تظاهرة في أفغانستان ضد داعش (أرشيف)
تظاهرة في أفغانستان ضد داعش (أرشيف)
الثلاثاء 23 ديسمبر 2014 / 01:47

صحيفة أمريكية: داعش يستهدف أفغانستان تزامناً مع رحيل أمريكا

24- طارق عليان

فيما ترحل الولايات المتحدة عن أفغانستان، ينتقل داعش في العراق وسوريا إليها كي يزاحم القاعدة وطالبان في إقليم خراسان الأسطوري، الذي يضم أيضاً باكستان وإيران، وذلك بحسب تقرير كتبه سامي يوسفزاي مراسل موقع "ديلي بيست" الإخباري الأمريكي، وأضاف إليه وأعده للنشر الصحفي كريستوفر ديكي.

واستهل يوسفزاي تقريره قائلاً: "قليلة هي الأحاديث التي رُويت عن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وتستحوذ على خيال جهاديي العالم بدرجة أقوى مما تستحوذ بها عليها نبوءته بالمتعلقة بالرايات، حيث قال: (إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قِبل خراسان، فأتوها ولو حبواً على الثلج)، ويُفترض أنه حذر المؤمنين بقوله: "(فلا يردها شيء حتى تُنصَب بإيلياء)، وهي بيت المقدس والقدس".

وتساءل: "فأين كان إقليم خراسان السحري هذا الذي سيأتي منه الفاتحون؟ وأجاب بقوله: "لينصرف ذهنك إلى أفغانستان وأجزاء من كل البلدان التي تحيط بها بما، فيها -وعلى وجه الخصوص- إيران".

وأضاف يوسفزاي: "بالنسبة لكبيري منظري الإرهاب الجهادي في العصر الحديث، وأعني زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري وزعيم بتنظيم داعش أبو بكر البغدادي، نجد أن الأهمية الاستراتيجية والرمزية لخراسان هائلة، وهناك بالفعل بوادر تنم على أنهما يتنافسان على تحقيق السيطرة هناك، فبعض الفصائل التي تنتمي إلى حركتي طالبان الأفغانية والباكستانية، وبعض أعضاء القاعدة في المنطقة أعطى البيعة للخلافة التي أعلنها البغدادي في سوريا والعراق، وفي الوقت نفسه، فإن الجماعة التي تضم صفوة العناصر التابعة للظواهري صارت تعرف باسم جماعة خراسان".

تنافس بين الإرهابيين
وفيما يتنافس الإرهابيون على تحقيق الهيبة والسلطة، فإنهم يتعرضون للهجوم من قبل الحكومات في المنطقة، ومن أجل ترك بصمتهم على عقول الأشخاص الذين يحتمل أن يصيروا لهم أتباعاً، نجدهم يقومون بارتكاب أفعال أكثر استيئاساً وترويعاً، وذلك مثل قتل الأطفال في إحدى مدارس مدينة بيشاور الباكستانية أواخر الأسبوع الماضي.

ولفت معد التقرير إلى أن هناك شخصية محورية في هذه التطورات الخطيرة الأوسع نطاقاً وهي العالم والصحفي والشاعر معسول اللسان الشيخ عبد الرحيم مسلم دوست، الذي أمضى أكثر من ثلاثة أعوام كسجين لدى الأمريكيين في جوانتانامو، ثم وجد نفسه من جديد سجيناً لدى الباكستانيين، وتصف التقارير الإخبارية الواردة في المنطقة مسلم دوست بأنه والي خراسان المكلّف من قبل داعش.

وقال يوسفزاي: "منذ بضعة أيام مضت، ترك مسلم دوست -الذي عرفته على مدى سنوات والذي أميز صوته جيداً -رسالتَيْن صوتيتَيْن طويلتَيْن على المجيب الآلي بهاتفي الجوال- قال إن "الأخبار التي تتحدث عن تكليفه لشغل ذلك المنصب ليست صحيحة، وأنها تضليل يروّجه (بعض أجهزة الاستخبارات وبعض خصومي)". لكن مسلم دوست قالها واضحة إنه يدين بالولاء لتنظيم داعش، داعياً المسلمين كافة إلى الدفاع عنها.

استراتيجية داعش تسبق التفكير الغربي

وأوضح تقرير الموقع أنه مهما كان المنصب الاسمي الذي يشغله مسلم دوست، فإن يشكل جزءاً من استراتيجية تنظيم داعش التي تبدو، من جديد، سابقة على معظم التفكير الغربي بعدة خطوات، ووفقاً لرأي الأنثروبولوجي سكوت أتران، الذي أجرى دراسات مكثفة على الأيديولوجيات الجهادية، فإن البغدادي صاغ استراتيجيته بوضوح في كلمته التي أُطلق عليها اسم "براكين الجهاد" -وتسميها المصادر العربية "ولو كره الكافرون"- وألقاها في 13 نوفمبر (تشرين الثاني)، والتي جاء فيها:

"وأبشروا أيها المسلمون، فإننا نبشركم بإعلان تمدّد الدولة الإسلامية إلى بلدان جديدة، إلى بلاد الحرمين واليمن، وإلى مصر وليبيا والجزائر، ونعلن قبول بيعة من بايعنا من إخواننا في تلك البلدان، وإلغاء اسم الجماعات فيها، وإعلانها ولايات جديدة للدولة الإسلامية، وتعيين ولاة عليها. وكما نعلن قبول بيعات من بايعنا من الجماعات والأفراد، في جميع تلك الولايات المذكورة وغيرها، ونطلب من كل فرد منهم اللحاق بأقرب ولاية عليه، والسمع والطاعة لواليها المكلف من قِبلنا".

