الجمعة 19 ديسمبر 2014 / 23:53

صورة الطفولة



- أكره صور الطفولة، لأنها تعرف كم بقي من العمر للانتهاء

- تمسك الصور وقد تملكك الاشتهاء لكل ما فيها، بصمة اليد التي تعبت من عدد السنين، الشيب الذي انتشر علي أطرافها محاولاً إخفاء لمعة عينك العجوز، تجاعيد أصابعك التي تطل علي عينيك الصغيرتين.

- صورة الأب المبتسم وهو يتباهى بذوائب الشعر الأسود الطويلة السبعينية، لم يكن يعلم أن هذه اللحظة ستكون ذكرى حزينة لعمر مر.

- ابتسامة الأم بحجاب قصير ثمانيني ، التي توقفت في الصور فور سماع خبر موت ابنها في الخارج التي تحمله علي يدها وهو صغير.

- الخالة التي ربتني مبتسمة لانتظار الموت في لحظة بعد أن تآكل جسدها بسبب مرض السكر، حيلها في الدفاع عني أمام أبي عندما أخطئ، وضحكتها التي لما تفارقها، وسخريتها من كل شيء، كل شيء، الخالة التي أخبرتني أن هذه الحياة ليست ملك أحد، هي ملكك وحدك فلا تتركها لأحد لأنك اذا تركتها تجاوزتك، اليوم وأنا أمسك الصورة الجماعية أبكي لفراقها الذي أوجعني وكسرني.

- الستائر البيضاء التي لم تكن تعبأ بالأتربة ولا بصوت البائع الجهوري علي أطعمة تذوقها الذباب قبل أن تأكلها أنت.

- صوت المؤذن الذي ظل ينادي للصلاة دون جدوى، والذي أضافت عليه السنين نوعاً من السكينة والحزن.

- أما أنا فقد قصصت مكاني من الصور عل الذاكرة تمحوها ولا يكون هناك سبيل للتذكر، وسأتعامل مع الشيب لحظة بلحظة كأنه واقعي منذ الطفولة.

- الآن.. لم يكن هناك أصوات تدخل من النافذة سوى الرصاص وهمهمات بعض المارة الذين يملكون صوراً حزينة يبتسمون بها وتجاعيدهم التي رسمت خريطة الحوائط بارتعاش.

- أنا الآن عجوز حزين من كسرة القلب ووجع فراق أحبتي، أنا الآن وحيد أبحث عن صور الذكريات لأضعها في صندوق مظلم بارد لا يدخله نور، أنا الآن مكسور.