الجمعة 30 يناير 2015 / 00:07

ناشونال إنترست: انهيار أسعار النفط يدفع روسيا إلى مسار أشد خطراً

24- إعداد: طارق عليان

على الرغم من أن إيران تتغلب على سوق النفط الضعيفة، إلا أن الانهيار في سعر النفط، مقروناً بالعقوبات الغربية، يمكنه أن يدفع روسيا إلى المضيّ في مسار أشد خطراً في مجال الشؤون الخارجية.

كانت تلك هي أهم الاستنتاجات التي توصلت إليها حلقة نقاش حول جغرافيا أسعار النفط السياسية نظّمها مركز المصلحة الوطنية في واشنطن العاصمة يوم الثلاثاء، وتناولتها مجلة ناشونال إنترست الأمريكية في موقعها على الإنترنت.

نظرية المؤامرة
استهل السفير الأمريكي السابق في المملكة العربية السعودية تشاس فريمان، النقاش ببيان كذب نظريات المؤامرة فيما يخص التراجع في أسعار النفط، إذ قال إنه يرى أن المملكة العربية السعودية ليس لها "أية علاقة من قريب ولا من بعيد بانهيار الأسعار النفط"، مؤكداً أن هذا الانهيار ناجم، بالأحرى، عن توليفة قاتلة من الفائض في العرض نتيجة الزيادات التي شهدها إنتاج النفط في أماكن مثل العراق وليبيا وأمريكا الشمالية، فضلاً عن الضعف الحاصل في الطلب نتيجة الركود الاقتصادي العالمي، ولا سيما في أوروبا وآسيا.

النفط الصخري
وعلى النقيض من ذلك نجد، كما ذكرت خدمة بلومبرغ الإخبارية العام الماضي، أن سعر التعادل لمشروعات النفط الصخري الأمريكية الكبرى في مكان ما يتراوح بين 43,01 دولار و184,21 دولار للبرميل، وإن كان منتجو النفط الآخرون الأقل تأثيراً، ولا سيما المنتجين الذين يعتمدون على المصادر البحرية للنفط، يتحملون تكاليف إنتاج أعلى من هذا بكثير.

وبالتالي ففي حين أنه يمكن أن تظل السعودية رابحة للغاية عند سعر 45 دولاراً للبرميل، فإن كثيراً من منافسيها (ومنافسيها المحتملين) لا يمكنهم ذلك، ويسمح هذا للمملكة بزيادة حصتها السوقية على المدى الطويل.

وفيما وراء الشأن الاقتصادي، نجد أن انخفاض أسعار النفط يتواءم مع المصالح الجيوسياسية للمملكة العربية السعودية، وذلك في المقام الأول بإضعاف خصومها الرئيسيين مثل إيران وروسيا.

وأكدت الخبيرة سوزان مالوني في الاقتصاد الإيراني لدى مؤسسة بروكنغز، أن طهران تشعر بضغط موجع نتيجة أسعار النفط المنخفضة.
ونوهت إلى أن الانهيار الحاصل في أسعار النفط أجبر إدارة روحاني على مراجعة أرقام ميزانيتها بالتخفيض، من استنادها إلى سعر 72 دولاراً للبرميل إلى الاستناد إلى سعر 40 دولاراً للبرميل.

كما أن أسعار النفط المنخفضة ستعرقل أيضاً جهود الإدارة الإيرانية الرامية إلى مواصلة كبح جماح التضخم، الذي كان واحداً من الإنجازات التي تُحسب لهذه الإدارة حتى الآن.

تأثر السياسات الخارجية
ومع ذلك فإن أثر أسعار النفط المنخفضة لم يكن كارثيّاً بالنسبة لإيران، واستبعدت مالوني أن يكون لهذا أثر كبير على سلوك إيران في ميدان السياسية الخارجية، ولا سيما فيما يتعلق بالمفاوضات النووية.

وبدلاً من ذلك فإن واحداً من أشد التطورات إثارة للاهتمام هو الكيفية التي أثرت بها أسعار النفط الهابطة على النقاش الداخلي الدائر في إيران بشأن مستقبل البلد، إذ استغربت مالوني كيف أن الاستثمار الأجنبي لم يعد موضوعاً للنقاش في الجمهورية الإسلامية التي كانت دولة شبه اشتراكية فيما مضى.

وفي حين أن أسعار النفط المنخفضة ربما لم تؤثر بشدة على سياسة إيران الخارجية، فلا يمكن قول الشيء نفسه عن روسيا.

والحقيقة أن رئيس مركز المصلحة الوطنية ورئيسه التنفيذي ديميتري سايمز، حذر من أن روسيا ربما تجد نفسها مضطرة إلى تبني أفعال مزعزِعة للاستقرار تهدف إلى دفع أسعار النفط إلى الارتفاع.

قال سايمز إن الإدارة الروسية "غير مهيأة بالمرة" لانخفاض أسعار النفط، إذ بنت آخر ميزانية لها على بقاء أسعار النفط عند 100 دولار للبرميل.

وأنحى سايمز باللائمة في هذا الوضع، على الأقل جزئياً، على تشعب السياسات الروسية في عهد الرئيس فلاديمير بوتين.

فمن ناحية، كانت السياسة الاقتصادية الروسية قائمة على التكامل مع الاقتصاد العالمي، ولا سيما اقتصاد أوروبا والولايات المتحدة.

ومن ناحية أخرى، اتسمت سياسة روسيا الخارجية بالمغامرة بشكل متزايد، مما وضعها، في أغلب الأحوال، في صدام مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

متاعب كثيرة
وأضاف سايمز قائلاً إن محاولة اتباع هاتين السياستين في آن واحد "شيء غير واقعي تماماً"، ونتيجة لذلك فإن روسيا "تواجه متاعب كثيرة" من الناحية الاقتصادية.

وعلى الرغم من تهليل البعض في الغرب للركود الاقتصادي في روسيا، وأنحوا باللائمة فيه على بوتين، نوّه سايمز إلى أن بوتين يظل يحظى بشعبية واسعة، حيث يحمّل كثير من الروسيين العقوبات الغربية، لا سوء الإدارة في الداخل، المسؤولية عن كثير من صعوباتهم الاقتصادية.

علاوة على ذلك، فلو استمر الوضع الاقتصادي في التدهور، وأخفقت السوق الحرة في تقديم الغوث، فمن الممكن أن تستخدم روسيا الأدوات التقليدية للقوة الروسية كي تدفع أسعار النفط إلى الارتفاع، مثل "زعزعة الاستقرار، والعمل السري، ومسار القوة العسكرية".

واتفق فريمان مع وجهة النظر هذه، منوهاً إلى أن المرء "يمكنه حرمان السوق من الإمدادات من خلال أعمال التخريب" أو من خلال تدمير الإمدادات الحالية، مضيفاً أيضاً أنه يمكنه أن يتصور تكاتف روسيا وإيران في مرحلة ما لدفع سعر النفط إلى الارتفاع بشكل مصطنع.

واختتم فريمان قائلاً: "أرجو من الله ألا يحدث هذا".