السبت 13 ديسمبر 2014 / 18:44

عن جريمة النقاب التي وقعت في غياب المحرم



أصبنا جميعاً بالذهول، جراء الجريمة الشنعاء التي شهدتها أبوظبي، تلك الجريمة التي انشطرت وتشظت مثل خلية ضارة لتكوّن عدة جرائم صغيرة متصلة ببعضها، و لكل شطر منها قبح شنيع لا يحتمل!

في البداية، أزهقت روح بريئة، لا لذنب اقترفته، ولكن لأن مجرمة اختارتها بكل برود وكانت ضربات السكين الحادة التي سرقت ابتسامة إيبوليا الآسرة والمحزنة في الوقت نفسه، والتي نراها في آخر صورها في المدرسة، وهي تحتضن أبناءنا وتشاركهم الاحتفال بلبس ثياب تقليدية، كانت إيبوليا، كما يمكن أن أتخيل، تشعر أيضاً أن هذا البلد الذي تعطي فيه من عمرها وعلمها، يقدر ما تفعله، فترد له ذلك بابتسامة تهديها للصغار وبثوب ترتديه، لكن سكين مجرمة النقاب القبيحة انتزعت تلك الابتسامة النقية، وتركت لنا ولأبناء إيبوليا الصور فقط!

مجرمة النقاب نفسها, كادت أن تقتل طفلاً صغيراً كان يتأهب للذهاب للصلاة, لولا رحمة رب العالمين وفضول الصغار وسرعة البديهة التي حمته من قنبلة بدائية الصنع, ربما كانت ستودي به لو عبث بها قليلاً أو لو والده أن يستكشف العبوة الغريبة أمام منزله!

المجرمة المنقبة بالإضافة لكل ذلك، اختارت توقيت الاحتفال بيومنا الوطني ربما ظناً منها أنها ستسبب بفكرها المريض زعزعة أمنية أو بلبلة لكنها لم تفلح في ذلك والله وحده يعلم كم روحاً كانت تخطط المجرمة لإزهاقها لولا لطف الله ويقظة رجال الأمن وعلى رأسهم الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، الذين كانوا لها ولمخططها القبيح بالمرصاد!

الآن و بعد الإمساك بالمجرمة وتصوير الأدلة و لحظة الإمساك بها, انبثقت بعض الأصوات الخبيثة التي شككت أولاً في الفيديو الذي نشره الإعلام الأمني، معتمدين على دلالات غبية, ولقد قام الموقع الإماراتي العربي 24 بمناقشة فيلم التشكيك وتبيان كذبه وافترائه، والغريب أن هناك أصواتاً بصورة غير مباشرة حاولت التشكيك في الفيلم, وحقيقة لست أفهم معنى هذه التصرفات، وتلك المحاولات المريبة في النيل من رجال الأمن!

شخصياً، انتبهت أولاً للعلم المقلوب الذي وضعته المجرمة المنقبة على سيارتها, وعرفت عندها كم هذه المجرمة حاقدة على هذا الوطن الذي استهدفته في مناسبة احتفاله باليوم الوطني الثالث والأربعين.

والشيء الذي لا زال كثيرون يجادلون حوله هو (نقاب) المجرمة! وفي رأيي الشخصي كان ذلك النقاب أداة من أدوات جريمتها، ظنت به أنها ستنجو، حين تخبئ ملامح وجهها به والقفازات، لكننا نعرف ان الببغاوات تردد في مواقع التواصل الاجتماعي أن النقاب ليس مهددا للأمن الاجتماعي، بل لا يمكن أن يحول دون كشف المجرمة أو المجرم! لكن ماذا نفعل بمئات الجرائم في العالم العربي التي ترتكب باستغلال النقاب، ولا يكتشف المجرم؟ لقد استخدم كثيرون قبل جريمة النقاب التي حدثت في الإمارات، النقاب في جرائم متعددة الأشكال والأنواع والأنماط.

لا أقول إن كل منقبة مجرمة، ولا إن لكل لابسة نقاب توجه إجرامي لاسمح الله! و لكن أقول إن الجدل حول النقاب مضحك! فالنقاب دخيل علينا، وأمهاتنا قديماً عرفن البرقع الإماراتي المعروف والغشوة, والصور القديمة الذي يتداولها بعض المغردين تثبت ذلك، لبس المرأة الإماراتية للبرقع والغشوة، وإن قسنا الموضوع على الصور القديمة فجدير بالذكر أيضاً أن المرأة في مجتمعنا لم تكن عندما ترتدي البرقع والغشوة تنتقل من مكان إلى آخر، وتدخل المولات وحيدة ليس برفقتها أحد، بل كانت تتنقل بوجود محرم ورفقة صالحة.

لا يوجد نص شرعي واحد يدل على وجوب لبس المرأة للنقاب, وحين أكتب عن ذلك فأنا قطعاً لا أطلب من النساء خلعه فهو خيار شخصي! و لكن القول بأنه واجب شرعاً وأن من يناقش قضية النقاب فاسق وليبرالي ويريد النيل من المرأة وغيرها من النعوت غير المنطقية، أقول له اقنعني بنص شرعي واحد، وليس باجتهادات تبطن موقفاً غير مستند على أية أسس علمية!

ونجد أصول النقاب يهودية, وابحثوا قليلاً في الكتب أو استفيدوا من محركات البحث، واقرأوا عن أصوله! ثم تعالوا لتخبروني عن تمسك الطائفة اليهودية الحريدية بنقابها!

إنني كامرأة مسلمة، لا تقبل صلاتي ولا طوافي بغطاء، فكيف يجادلني أحدهم في قطعة قماش جاءت من ثقافة يهودية دخيلة وأصبحت ضمن عادات وتقاليد اختارها بعضهم لأنفسهم؟

أن تكون لي وجهة نظري حول النقاب لا يعني أني أطلب من أمك أو أختك أو زوجتك أو ابنتك خلعه، وإن فعلت وخلعته من وراء تغريدة أو مقال منشور فذلك يعني ببساطة أنك لا تستطيع أن تفرضه على امرأة حرة! جرب أن تقنعها بوسائل أخرى غير المزايدات الدينية! كن صريحاً مثلاً وقل لها إنها عادة تريد أن تفرضها عليها!

نعم، هي جريمة النقاب، وهي المجرمة المنقبة, وحين أسميها بذلك، فإنني لا أقول إن النقاب جريمة! ولكن أقول إن المجرمة استغلته لترتكب جريمتها، وهذا ما يجب أن نوليه الاهتمام الحقيقي. و للحديث بقية!