هارالد ياغر فتح جدار برلين قبل 25 عاماً (أ ف ب)
هارالد ياغر فتح جدار برلين قبل 25 عاماً (أ ف ب)
السبت 8 نوفمبر 2014 / 11:50

الرجل الذي فتح جدار برلين

"افتحوا الحاجز..." بهذه العبارة التي أطلقها خلال الأجواء المشحونة، في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989، سمح حارس الحدود في برلين الشرقية، هارالد ياغر لجموع من الألمان الشرقيين بالاندفاع في اتجاه الغرب وإسقاط الجدار.

بعد مرور 25 عاماً على هذه الأحداث، يروي هذا المناصر السابق للنظام الشيوعي في ألمانيا الشرقية، من على الأريكة في شقته المتواضعة في شمال برلين، ما حصل في تلك الليلة التاريخية، التي تمخض عنها أحد أكثر التغييرات السياسية الكبرى تأثيراً في القرن العشرين.

ويؤكد هارالد ياغر اليوم، "أنني لست الشخص الذي فتح الجدار، مواطنو المانيا الشرقية، هم الذين تجمعوا في ذلك المساء"، مضيفاً، "فضلي الوحيد هو أن هذا الأمر حصل من دون أن تسيل أي قطرة دم".

وفي تلك الفترة، كان قد مضى 28 عاماً على بدء خدمة الكولونيل هارالد ياغر، في شرطة الحدود التابعة لجمهورية ألمانيا الديموقراطية (ألمانيا الشرقية)، في معبر "برونهولمر ستراس" الحدودي شمال برلين الشرقية، وكان حينها ملحقاً بالشرطة السياسية (ستاسي).

وعند توجهه للخدمة في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) ، كان ياغر يتوقع "يوم عمل عادياً" مع 14 رجلاً تحت إمرته اعتباراً من الساعة السادسة مساءاً، موعد عودة المسؤول عنه الى منزله، بطبيعة الحال كانت ألمانيا الشرقية يومها في غليان مستمر، منذ أسابيع والمعابر الحدودية كانت في حال استنفار.

لكن ياغر لم يكن يتصور أن آلاف الاشخاص سيتكدسون أمام نافذة مكتبه بعد ساعات قليلة.

توجه هارالد ياغر الى المقصف "لتناول وجبة خفيفة في المساء"، إلا أن الأمور تسارعت... إذ بدأت قنوات التلفزيون ببث تصريحات زعيم شيوعي، أطلق موقفاً مفاجئاً أعلن فيه سماح ألمانيا الشرقية بالسفر إلى الخارج فوراً ومن دون تأخير لمواطنيها، الذين كانوا محصورين خلف جدار برلين على مدى 28 عاماً.

ويروي ياغر، "بقي الخبز الذي كنت اتناوله عالقاً في حنجرتي، لم أكن أصدق مسمعي وقلت لنفسي: ما هذه الحماقة التي تم الاعلان عنها للتو".

وعندها عاد بسرعة البرق إلى مكتبه، كان زملاؤه يسخرون قائلين: "هارالد، لقد اسأت الفهم".

عندها اتصل بالمسؤول عنه أملاً  في تلقي تعليمات، فسأله الأخير، "هل تتصل بي من أجل حماقة كهذه؟" وحضه على رفد الناس ليعودوا أدراجهم بحال لم يكونوا حائزين أذونات لاجتياز الحدود.

في هذا الوقت، كانت جموع بشرية غفيرة، تجمعت أمام المعبر الحدودي، قرابة الساعة التاسعة او التاسعة والنصف مساءاً، كانت الطريق  طعت بالكامل".

وعندها نهر بزملائه قائلاً، "يجب فعل شيء ما".

وأعطي عندها أمراً برصد العناصر الأكثر حراكاً بين الجموع، والسماح لهم بالعبور إلى برلين الغربية لتهدئة الاجواء، "لكن ذلك كان له أثر معاكس، الجموع أصبحوا أكثر حراكاً"، بحسب ياغر الذي أصيب حينها بالضياع، إذ كان يخشى أن تتسبب حال الفوضى والتدافع الى دهس أشخاص من الجموع.

عندها قلت لنفسي: "الآن عليك بالتصرف، أياً كانت العواقب، علينا ترك مواطني المانيا الشرقية تعبر الحدود"، بحسب ياغر الذي توجه عندها إلى رجاله قرابة الساعة 23,25 و23.30" قائلاً، "افتحوا الحاجز".

بقي زملاؤه مسمرين في مكانهم، فاضطر لتكرار أوامره.

وبعد مرور ربع قرن على هذه الاحداث، في هذه الشقة الصغيرة التي تفوح منها رائحة التبغ، لا يزال يمكن تلمس مشاعر تأثر قوي حيال تلك المرحلة، فقد شكل ذاك اليوم نهاية عالم مقسم إلى إثنين منذ الحرب العالمية الثانية.

ويروي ياغر(71 عاماً) والابتسامة على محياه، "لم أر يوماً مثل هذا الاغتباط ، ولم أر أمراً شبيهاً بذلك اليوم".