الأحد 21 ديسمبر 2014 / 14:21

وول ستريت جورنال: الأسد مسؤول عن تصفية آصف شوكت

24 - إعداد: راما الخضراء

نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، اليوم الأحد، تقريراً يتناول نظرية جديدة حول اغتيال نائب وزير الدفاع السوري وزوج شقيقة الرئيس السوري بشار الأسد، آصف شوكت.

شكل شوكت تهديداً جديداً لحكم الأسد إذ ترأس سابقاً الاستخبارات العسكرية إحدى المؤسسات الأكثر رعباً في سوريا

وقالت الصحيفة إنه "في اليوم الرابع لهجوم المعارضة على مقر سلطة الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق عام 2012، وقع انفجار في مكاتب تابعة للأمن القومي، مما أسفر عن مقتل صهر الأسد آصف شوكت، و3 من كبار المسؤولين السوريين".

وتبنت جماعات معارضة مسؤوليتها عن العملية الجريئة، معلنة أن العملية "بداية النهاية للنظام"، فيما أكد سفير الولايات المتحدة في سوريا آنذاك روبرت فورد، أن واشنطن أمرت فرقة عمل من وزارة الدفاع الأمريكية والخارجية والمالية بوضع خطط لمرحلة سوريا ما بعد الأسد.



وشكل تفجير يوليو (تموز) 2012 بالفعل نقطة تحول في الصراع السوري، ولكن بدلاً من إسقاط الأسد، أسفر التفجير عن مرحلة جديدة أكثر فتكاً من الحرب الأهلية السورية سمحت للرئيس بالتمسك بالسلطة، وأسكتت الأصوات التي تنادي باستيعاب المعارضة، وفي غضون عام، استخدمت القوات الموالية للأسد أسلحة كيمياوية ضد المتمردين والمدنيين.

انقسام عائلة الأسد
وكشفت نظرية جديدة أسراراً مذهلة حول التفجير الذي أودى بحياة الجنرال في الجيش ومستشار ماهر الأسد، آصف شوكت ووفقاً للنظرية فإن النظام نفسه دبر تنفيد العملية، إذ أجمع نحو 20 شخصاً، من المسؤولين الحاليين والسابقين بالنظام السوري، وقادة من المعارضة ونشطاء وثوار وسياسيين في الدول المجاورة لهم علاقات مع الأسد، بأن التفجير نجم عن الانقسام بين عائلة الأسد وحلفائها المتشددين من جانب، ومسؤولي النظام الذين يسعون لإجراء مفاوضات مع جماعات المعارضة من جانب آخر.

ويسلط قبول هذه النظرية من قبل السوريين، الضوء على سمعة الأسد بأنه شخص لا يرحم، ويظهر أيضاً لالصراعات داخل أروقة الرئاسة السورية للحفاظ على السلطة.

ورفض المكتب الإعلامي للأسد طلبات الصحيفة، بإجراء مقابلة مع الرئيس، ورفض اللواء علي مملوك واللواء ديب زيتون، وهما من كبار مسؤولي الأمن والنظام، طلبات منفصلة للحصول على تعليق حول هذه النظرية.

وبحسب الجنرال السوري السابق مناف طلاس، فإن النظام متورط بالتفجير.

وانشق طلاس قبل أسبوعين من مقتل شوكت، بعد أن اكتشف حراسه 6 عبوات ناسفة زرعت خارج مكتبه في دمشق، مما دفعه لاتهام النظام بمحاولة قتله.

بيع سوريا لإيران
وقال طلاس المقيم في باريس الآن، إنه وشوكت "كانا من بين الداعين لإجراء محادثات مع المعارضة السلمية والمسلحة، وهو موقف يتناقض مع الأسد، الذي يسعى لسحق التمرد".

وتابع طلاس: "بشار لم يختر في أي وقت القيام بإصلاحات جادة وذات مصداقية، ولكنه اختار أن يقوم بتدمير البلاد، وبيع سوريا لإيران".

