الجمعة 19 ديسمبر 2014 / 01:48

خريطة الصراعات العالمية في عام 2015

24 - طارق عليان

غالباً ما تنطوي السياسة الخارجية على اتخاذ خيارات صعبة وقابلة للنقاش حول البلدان الأكثر جذباً لاهتمام دولة معينة، وبمدّ الخط على امتداده، البلدان الأقل جذباً أيضاً.

تُجرى هذه الدراسة سنوياً تحت إشراف "مركز للعمل الوقائي" التابع لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية وأشارت إلى أن العنف في العراق بين داعش والجيش العراقي وبين السنة والشيعة على نطاق أوسع سيحتل أولوية قصوى بالنسبة للولايات المتحدة في السنة المقبلة

يتعلق الأمر بتحديد المصالح الوطنية وتحديد البلدان التي تكون فيها المصالح أكثر وضوحاً وأكثر عُرضةً للتهديد، وهذا هو السبب وراء ما فعلته الولايات المتحدة لوقف تنظيم داعش في سوريا والعراق بصورة أكبر من، لنقل مثلاً، الحرب الطائفية في جمهورية أفريقيا الوسطى.

باختصار، المسألة تتعلق بالأولويات، وتشير دراسة جديدة أجراها خبراء في السياسة الخارجية الأمريكية وممارسين لها، نشرتها مجلة "أتلانتك" الأمريكية، إلى أن هذه الأولويات يمكن أن تبدو أشبه كثيراً بالخريطة المبينة أعلاه لعام 2015، على الأقل من وجهة النظر الأمريكية.

تبين الخريطة الصراعات المحتملة في جميع أنحاء العالم وتصنفها إلى ثلاثة مستويات للمخاطر: الأحمر للتهديدات ذات الأولوية العالية، والبرتقالي للتهديدات ذات الأولوية المتوسطة، والأصفر للتهديدات ذات الأولوية المنخفضة.

صورة رمزية للمواقع محل الاهتمام
يقول المؤلف الرئيسي لتقرير الدراسة بول ستيرز، إن هذه الخريطة عبارة عن صورة رمزية ملونة "للمواقع التي ستجذب اهتمام الولايات المتحدة ومواردها" في العام المقبل.



على هذا النحو، تعتبر هذه الخريطة بمثابة دليل للأماكن والصراعات التي من المرجح أن تلقي اهتماماً قليلاً نسبيّاً من جهاز الأمن القومي للولايات المتحدة في الأشهر المقبلة.

تُجرى هذه الدراسة سنوياً تحت إشراف "مركز للعمل الوقائي" التابع لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، وأشارت إلى أن العنف في العراق بين داعش والجيش العراقي، وبين السنة والشيعة على نطاق أوسع، سيحتل أولوية قصوى بالنسبة للولايات المتحدة في السنة المقبلة.

وتشمل السيناريوهات المحتملة الأخرى ذات الأولوية العالية على هجوم كبير على الولايات المتحدة أو حليف لها؛ وهجوم إلكتروني على البنية التحتية الأمريكية؛ وأزمة تتعلق بكوريا الشمالية؛ واحتمال توجيه ضربات عسكرية إسرائيلية ضد المواقع النووية الإيرانية؛ ومواجهة بين الصين وجيرانها على المطالب الإقليمية في بحر الصين الجنوبي؛ وتصعيد في الحرب الأهلية السورية؛ وتزايد عدم الاستقرار في أفغانستان.

تجدر الإشارة إلى أن هذه السيناريوهات تشتمل أيضاً على حالتين من الحالات الطارئة التي لم يشر إليها تقرير العام الماضي، وهما: تكثيف القتال بين القوات الأوكرانية والميليشيات المدعومة من روسيا في أوكرانيا، وتصاعد العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

تزايد المخاوف بشأن العراق وأفغانستان
وأعرب المشاركون في الدراسة لهذا العام عن المزيد من المخاوف حول العراق وأفغانستان بصورة أكبر مما كشفوا عنه في تقارير سابقة، جنباً إلى جنب مع "عدم الارتياح إزاء المواجهة مع روسيا والصين"، حسبما ذكر ستيرز، مدير مركز العمل الوقائي.

