الجمعة 19 ديسمبر 2014 / 18:02

انتهازية حماس في العلاقة مع إيران




لم تكن علاقة حماس بالنظام السوري، التي تشكلت في نهاية التسعينيات، علاقة مبنية على مبادئ أو فكر أيديولوجي، واتسمت بصورة واضحة بأنها علاقة انتهازية تخلو تماماً من أية قدسية، كانت فيها الحركة بحاجة لمقر بدلاً من عمان، بعد أن اتخذت قراراً بطرد قيادة الحركة وسحب جنسياتهم الأردنية، ودمشق تعاملت مع الحركة كورقة يمكن استخدامها في وجه الأردن والسلطة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات وقتذاك، فدمشق كانت تريد أن تتزعم المشهد السياسي العربي كزعيمة للمقاومة من خلال تحالفها التقليدي مع حزب الله ومن خلال "احتضانها" حماس بعد طردها من عمان، وذلك في مواجهة محور السلام العربي المتمثل في الأردن والسلطة الفلسطينية ومصر، وكان التحالف بين سوريا وحماس يتجاهل تماماً حالة التناحر بين دمشق وتنظيم الإخوان المسلمين السوري أو التنظيم الدولي للإخوان وهو ما كان يؤكد انتهازية العلاقة.

حماس وبتحالفها مع دمشق كانت تضع المال الإيراني نصب عينيها، وجعلته هدفاً أساسياً في حساباتها الاستراتيجية، خاصة بعد توقف العديد من العواصم الخليجية والعربية عن تقديم الدعم المالي لحماس في ذروة "حالة السلام مع إسرائيل"، التي بدأت بعد اتفاقيات أوسلو عام 1993، ونمت بين حماس وطهران علاقة استثمرت فيها إيران حماس كذراع عسكري لتنفيذ أجندة الهيمنة الإيرانية، ووصلت العلاقة "الوظيفية" لحماس مع طهران إلى مستوى تجاوز تلك العلاقة التاريخية بين حركة الجهاد الإسلامي وإيران، من حيث الدعم المالي والسياسي، لكن ورغم عمق التحالف بين الجانبين أو لنقل تبادل المصالح، إلا أن هذه العلاقة لم تكن تحمل في طياتها أية "قدسية" فحماس كانت "حالة نشاز" في تحالف يحمل طابعاً طائفياً طاغياً يضم طهران وسوريا وحزب الله، ولهذا وبمجرد أن تفجرت الثورة ضد النظام السوري قبل أربع سنوات تقريباً، وجدت الحركة نفسها تغرق في مأزق التناقض بين تحالفها مع النظام السوري وإيران، وبين ارتباطها التنظيمي العضوي مع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين الذي أخذ قراره بعد تسلمه السلطة في مصر بإسقاط النظام السوري.

الضربة القاصمة لحماس كانت بسقوط نظام المرشد برئاسة محمد مرسي في مصر، حيث كانت قد حرقت كل سفنها مع سوريا وايران وحزب الله وحتى مع أغلبية الدول الخليجية، ورغم أن الحرب الإسرائيلية على غزة هذا العام كانت وفرت للحركة فرصة متواضعة للعودة إلى المشهد السياسي العربي والدولي، إلا أن التناقض في حسابات الحركة بين الداخل والخارج من جهة، والصراع الداخلي أي داخل غزة بين بقايا التيار التابع لإيران بقيادة محمود الزهار وتيار اسماعيل هنية التابع لإخوان مصر قد فوت على الحركة القدرة على توسيع هامش تحركها للوصول إلى بناء تحالفات داخل واقع عربي وإقليمي بات الفرز فيه حاداً لدرجة كبيرة جداً، وغابت منه "المناطق الرمادية" التي كانت حماس "تعتاش" عليها كما في السابق، حين كانت تجمع في علاقتها تركيا بقطر بطهران بدمشق.

وفي محاولة من الحركة للخروج من أزمتها بصورة عامة والمالية – العسكرية بصورة خاصة، قام وفد من الحركة في التاسع من الشهر الحالي بزيارة طهران، بهدف إعادة ترطيب العلاقات بين الجانبين، على الرغم من إن حالة التناقض الجذرية التي كسرت التحالف السابق مازالت موجودة، وأقصد هنا التناقض بشأن "الحالة السورية"، فإيران ليس لديها مشكلة في إعادة التعامل مع حماس كأداة لتنفيذ أجندتها في التصعيد، وفي المقابل فإنه من الواضح أن حماس ليس لديها مشكلة في أن تلعب دور الأداة مقابل المال .