وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس(أ ف ب)
وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس(أ ف ب)
الخميس 15 يناير 2015 / 21:29

فابيوس في زيارة قريبة للمغرب بعد عام من الفتور بين الرباط وباريس

مرّ ما يقرب من عام على اندلاع الأزمة بين الرباط وباريس ودخول علاقاتهما في حالة جمود، قبل إعلان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، اليوم الخميس، نيته القيام بزيارة "قريبة" للمغرب، لإعادة التعاون القضائي والأمني بين الجانبين إلى مجاريه في ظل مناخ التهديدات الإرهابية الأخيرة.

جمد التعليق الكامل للعمل باتفاقيات التعاون القضائي لمدة سنة تقريباً ملفات عشرات الآلاف من الفرنسيين والمغاربة في البلدين

وقال لوران فابيوس أمام مجلس الشيوخ الفرنسي اليوم: "أنوي الذهاب شخصياً وقريباً إلى هذا البلد، الذي أكرر القول عنه إنه صديق لفرنسا"، مضيفاً أن البلدين "يتقدمان" في مباحثاتهما "لإيجاد حلول" للأزمة، مشدداً على أنه هناك "ضرورة ملحة" لإعادة التعاون القضائي المجمد منذ فبراير(شباط) إلى طبيعته.

بعد شارلي إيبدو
وهذه هي المرة الأولى منذ بداية الأزمة الدبلوماسية بين الطرفين اليت يعلن فيها فابيوس زيارة مرتقبة للمغرب، وذلك بعد لقاء جمعه الأحد رأساً لرأس، بوزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار في باريس، على هامش مسيرة التضامن مع "شارلي إيبدو" والتنديد بالإرهاب.

ويبدو أن تسارع السياق الدولي والتهديدات الإرهابية الأخيرة هي التي سرعت بإعلان هذه الزيارة، وإبراز إرادة أقوى لإخراج علاقات الجانبين من أزمتها.

وكان لهذه الأزمة آثار واضحة ومستمرة في الزمن، حيث إن التعليق الكامل للعمل باتفاقيات التعاون القضائي لمدة سنة تقريباً، جمد على المستوى المدني ملفات عشرات الآلاف من الفرنسيين والمغاربة في البلدين، إضافة إلى الملفات الجنائية المرتبطة بالسجناء الذين خاضوا إضرابات عن الطعام احتجاجاً على تأخر النظر في نقلهم إلى فرنسا.

أما التعاون الأمني الذي يعد حاسماً بين البلدين، فطاله الجمود بدوره حسب قنوات غير رسمية من الجانبين، وذلك في وقت يعتبر فيه المغرب وفرنسا من البلدان المصدرة لمئات بل آلاف من المواطنين إلى مناطق التوتر والصراع، خاصة الملتحقين للقتال بتنظيم داعش.

العودة للمسار الصحيح
وتعددت أسباب هذه الأزمة منذ بداية 2014، بين تقديم شكاوى قضائية في فرنسا ضد مسؤولين مغاربة كبار، ومحاولة الشرطة الفرنسية استدعاءهم للمثول أمام القضاء، إضافة إلى التقارب الفرنسي الجزائري.

وفي مقابلة أجرتها أخيراً أسبوعية "جون أفريك"، قال وزير الخارجية والتعاون المغربي صلاح الدين مزوار إن الثقة بين الطرفين تعرضت لـ "الاهتزاز"، معبراً عن أسفه لغياب "الإرادة السياسية" لدى باريس لإعادة العلاقة إلى "مسارها الصحيح".

وكان الوزير المغربي صرّح: "لنكن واضحين، شعورنا تجاه الشريك الفرنسي هو أنه لا توجد إرادة سياسية حقيقية لوضع حد للتضليل المعادي للمغرب، والصادر عن جهات معروفة بعدائها للمملكة"، مضيفاً أن "هذا يعكس عدم وجود التزام وتصميم".

من ناحية ثانية، قال مزوار إن "وقت الوصاية" الفرنسية على المغرب قد ولى، موجهاً الانتقاد لدور باريس في منطقة الساحل والصحراء.

برود كبير
ورغم أن مزوار كان حاضراً الأحد في قصر الإليزيه، رفقة العديد من القادة والمسؤولين من جميع أنحاء العالم، للمشاركة في مسيرة باريس التضامنية مع فرنسا المكلومة بسبب الهجمة الإرهابية على صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة، إلا أنه انسحب ولم يشارك.

ورفض الوفد المغربي الانضمام إلى هذه مسيرة في العاصمة الفرنسية احتجاجاً على "الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي"، والتي أعلن المشاركون حملها خلال المسيرة من باب التضامن وتكريم ضحايا "شارلي إيبدو".

من جانبها، التزمت باريس الصمت حتى اليوم، حيث اكتفت وزارة الخارجية الفرنسية منذ قرابة السنة بتكرارها الكلام حول "رغبتها في استئناف المسار الطبيعي للتعاون، في مناخ تسوده الثقة والاحترام المتبادل الذي يميز الصداقة الفرنسية - المغربية"، لكن في الواقع هناك "برود كبير" في العلاقة لا يزال قائماً، وفق مصدر فرنسي.

بداية الأزمة
واندلعت الأزمة بين البلدين في 20 فبراير(شباط) 2014 عندما حاولت الشرطة الفرنسية مداهمة مقر إقامة السفير المغربي في باريس، لتخطر عبد اللطيف الحموشي، مدير المخابرات المغربية الداخلية الذي كان في زيارة رسمية، بضرورة الحضور إلى جلسة استماع أمام محكمة فرنسية، ليجيب على اتهامات بالتعذيب في حق مغاربة.

ويعتبر المختص في التاريخ المغاربي بيير فيرميرن أنه "علاوة على أن ذلك التصرف يمثل "طريقة سيئة في التعامل"، فقد كشف إنزال الشرطة الفرنسية أمام مقر إقامة السفير المغربي في باريس، أن الحماية التي كان يتمتع المغرب يمكن أن تختفي".

وبالرغم من استمرار باريس في دعم الرباط بشأن مسألة الصحراء الغربية في الأمم المتحدة، إلا أن الرباط ما زالت تنظر إلى التقارب الفرنسي- الجزائري، منذ وصول الاشتراكي فرنسوا هولاند إلى الرئاسة الفرنسية، بعين الريبة والحذر.

وتعتبر الرباط الجزائر "عدوها" الأول في قضية الصحراء، بسبب دعمها الدائم لجبهة البوليساريو التي تسعى لنيل استقلال الصحراء الغربية، وهي مستعمرة إسبانية سابقة يسيطر المغرب على جزء كبير منها إدارياً.

ووفق فيرميرن فقد "حاول فرنسوا هولاند إعادة التوازن إلى العلاقة مع الجزائر، لكن المغاربة أولوا الأمر بشكل سيء للغاية، فبالنسبة لهم، فرنسا تقف اليوم إلى جانب الجزائر".