وكان المشاركون أكثر قلقاً من العام الماضي أيضاً بشأن اندلاع محتمل لانتفاضة ثالثة في إسرائيل، والنتائج المترتبة على احتمال انهيار المحادثات النووية بين إيران والقوى الغربية، بينما كانوا أقل قلقاً من العام الماضي حول الصراعات في بلدان مثل الصومال وجنوب السودان ومالي، وهذا لا يعني بالضرورة أن عدم الاستقرار قد انحسر عن هذه المجموعة الأخيرة من البلدان؛ ولكن يبدو أن هذه البلدان تراجعت من حيث الأولوية بالنسبة لمشاركين في الدراسة.

وأوضح ستيرز قائلاً: "إن الطريقة التي يصنف بها الناس الأهمية النسبية لهذه الصراعات مثيرة للاهتمام، ويعتبر خطر التدخل العسكري الأمريكي والانتشار النووي والإرهاب بمثابة المعايير الرئيسية للطريقة التي يستخدمها معظم الناس للحكم بأهمية أحد الصراعات بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة، وتقع الاهتمامات الإنسانية بالتأكيد في أسفل القائمة من حيث التسلسل الهرمي للمصالح".

الأمن الداخلي وزعزعة الشرق الأوسط من أبرز الأولويات
ويتابع قائلاً: "يهيمن الأمن الداخلي وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط وشرق آسيا على المستوى الأول من الأولويات، ويقع في المستوى الثاني مزيد من الصراعات الأفريقية فضلاً عن حالات في جنوب آسيا، ويمكنك أن ترى أنه على الرغم من رغبة أمريكا في التركيز أكثر على آسيا، فستظل مشغولة بالشرق الأوسط الكبير في المستقبل المنظور".


رؤية واسعة للعالم من خلال عدسة الأمن القومي الأمريكي


لا تُبين هذه الخريطة أشد الأماكن عنفاً في عام 2015، أو البقعة التي ستكون فيها هذه الاضطرابات أكثر زعزعة للاستقرار أو إحداثاً للتحولات، فهي ليست نتاج برمجيات متطورة للتنبؤ ببؤر التوتر القادمة في العالم، وإنما تعطينا رؤية واسعة للعالم من خلال عدسة الأمن القومي للولايات المتحدة؛ فهي انعكاس للقلق الحالي بين الخبراء أكثر منه توقعاً بالتطورات المستقبلية (على سبيل المثال، لم لم يشتمل تقرير العام الماضي على توقعات بصعود داعش أو استيلاء فلاديمير بوتين على شبه جزيرة القرم، على الرغم من أنه حذّر من اندلاع حرب أهلية في العراق).

إن نتائج التقرير، على حد قول ستير، "غالباً ما تكون مجرد استقراء للماضي القريب".

للوصول إلى نتائج الدراسة، قام ستيرز وزملائه الباحثين بسؤال 2200 شخص من المسؤولين في الحكومة الأمريكية والأكاديميين والخبراء لتقييم تأثير واحتمالات 30 سيناريو، تم اختيارها من أكثر من ألف اقتراح جذب الاهتمام على الإنترنت، وتم فرز إجاباتهم حسب المصفوفة المبينة أدناه.



تعتمد الأولوية، بطبيعة الحال، على تأثّر "المصالح" الأمريكية، وفي التقرير، يشير سيناريو "الأولوية القصوى" إلى تأثير "يهدد الولايات المتحدة مباشرةً أو من المرجح أن يؤدي تدخل عسكري أمريكي نتيجة التزامات بمعاهدات، أو يهدد إمدادات الموارد الاستراتيجية الأمريكية الهامة".

أما سيناريو "الأولوية المنخفضة"، فيشير إلى تأثير "قد يكون له عواقب إنسانية وخيمة وواسعة النطاق، ولكن يقع في بلدان ذات أهمية استراتيجية محدودة بالنسبة للولايات المتحدة".

وأخيراً، إذا كان لديك تفسير آخر لمعنى "المصالح"، فسيبدو لك العالم بصورة مختلفة.