجة تعليمية، ناهيك عن غياب الاختصاصات واختلاط الأدوار. فكيف نتوقع من عاملة منزل تقتصر خبرتها ومعرفتها على أمور النظافة، أن تمارس دور الرعاية والتربية للأطفال؟

في الكثير من حالات الجرائم المتعلقة بالخادمات، لا يجب أن نلقي سهام الاتهامات على الخادمات فقط، بل يمتد الأمر إلى الأسر   التي تضع مستقبل أولادها - وحياتهم في بعض الأحيان- في أيادٍ غير أمينة دون متابعة يومية ودقيقة.

وخلاصة القول، قد تكون الخادمات حاجة ملحة لا غنى عنهن لدى كل أسرة عاملة، إلا أن الاعتماد الكلي عليهن مشكلة معقدة تقع مسؤوليتها على الجميع، لا بد من إيجاد حلول سريعة وفعالة للحد من آثارها بعدما أصبحت تهدد الحياة الأسرية والمجتمعية.