الخميس 27 نوفمبر 2014 / 19:57

متى يدرك دعاة "الفوضى" أن نهايتهم الفشل؟

 
منذُ بداية ما يسمى بالربيع العربي ونحن نسمع شعارات رنانة باسم "الحرية والديمقراطية" من قبل "الثورجية" وحركات الاسلام السياسي وتنظيم داعش الإرهابي والمنظمات الدولية مثل "العفو" و"هيومن رايتس ووتش" التي هي في الأصل حقوقية ولكن أصبحت خرافية وهزلية، ولعل مع تكرار الكلمتين يسأل القارئ والسامع نفسه ما هي الحرية والديموقراطية التي يسعون إليها؟ و هل الأوطان تحرم شعبها من هذه الحقوق سالفة البيان؟!

للحرية مفهومان لا ثالث لهما، فالحرية المطلقة وتعني الفوضى، والحريّة المقيدة وتبدأ منذُ العصور البدائية "العرف" إلى العصر الحديث ومحكومة بالقانون، فـ "أنت حر ما لم تضر"، و"الحرية مسؤولية".

الحرية الأولى تكون دون قيود أبداً، وبصورة أدق لا تكون محكومة بقانون يضبط سيرها، وهذا النوع لا أساس له بتاتاً، ومن يسعى إليه لا يريد إلا "الفوضى"، أما الثانية فهي مكفولة في القانونين الدولي والمحلي، فقد كفلا الحرية بجميع أشكالها بشرط أن لا تتجاوز الخطوط الحمراء، ومثال ذلك: نص المادة "19" من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، حيث جاء فيه "حرية اعتناق الآراء والأفكار بدون تدخل أو مضايقة، وحق التعبير عن الرأي بأي وسيلة إعلامية كانت"، إلا أن القانون أنه لم يترك الحرية مطلقة، فقد جاء في الفقرة الثالثة من نفس المادَّة والفقرة"1-2" من المادة20 من نفس العهد أن "هناك واجبات ومسؤوليات طبقاً للقانون:

1-احترام حقوق الغير وسمعة الآخرين

2-حماية الأمن القومي أو النظام العام

3-حظر الدعاية من أجل الحرب

4-حظر كل دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضاً على التمييز أو العدوان أو العنف.

ومن سعى لهذا النوع من الحرية لم يرد إلا ضماناً لحقوق الإنسان بشكل نظامي دون التعسف والمساس بالحريات ولكن في حدود القانون.

أما الديموقراطية، فَهِي عبارة عن نظريات فلسفية مرت بها الشعوب، وكل نظرية ترتبت عليها آثار ووجدت انتقادات لها عندما أُسقطت على الواقع، إلا نظرية التطور التاريخي، وهي أقرب للواقع المنتظم المعمول به غالباً، وتذهب هذه النظرية إلى أن الدولة هي وليدة تفاعل عوامل متعددة تختلف أهميتها من بلد إلى آخر حسب الظروف الطبيعية والتاريخية والاقتصادية والاجتماعية وحتى العوامل المناخية، وتفاعلت على امتداد التاريخ حتى تطورت وظهرت الجماعة السياسية، وساعد على هذا التطور الرغبة في بلوغ غايات مشتركة وإحساس عام بضرورة العيش سوية للدفاع عن أرواحهم ومصالحهم ثم تطورت الجماعة حتى أصبحت دولة على النحو الذي نراه.

بعد جميع ما سبق، نرى أن الدول لم تكن غافلة أبداً، ونظمت جميع هذه الأمور بشكل يكفلها بشكل يحفظ حقوق وحريات الشعوب، لكن من أشرت لهم في البداية لا يريدونها بهذه الطريقة ويفضلونها فوضى خلاقة تهدم جميع المبادئ والقيم التي بُنيت عليها الحرية والديموقراطية، يريدون أن يعم الدمار الأوطان ليسهل لهم القيام بجميع ما يناهض حقوق الإنسان والرجوع بالبشر إلى زمن العبودية.

إن من يطلع على القوانين الدولية والوطنية، والتراث الإنساني عبر مراحل تطوره المختلفة يدرك أنه لا يوجد في العالم بأسره ما يسمى بالحرية المطلقة ولا الديموقراطية "الثورجية"، وأن ومن يسعى إليهما عن طريق الفوضى، فلن يقابل في النهاية إلا الفشل، ورفض الشعوب له ولفوضاه المُدمرة.