وفتح الهجوم الباب لإيران، الحليف الإقليمي الرئيس للأسد ولحزب الله، لعب دور أكبر في الدفاع عن النظام، وفقاً لأفراد من قوات الأمن السورية والميليشيات الموالية للنظام.

وفي غضون أسابيع، توافد رجال الميليشيات الشيعية الأجنبية إلى سوريا، وانضموا إلى مقاتلي ميليشيات محلية مدربة من قبل إيران وحزب الله، للمساعدة في دعم الجيش السوري، مما ضاعف عدد القتلى، وأسهم بشكل كبير في تدمير البلاد.

وقال روبرت فورد، الذي يعمل الآن في معهد الشرق الأوسط للأبحاث، إن "كبار أعضاء المعارضة السورية أكدوا له أن المتمردين ليسوا مسؤولين عن التفجير، وإنهم يعتقدون أن النظام هو من نفذه".

وأضاف: "أنا لم أر أي أدلة مقنعة على أن ذلك كان عملاً من داخل النظام، لكن هذه المزاعم منتشرة على نطاق واسع".

تعزيز معنويات المعارضة
بدوره، أكد أحد النشطاء البارزين في المعارضة السورية، الذي تربطه علاقات مباشرة مع الجماعات المتمردة وكان في دمشق اليوم القصف، أنه "من المستحيل على المتمردين في ذلك الوقت تنفيذ مثل هذا الهجوم".

وتابع الناشط المقيم في تركيا: "لو سألتني في ذلك الحين، لكذبت عليك، وقلت إن المعارضة فعلت ذلك، لكن الآن أستطيع أن أقول لك: لا، كنا مجرد هواة في ذلك الوقت".

وأكد أن التفجير عزز معنويات المعارضة، إلا أنه أدى للتفاف العلويين والشيعة ضد الثورة التي يقودها السنة حول النظام.

ويقول محللون وباحثون غربيون إن مشاركة إيران والشيعة في الحرب الأهلية السورية عزز من صعود التنظيمات المتطرفة كداعش في ساحة المعركة.


مسيرة الإصلاح
قبل فترة طويلة من بدء الصراع في ربيع عام 2011، كان طلاس ينظر للأسد على أنه قائد مسيرة الإصلاح، مشيراً إلى أنه اتخذ خطوات إصلاحية بين عامي 1998 و2000، حتى قبل أن يصبح رئيساً.

وأضاف: "كنت من المقربين منه وكان الناس يأملون أنه قادر على تغيير الأمور".

وحتى الولايات المتحدة كان تعتقد بإمكانية التواصل مع الأسد، فقامت بإعادة تعيين سفير لها في دمشق عام 2009.

وبعد مقتل اثنين من المحتجين السوريين على يد قوات النظام في 18 مارس (آذار) 2011 بمدينة درعا، تغيّر كل شيء، بعد مهاجمة الأمن للمسيرات السلمية السنية المطالبة بإسقاط النظام.

وتلقى طلاس مكالمة من الأسد يطلب فيها المشورة، وقال طلاس: "الأسد اقترح إزالة محافظ درعا، وإطلاق سراح جميع الأشخاص الذين اعتقلوا خلال المظاهرات، واعتقال قائد الأمن المحلي، والتكفير عن عمليات القتل من خلال زيارة يقوم بها إلى المدينة، مضيفاً: "قلت له إن مجتمعنا قبلي وسيرضى بمبادرتك التصالحية، فأجاب أنه موافق".

ولكن مع تزايد أعداد المتظاهرين ارتفع معدل القتل، وقال الأسد بخطاب ألقاه أمام البرلمان في 30 مارس (آذار) 2011: "ليس سراً أن سوريا تواجه مؤامرة كبرى ينفذها أشخاص من داخل ومن البلدان البعيدة والقريبة".

في ذلك الوقت، أمر طلاس بإرسال 300 من رجاله إلى مدينة دوما للمساعدة في السيطرة على الحشود، إذ كان مسؤولاً عن فرقة قوامها 3500 مقاتل من الحرس الجمهوري.

