الجمعة 23 يناير 2015 / 21:35

الملك عبد الله.. صوت لن يخفت



في زمن تعالت فيه أصوات الضجيج والحماقة، وسُمعت همسات التآمر والغدر، برزت الحاجة إلى صوت الحكمة والإنصاف. الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود كان يلبي هذه الحاجة ليس للشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية فحسب، بل لكل أمة العرب.

واليوم رحل.. لم يكن مفاجئا رحيله، ولكنه كان فاجعاً. الموت الذي كتبه الله على العباد، حق على الملك الذي تشرف بأن يلقب بخادم الحرمين الشريفين، ليخدم العمران المقدس وعماره، ويخدم الأمة وأبناءها، مساران متوازيان ما انفك الملك الراحل يعمل عليهما مذ استلم زمام الأمور، فبدأت توسعة الحرمين، توسعة للأمة وللتاريخ، وأصلح بين الأشقاء، ونزع فتيل الخلاف كي يعيد العرب إلى خط التاريخ.

أثقل عليه المرض لكنه لم يمنعه من أن يحمل على كاهله مسؤوليات الأمة، فتصدى لها بالرأي الصواب وفصل الخطاب، فقد جمع القادة على أمر فيه مصلحة الشعوب. فطابت الخواطر واجتمعت عليه القلوب.

كان القادة ينظرون إليه نظرة الأب الذي تجتمع العائلة عنده وتطلب رأيه. تقدير كبير، واحترام وإجلال لشخصية قيادية فريدة تنطق عن حكمة وتحكم بالمنطق، المنطق الذي أضاعه شباب الأمة بالثورات التي أتت بها أفكار مشبوهة، فحذر ونصح وصدق وأخلص.

ستذكره اللغة العربية فهو من أوائل القادة السياسيين الذين استشعروا معضلتها وأزمتها، وقد أدرك ببصيرة نافذة أن الأزمات السياسية والاجتماعية يجب ألا تلهي الأمة عن ثقافتها والتمسك بهويتها. فكان مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية.

ستذكره التربية وسيذكره التعليم وهو صاحب مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم لأنه – رحمه الله – قد أدرك أن علاج التطرف يبدأ مبكراً من خلال تعليم أصيل وعصري، فحشد لهذا الأمر فكراً ومالاً ورجالاً، وأعد له عدة ستبقى إرثاً ستذكره الأجيال.

ودعه المسلمون اليوم في الجمعة الأولى من ربيع الثاني، وهم يدركون أنه وإن غاب جسداً، فسيبقى صدى صوت حكمته يتردد في آذان وقلوب تنشد الحكمة.

ودعه المسلمون وهم يدعون له بالرحمة والمغفرة، متوجيهن للرب العلي الأعلى أن يلهم خلفه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود السداد والحكمة، لتواصل المملكة مسيرتها وقيادتها وحضورها.