فريد زكريا: كوريا الشمالية نجحت بمنع فيلم "المقابلة"

وتساءل الكاتب "تخيل أن الحكومة الإيرانية هددت بشن هجوم إرهابي على الأراضي الأمريكية، بسبب كتاب على وشك الصدور يسخر من زعيمها الأعلى، ألن نعتبر هذا بمثابة استسلام لا يُطاق لتهديدات إرهابية وانتهاك لمبادئ أساسية مثل حرية التعبير؟، مشيراً إلى حدوث وضع مشابه إلى حد ما عندما الخميني فتواه الشهيرة ضد سلمان رشدي بسبب كتابه "آيات شيطانية" في عام 1988".

واستطرد الكاتب بقوله: "لكن رد الفعل جاء مختلفاً بدرجةٍ كبيرةٍ حيال رد شركة سوني، بأنها ستؤخر عرض الفيلم، ثم أعلنت إلغاء العرض الذي كان مقرراً في 25 ديسمبر (كانون الأول) رسميّا، لم تحتشد استوديوهات السينما الأخرى وراء سوني، (في الواقع، ذكرت مجلة "ديدلاين" يوم الأربعاء أنه تم إلغاء فيلم آخر من بطولة ستيف كاريل عن كوريا الشمالية)، وألغى نجوم فيلم "المقابلة" جميع مواعيد ظهورهم في وسائل الإعلام".

وانتقد الكاتب رد الفعل إزاء التهديدات متسائلاً: "لماذا يؤدي تهديد إرهابي من كوريا الشمالية إلى حدوث تهدئة، بينما تؤدي تهديدات من الإرهابيين الإسلاميين إلى الشجاعة والتحدي والصمود؟".

وأجاب بقوله: "أعتقد أن ذلك مرده أننا نعي تماماً همجية الإرهابيين الجهاديين، لكننا نميل إلى التفكير تجاه كوريا الشمالية بطريقة هزلية إلى حد ما: الطغاة غريبو الأطوار بقصة شعرهم الغريبة والتملق الجماعي المتزامن الغريب في الملاعب والدعاية والخطابة الرجعية".

دكتاتورية 
ولفت الكاتب إلى أن كوريا الشمالية تعد واحدة من أكثر الدكتاتوريات القمعية والوحشية في العالم، وتشير التقديرات إلى أنها اختطفت آلاف الأشخاص من دول مجاورة في أعقاب الحرب الكورية، وقامت بتعريض 1-2 مليون نسمة من شعبها لمجاعة في التسعينيات من القرن العشرين، وتسجن حالياً حوالي 100 ألف شخص في مخيمات العمال، وعيّنت الأمم المتحدة لجنة للتحقيق في أوضاع حقوق الإنسان في كوريا الشمالية؛ ويرسم التقرير، الذي صدر عن اللجنة في شهر فبراير، صورةً لنظام لا مثيل له حقا من حيث قسوته وقمعه المنهجيين".

وأوضح الكاتب أن التحدي الذي تواجهه استوديوهات السينما والمسارح هو تحدٍ حقيقيٍ لأن عليها أن تحقق التوازن بين مسألة حرية التعبير وبين السلامة والتجارة.

وأكد الكاتب على ضرورة أن تجد الحكومة الأمريكية وسيلةً للرد على هذا العدوان على الأراضي الأمريكية، محذراً من أنه في حال عدم فعل ذلك فإن "كوريا الشمالية ستفلت بأسوأ هجماتها الإلكترونية حتى الآن، فضلاً عن أجرأ تهديد إرهابي في الآونة الأخيرة، وستمتلئ بالنصر والجرأة وبكل تأكيد، ستلاحظ جماعات مثل تنظيم القاعدة وداعش أن الطريقة المثلى لتخويف الدول ودفعها للخضوع هي اتباع تهديدات من النوع نفسه".