وقال طلاس إن بعضاً من رجاله أعدموا لرفضهم إطلاق النار على المحتجين، كما أن أحد أفضل ضباطه، عاد من دوما طالباً إعفاءه من المهمة، فقال له طلاس: "كن صبوراً، وعد الرئيس بحل الأمور خلال 3 أسابيع، إلا أن الضابط انتحر في اليوم التالي".

ويرى مسؤولون في النظام السابق ودبلوماسيون غربيون، أن أجهزة الأمن والاستخبارات السورية لم تتمكن من الاعتماد على الإجراءات القمعية التي اعتمداها خلال عقود في قمع الاحتجاجات السلمية.

وقال طلاس إنه احتفظ بمنصبه الرسمي، لكن مع تهميشه من قبل النظام، بعد أن اعترض على قتل المتظاهرين، ودعا لإجراء محادثات مع قادة المجتمع المحلي، مما أثار حفيظة المواليين المتشددين للأسد.

وفي آخر اجتماع بين طلاس والأسد في مايو (أيار) 2011، خاطب الضابط السابق الأسد قائلاً: "أنا صديقك ونصحتك بعدم اختيار الحل العسكري، بل باتخاذ الحل السياسي، فهو أكثر شمولاً فأجابني: أنت ضعيف جداً".

وحمل مؤيدو النظام، شعار: "الأسد أو لا أحد، الأسد أو نحرق البلد".

في يونيو (حزيران) عام 2011، حاول بعض الناشطين الحفاظ على حركة معارضتهم سلمية وسط تزايد العنف الطائفي بين المتمردين، ومعظمهم من السنة وقوات النظام العلوية.



مبادرة شوكت
وبحلول الخريف، سيطر متمردون في حمص على بعض الأحياء بالقوة، مما هدد بقطع الطرق الهامة التي تربط دمشق مع الموانئ البحرية الوحيدة في سوريا.

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2011، قام شوكت بزيارة اثنين من قادة الأجهزة الأمنية في حمص، ثالث أكبر مدينة سورية، للاجتماع مع نشطاء المعارضة، ورجال الأعمال، والقيادات الدينية والمجتمعية.

وذكر البعض إن شوكت كان الأكثر اهتماماً بخطة وقف إطلاق النار التي قدمت حينها، وعرض إنهاء حملة الاعتقالات ضد المعارضة وقصف أحياء، مقابل التعهد بوقف الهجمات على نقاط تفتيش النظام.

رغم أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق، إلا أن شوكت قام بلفتات تصالحية، مثل السماح لسيارات الإسعاف بنقل القتلى والجرحى، ما تم حظره لاحقاً من قبل النظام.

وتحول شوكت إلى المفاوض الوحيد لدى النظام للمعارضة، إذ حاول التوصل لحل حقيقي للأزمة.

وقال طلاس، إن قوة شوكت تضاءلت بعد وقت قصير من عودته من حمص، وأنه عندما أصرّ على الاحتفاظ بمهامه وصلاحياته "بدأ الصدام الحقيقي".

وأكد طلاس أنه في يوم مقتل شوكت، كان قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في دمشق، مضيفاً أن شوكت شكل تهديداً جديداً لحكم الأسد، إذ كان متزوجاً من شقيقته، كما ترأس سابقاً الاستخبارات العسكرية، إحدى أكثر المؤسسات رعباً في سوريا.

 وبحسب طلاس، كان هناك مؤامرة فاشلة لقتل شوكت قبل التفجير، إذ حاولوا تسميم طعامه.

رفع المخاوف
في سياق متصل، قال زعيم ميليشيا سورية مسلحة، إن المخابرات السورية عملت مع حزب الله وفيلق القدس الإيراني، لرفع المخاوف من أن المسلحين السنة خططوا لمهاجمة الأضرحة الشيعية المقدسة، محاولة لجذب المزيد من الشيعة في مختلف أنحاء المنطقة للقتال إلى جانب النظام.

وبدأ النظام باستخدام وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، لتحويل وجهات النظر الشعبية تجاه فكرة أن جماعات المعارضة انضمت للمتطرفين الإسلاميين.