لقد كان البغدادي بتكليفه ولاة خارج منطقة سوريا والعراق "يقول للعالم إن الخلافة تتحول إلى العالمية" كما قال أتران. امتدت هذه الولايات من "أبو سياف" و"الجماعة الإسلامية" والجماعات المنشقة عنهما في الفلبين وإندونيسيا، مروراً بجماعة أنصار بيت المقدس في ولاية سيناء المصرية، وانتهاءً بجماعة "جند الخلافة" في الجزائر. وفي ليبيا، تم الإعلان عن قيام ثلاثة ولايات وهي طرابلس وفزان وبرقة (وتضم هذه الأخيرة مدينة درنة التي انضم الشباب في أحياء بأسرها فيها إلى الجهاديين في العراق في وقت سابق).

ويقول أتران إن تنظيم داعش بهذا "يستبق ادعاء القاعدة أنها طليعة الجهاد العالمي". فالبغدادي يُوجد ما يصل إلى حد أن يوصف بالأرخبيل الأيديولوجي "الذي يمكن للانتفاضات الجهادية المرتبطة به والكائنة في مناطق جغرافية نائية ومنفصلة أن تقاتل من أجل الخلافة تحت راية زعيم أعلى واحد، وذلك بهدف توحيد كل الأقاليم في نهاية المطاف".

وكما يقول أتران فإن إقليم خراسان يعد عنصراً حيوياً في هذه الاستراتيجية، ليس بفضل تنبؤات النبي فحسب، بل أيضاً لأنه يقع -من وجهة نظر الجهاديين- في المكان الذي "يدعي الشيعة الإيرانيون -الشيطان- أنهم يحكمون".

وبحسب يوسفزاي: "لعب مسلم دوست على تلك المشاعر في الرسائل التي تركها لي، حيث قال: (إننا كمسلمين ملتزمون بأن نعلن البيعة للدولة الإسلامية ونقدم لها فروض الولاء الإسلامي). لا يمكن أن تتحق مشيئة الله إلا من خلال (إحياء الخلافة الإسلامية)، و(بما أن هناك خلافة إسلامية استعيدت، فمن الواجب على كل مسلم أن يعلن ولاءه لها ودعمه إياها)".

والمؤمن الذي لا يفعل هذا يكون جاهلاً بالتزامه المقدس، وقد ادعى مسلم دوست أن مساندته العلنية لتنظيم داعش ليست إلا لذلك الغرض، ونفى أن يكون له "مصلحة أو هدف شخصي". وفي الوقت نفسه، أطلق مسلم دوست نداء لحمل السلاح، حيث قال: "شكّل الرافضة والكفار في كل أنحاء العالم تحالفاً كبيرة ضد الخلافة الإسلامية، لذا نوصي المسلمين بأن يتحدوا ويقدموا التضحيات في سبيل الخلافة، وينبغي ألا يترددوا في بذل الغالي والنفيس في سبيل الدفاع عنها".

مبايعة داعش
ووفقاً لأحد المصادر الاستخباراتية الغربية في كابل، "هناك احتمال لا بأس به أن ينمو تنظيم داعش في منطقة أفغانستان-باكستان". ونقل معد التقرير عن مصدر التقاه منذ فترة قريبة قوله: "الدولة الإسلامية في العراق وسوريا والبغدادي يُذكران على نطاق واسع وباحترام في المحادثات التي يتم اعتراضها بين المسلحين الجهاديين والعناصر المتبقية من تنظيم القاعدة في المنطقة".

ووفقاً للمصدر ذاته، فإنه "حتى فيما بين طالبان، هناك البعض ممن قد تكون لديهم الرغبة في إعطاء البيعة للدولة الإسلامية في العراق وسوريا، أو أعطوها هذه البيعة بالفعل سرّاً وسوف يكشفون عن أنفسهم في المستقبل القريب".

يقول وزير سابق في حكومة طالبان القديمة إن مسلحي الدولة الإسلامية في العراق وسوريا موجودون بالفعل على الأرض في "خراسان" ينتظرون اليوم الذي تدخل فيه عامة فصائل طالبان في محادثات سلام جادة مع الحكومة التي تدعمها الولايات المتحدة في كابل، وفي تلك اللحظة، سيتخذ هؤلاء مواقف باعتبارهم جماعة معارضة لمحادثات السلام رغبة في حشد الدعم لأنفسهم.

ويضيف الوزير السابق قائلاً: "إذا تسنى لدعوة الدولة الإسلامية في العراق وسوريا أن تلهم عقول المسلمين في أوروبا والولايات المتحدة، فلتفكر كم يسهل دمج الجهاديين من أفغانستان وباكستان وآسيا الوسطى والهند".