الإثنين 20 أكتوبر 2014 / 21:42

حكاية الـ 5% في الائتلاف الوطني السوري المعارض



أصبحت جيوب منتخبي طعمة الـ 63 ثقيلة أكثر مما هي في العادة، على الأقل. يقول "ثوار فيس بوك" السوريون تعريضاً بالإخوان المسلمين السوريين في الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة. وبينما أفلت صوتان من يدي طعمة من بين 65 مقترعاً، نسي أحد المرشحين الثلاثة المنافسين لطعمة حتى أن ينتخب نفسه.

تندر متابعون على هذه الانتخابات بعد جدل طوله 170 كيلومتراً، هي المسافة بين إسطنبول ومكان عقد الاجتماعات. وفاحت من المكان، رغم بُعد المسافات، الروائح المعتادة لاجتماعات الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة، حتى توقع نجم الدين السمان على صفحته على فيس بوك أن تأتي على السوريين مرحلة "لويا جرغا" على الطريقة الأفغانية، لكن أحمد طعمة لن يكون فيها حامد كرزاي.

يبلغ عدد أعضاء الائتلاف 110 أعضاء، وفي قول آخر 117، وثالث يقول 115. بينما بلغ النصاب القانوني لاتخاذ القرارات بالتصويت 56 عضواً في التصويت الذي أدى إلى تجديد انتخاب طعمة، ما يعني أن عدد
الحضور بلغ 112 من أعضاء الائتلاف. على أي حال، يصعب حساب ذلك مادام عدد الأعضاء المتبقين في الائتلاف بعد الاستقالات غير محدد تماماً.

وهذا أحد تجليات الفشل المستمر والمتكرر لهيئات الائتلاف السياسية والعسكرية التي ترمم نفسها، خروجاً ودخولاً، بطرق لا تمت إلى الديمقراطية والشفافية بصلة.

ومن الأمور التي ستظل تثير اللغط أيضاً مشاركة 15 ممثلاً للمجلس العسكري الذي كان قد أقاله في وقت سابق رئيس الائتلاف هادي البحرة. فعدا عن الإقالة، هنالك خلاف قانوني على حق هؤلاء في المشاركة في التصويت. وخلاف تابع آخر يقول إن قرار إقالة العسكريين غير قانوني، وليس من صلاحيات رئيس الائتلاف، بل الهيئة العامة في الائتلاف.

كل ذلك موضع اجتهاد لا تستطيع سوى "هيئة دستورية" الفصل فيه، شأنه شأن الخلافات في تفسير مواد الدساتير في دول كثيرة في العالم، معظمها ينتمي إلى العالم الثالث.

المهم، الآن، هو مذاكرة الناس، والسوريون منهم خاصة، أن الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري أقالت حكومة طعمة الأولى في 22 يوليو (تموز) بأغلبية 66 صوتاً، مقابل 35 صوتاً مؤيداً لبقائه، في محاولة لتقليص نفوذ "الإخوان المسلمين" في المعارضة السورية. والسؤال: من أين جاء طعمة بـ 63 صوتاً ليعيدوا انتخابه رئيساً للحكومة السورية الموقتة؟

يقول محمد فاروق طيفور، وهو نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، ونائب رئيس المجلس الوطني السوري، رداً على بيان الكتلة الديمقراطية التي اتهمت فيه الإخوان المسلمين بمحاولة السيطرة على الائتلاف ومؤسساته، وأخونته، تمهيداً لإقامة دولة إسلامية في سوريا، في حديث لوكالة مسار برس، إلى أن نسبة الإخوان المسلمين في الائتلاف لا تتجاوز 5%، وأن من بين الذين صوتوا لطعمة من الكتلة الديمقراطية كل من ميشيل كيلو، وموفق نيربية، ونغم الغادري، وأنور بدر، وبسام الملك، وسميرة المسالمة، وسهير الأتاسي، وأكرم عساف.

ومن بين هؤلاء جزء من الذين انسحبوا من جلسة التصويت على حجب الثقة عن حكومة طعمة في تموز (يوليو) الماضي، أي كانوا معترضين على إقالة طعمة وقتها. ومعروف أن كلاً من الكتلتين الديمقراطيتين في الائتلاف، وحلفائهما (اتحاد الديمقراطيين السوريين، وكتل: المجلس الوطني السوري، والمجلس الوطني الكردي، وإعلان دمشق) تعانيان من الانقسامات، وغياب المرجعية في ائتلاف لا يمثل أصلاً أي مرجعية للشعب السوري مادام قادته أنفسهم مرتهنين لممولين متعددين يملك كل منهم أجندته ومصالحه الخاصة.

وكانت "الكتلة الديمقراطية"، وحلفاؤها، أصدرت بياناً رفضت استيلاء "الإخوان"، وتحالفهم الجديد، على الائتلاف والمؤسسات التابعة له، وأكدت أن المطلوب خطوات عملية توقف هذا النهج الضار والمدمر للعلاقات السياسية والوطنية، من خلال "وقف العملية الانتخابية، والتراجع عن الإجراءات غير الشرعية في ما يتعلق بالمجلس العسكري وكتلة الأركان، وفتح حوار جدي لإصلاح الائتلاف، ووضعه على قاعدة التشاركية بدلاً من سياسة الاستيلاء والفرض".

رئيس حكومة المعارضة السورية، أحمد طعمة، مد يد التعاون مع الذين انتخبوه أو قاطعوه لتأليف حكومة وطنية، متمنياً "ألا يُحسب على جهة ضد جهة"، مشيراً إلى أن "استراتيجياتنا ستقوم على المبادرة، وليس رد الفعل".

ونقلت "وكالة الأناضول" عن طعمة قوله في مؤتمر صحافي عقده في إسطنبول: "نحضر أنفسنا خلال هذه الفترة من أجل الانتقال بالحكومة إلى الداخل"، مضيفاً "هناك إمكانية كبيرة لإقامة منطقة عازلة في سوريا، قد تقر في غضون الأشهر الأربعة المقبلة، ومن شأن هذا الأمر أن يساهم في تقديم الخدمات بشكل أفضل للسوريين في الداخل".

تستند رهانات طعمة إلى الأمر الواقع بعد انتخابه، ومن جهة أخرى إلى احتمال نجاح المساعي التركية في فرض وجهة نظرها على التحالف المناهض لداعش ليضع نظام بشار الأسد في قائمة ضحاياه المحتملين، ودون ذلك ستستمر حرب الإخوان المسلمين داخل الائتلاف غير المؤتلف، وستستمر انتصاراتهم على الشعب السوري، في الداخل خاصة، قبل الائتلاف المنعم في الفنادق.

لا حل لأحجية الـ 5% من الإخوان المسلمين الذين يتفوقون على 95% من أعضاء الائتلاف دون التفكير بالعامل التركي الداعم لهم، ولا يكفي القول إنهم يتفوقون مالياً وتنظيمياً على مكونات الائتلاف الأخرى لتكون لهم هذه الغلبة، فحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، حتى وإن يتحرك من وراء ستار، فإن فعله يدل عليه.