الجمعة 28 نوفمبر 2014 / 15:14

متاحف بريطانية تضع صناديق خاوية احتجاجاً على قوانين "منع" النشر

إعداد ـ أحمد شافعي

"لا تحزن عليَّ، سأموت سعيداً، فلا ميتة للمرء خير من ميتته وهو يؤدي واجبه" كذلك كتب المقدم روبرت دانلوب سميث، مستدركاً بقوله: "ولكن، كن على يقين من أنني ظللت أفكر فيك حتى اللحظة الأخيرة".

غير أن صندوق العرض الذي يفترض أن يحتوي رسالة دانلوب يظهر خاوياً في مكتبة اسكتلندا الوطنية. كان المقدم سميث قد قتل سنة 1917 أثناء أدائه واجبه، ولكن رسالته التي بعثها لأبيه لتفتح في حالة وفاته لم تنشر قط، وتبقى ممنوعة من العرض حتى عام 2039 بموجب قانون حقوق النشر.

يعرض الصندوق الخاوي في سياق احتجاج المكتبات والمتاحف في شتى أرجاء المملكة المتحدة على قوانين حقوق النشر التي تمنع عرض الرسائل واليوميات غير المنشورة التي ترجع إلى فترة الحرب العالمية الأولى، وهي القوانين التي يرى أمناء المكاتب والمتاحف أنها "تحد من قدرتنا على عرض وفهم تاريخنا المشترك بل وتشوهه".

يصادف زوار المتحف الحربي الإمبراطوري في لندن ومكتبة اسكتلندا الوطنية في إدنبرة صناديق خاوية إلا من ورقة نصها "كنا نود لو نعرض لكم هنا رسالة جندي شارك في الحرب العالمية الأولى. ولكننا بسبب قوانين حقوق النشر السارية نعجز عن عرض الرسالة الأصليلة. هذه القوانين تعني أن يظل بعض أهم اليوميات والرسائل غير قابل للعرض".

كانت المنظمات التي احتفلت على مدار 2014 بمئوية الحرب العالمية الأولى ترغب أشد الرغبة في عرض اليوميات والرسائل غير المنشورة، ونظرا لخضوعها لحماية قوانين حقوق النشر، فقد كان لا بد من الحصول على إذن من أصحاب تلك الحقوق، حتى إذا كان قد مضى على وفاة الكاتب أكثر من سبعين عاما (وهي المدة القانونية لسقوط حقوق ملكية أغلب المواد المنشورة)، وفي الوقت الراهن لا يمكن نشر أغلب هذه النوعية من الأعمال قبل عام 2039 مهما يكن عمرها.

ولكن هيئة أمناء المكاتب المعروفة بالمعهد القانوني للعاملين في المكتبات والمعلومات تقول إن قرابة خمسين في المائة من السجلات المؤرشفة في المملكة المتحدة أعمال يتيمة، أي لا يمكن التعرف على أصحاب حقوقها أو تعقب آثارهم، ويمتلك المتحف الحربي الإمبريالي وحده قرابة مليوني وثيقة تعد من الأعمال اليتيمة.

وأشار المتحف الحربي إلى رسالة معينة ممنوعة من العرض. فقد كتب كورنليوس أودونغيو إلى أبويه أثناء خدمته كسائق لمركبة الإسعاف الثامنة عشرة في شرق أفريقيا، في الثامن من يناير سنة 1918، وبعد شهر من كتابته الرسالة مات أودونغيو بالملاريا في دار السلام: "إنني لم أزل في أرض الأحياء، إلى حد كبير، ولكنني شأن بقية الأولاد، أحلم باليوم الذي سوف أرجع فيه إلى انجلترا. لياقتي جيدة والحمد لله، باستثناء نوبتي حمى أصبت بهما، وأتعافى بسرعة".

حملة "حرروا تاريخنا" تلقى الدعم من منظمات عديدة من بينها "أمناء المجموعات" و"تحالف حقوق نشر المكتبات والأراشيف" ومعهد العاملين في المكتبات والمعلومات. ويرجو منظمو الحملة من حكومة المملكة المتحدة تنفيذ الإصلاحات التي وعدت بإدخالها على قانون حقوق النشر، والتي من شأنها تقليص المدى الزمني لحماية حقوق النشر إلى حياة الكاتب ثم سبعين عاما بعدها.

علاوة على عرض الصناديق الخاوية، قام المحتجون بتقديم التماسات إلى وزيرة الملكية البارونة نيفيل رولف تحمل توقيعات أكثر من ألف شخص مطالبين بتغيير القوانين. وتقول نيفيل رولف إنها توافق على "أن يكون مدى حماية حقوق الملكية للأعمال غير المنشورة متسقا مع مدى الأعمال المنشورة" وتقول إن ثمة مداولات جارية لتقليص مدى الحماية المتعلق بالأعمال غير المنشورة.

وكتبت نيفيل رولف تقول إن "الحكومة سوف تعمل بجد على تقديم اشتراطات 2039 إلى البرلمان خلال الأشهر الستة القادمة " في حين يرى منظمو الحملة أن التعديل ضروري وعاجل ويخشون أن تختفي هذه الخطط من أجندة الحكومة مع اقتراب الانتخابات العامة.