الأربعاء 19 نوفمبر 2014 / 11:47

القائمة الإماراتية للإرهاب: الزموا حدودكم



في الوقت الذي تعلو فيه صرخة فرنسا وصدمتها جراء اكتشاف أن أكثر من ألف "جهادي" يحملون الجنسية الفرنسية انطلقوا من المساجد وما يسمى "الجمعيات الخيرية" وما شابه ذلك للقتال في سوريا والعراق تحت راية أكثر التنظيمات توحشاً في التاريخ الحديث، أي تنظيم داعش.
وفي الوقت الذي تتواصل فيه التحقيقات البريطانية حول "جمعيات ومنظمات" خيرية و"إنسانية" تعمل على الأراضي البريطانية، ولها صلات مشبوهة بإرهابيين، سواء تمويلاً أو تجنيداً، وقد رأينا بعض أولئك الإرهابيين في فيديوهات النحر والقتل، بعد أن تم غسل أدمغتهم في مدارس ومساجد ومنظمات يديرها متطرفون في بريطانيا...

وفي الوقت الذي تعلو فيه صرخة أمريكا، وتقرر فيه إعادة قراءة سياساتها الإستراتيجية في مواجهة داعش والإرهاب، عقب فيديو نحر المواطن الأمريكي على يد داعش، ناهيك عن الأخبار اليومية تقريباً لإلقاء القبض على "جهاديين" أمريكيين يتسللون أو يحاولون التسلل إلى سوريا والعراق...

وفي الوقت الذي تثبت فيه الأرقام والوقائع أن آلاف الجهاديين يتدفقون يومياً من مختلف بلدان أوروبا، لكي يأتوا ويمارسوا هواية القتل في الأراضي العربية، مستغلين في ذلك الثغرات في قوانين بلادهم وإجراءاتها، وفي بعض الأحيان مستغلين تهاون السلطات، بل وأحياناً غضها الطرف عن تسربهم عبر حدودها، في رغبة منها – كما يرى محللون – للتخلص من أولئك المتطرفين على أراضيها ورميهم داخل حدود بلدان الشرق الأوسط، مثلما كانت تفعل دول صناعية في التخلص من المواد الكيماوية والسامة برميها في بحور بلدان بعيدة...

أمام هذا الواقع الواضح للعيان، وبصرف النظر عن طبيعة القائمة الإماراتية للإرهاب، وما إذا كان يمكن تطويرها وتعديلها تحديثها مستقبلاً، وأيضاً عن المناقشات التي يمكن أن يجريها المسؤولون الإماراتيون مع مسؤولي بعض البلدان الأوروبية، حول وجهة نظر دولة الإمارات في تصنيفها بعض المنظمات والمؤسسات على قائمتها للإرهاب، تبدو مستغرباً ردة فعل بعض الجهات المستاءة من ورود أسماء بعض الجمعيات والمنظمات على القائمة الإماراتية للإرهاب، وهو الأمر الذي يتجاوز فيه المحتجون بكل بساطة حدودهم، وحدود بلدانهم ودولهم، ويمارسون تدخلاً سافراً لا يمكن تفسيره إلا بالتناقض الحاد والازدواجية الغريبة في التعامل مع ملف الإرهاب.

حين أعلنت دولة الإمارات قائمتها لم تحاول فرضها على أحد. ولا طالبت دولة أو حكومة أخرى بالالتزام بها، بل تصرفت انطلاقاً من فهمها الخاص لمصالحها ومصالح الشعب الإماراتي وأمنه وأمانه، وبناء على معطيات محددة نتجت عن تعرض دولة الإمارات لمؤامرات إرهابية واكتشاف خلايا تعمل على بثّ الفوضى والخراب، معتمدة في جزء كبير منها على شبكة تمويلات مالية ممتدة في الغرب، باسم العمل الإغاثي أو الشرعي أو ما شابه ذلك.

لعلّ ما يطلبه أولئك المحتجون أن تقع الفأس في الرأس مثلما يقال، قبل أن تقرّ حقّ الإمارات في اتخاذ مثل هذه القرارات السيادية، أو لعلها تريد تكرار تجربتها الفاشلة في التعامل مع التطرف المتنامي بين ظهرانيها باسم الدين والعمل الحقوقي والإنساني، أو لعلها تريدنا أن ننتظر أن تعي بعد سنوات، يكون حينها قد فات الأوان لاتخاذ أي خطوات مجدية، مدى الخطر الذي تشكله بعض ما يسمى جمعيات النفع العام التي ليست في نهاية المطاف سوى واجهات للعمل السري المنظم الذي تقوم به بعض المنظمات مثل الإخوان وداعش والقاعدة وما يسمى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
لقد قامت الإمارات بخطوة رائدة بإعلان قائمتها للإرهاب، وبدلاً من أن "تتفلسف" بعض الجهات علينا، ومنها مثلاً منظمة العفو الدولية التي قدّمت مطالعة لا صلة لها بالواقع لا من قريب ولا من بعيد، يجدر بالأطراف الأخرى في العالم مراجعة نفسها وإجراءاتها وسياساتها وقوانينها، بدلاً من انتقاد دولة كلّ ما تقوم به وتطمح إليه هو حماية مواطنيها من المخاطر المحدقة بالمنطقة في هذه المرحلة البالغة التعقيد والحساسية، دون أن تتدخل في ذلك بشأن أيّ دولة من الدول، ودون أن تمارس أيّ أمر مخلّ بالقوانين والأنظمة والأعراف الدولية.

لقد أعلنت الإمارات وبكلّ وضوح وشفافية و"سيادية" موقفها وتصورها ومدى استعدادها للحفاظ على حياة ومستقبل أبنائها، وهذا هو منطلق أيّ حوار منطقي مع أيّ طرف لديه تحفظات معينة يمكن الأخذ بها أو رفضها، أما من يتوهم أن دولة الإمارات قد ترضخ تحت أيّ ضغوط وتجازف بمكتسبات شعبها، إرضاء أو مجاملة لأي كان، فإنه لا يفهم مبادئ ومنطلقات السياسة الإماراتية وحقيقة أن البارومتر الوحيد الذي تعتمده الدولة في اتخاذ قراراتها وخطواتها هو رخاء وسعادة وأمن وأمان شعبها، وليس شهادة حسن سير وسلوك من جمعية خيرية هنا، أو منظمة "حقوقية" هناك.