الأربعاء 25 فبراير 2015 / 17:58

ماذا تعني مواجهة داعش اليوم؟



هذا الكلام ليس موجهاً للكتاب ولا المسؤولين ولا المثقفين. إنه موجه في المقام الأول للشباب والأناس العاديين، أولئك الذين لا يستشعرون بعد الخطر الحقيقي لتنظيم داعش الإرهابي، ربما لأنهم يشعرون أنه "بعيد" أو "لا يخصهم"، وإلى قلة قليلة ربما كانت تنظر إلى هذا التنظيم بشيء من البرود أو حتى التعاطف.

لهؤلاء يجب أن نقول اليوم، إن خطر داعش يتجاوز بكثير حدود الأراضي التي يسيطر عليها في سوريا والعراق. حقيقة بديهية إلا أن الكثيرين منا لا يدركون بعد معناها الحقيقي. داعش خطر عالمي بامتياز، ونحن كأفراد ومجتمعات لسنا بمنأى عن هذا الخطر ما دمنا جزءاً من هذا العالم.

داعش خطر حقيقي وداهم على كلّ رجل وامرأة وطفل.

داعش خطر حقيقي وداهم على الإسلام والمسلمين في العالم أجمع. لا على صورة الإسلام فحسب، التي ألحق بها هذا التنظيم الكثير من التشويه حتى الآن، بل على جوهر الإسلام السمح الذي يدعو إلى المحبة والحوار والتسامح، وينبذ العنف والقتل والدمار.

داعش خطر حقيقي وداهم على أحلامنا كأفراد وعلى تطلعاتنا كمجتمعات لا ترى تناقضاً بين الالتزام بتعاليم ديننا الحنيف، وفي الوقت نفسه الانفتاح على آفاق الحداثة والتطور، سبيلاً إلى الارتقاء والتنمية وتأمين حياة أفضل لنا ولأطفالنا مستقبلاً.

داعش خطر حقيقي وداهم لأنه باسم الإسلام يمارس أبشع الجرائم، تلك التي لا يقرها الدين الإسلامي، دين الرحمة والمحبة والإنسانية والإخاء، بل يقف ضدها وينبذها، وباسم الإسلام أيضاً يحاول إشعال نار فتنة أولاً داخل الدين الإسلامي نفسه، ثانياً بين الحضارات، من شأنها لو استعرت أن تأكل الأخضر واليابس.

داعش خطر حقيقي وداهم لأنه يحاول أن يجردنا من أبسط مشاعرنا الإنسانية، مصوراً العالم ساحة قتل ووحشية ودماء ودمار، تسودها الظلمة والسواد واليأس، منقضاً وقاضياً على كافة أشكال الأمل، الذي من دونه لا تستقيم حياة، ولا يقوم بناء، ولا يفرح بشر بحاضرهم، ولا ينظرون إلى ما يحمله لهم مستقبلهم.

ربما كان السواد الأعظم يوافق على كل ما سبق. لكنّ المطلوب اليوم ليس التأييد فحسب، بل حسّ المسؤولية والوعي الحقيقي بخطر داعش وما يمثله، ذلك أن داعش الذي يتلقى اليوم الضربات المتتالية على الجبهات العسكرية، يبذل جهوداً مضاعفة اليوم على الساحة الإعلامية والترويجية والدعائية، وخاصة عبر التواصل الاجتماعي، ويحاول جرّ مراهقين وشباب، بل أطفال من حول العالم، لكي ينضموا إليه، وواجبنا الحقيقي اليوم أن نقف في وجه هذا العالم، وأن نقول لداعش بصوت واحد أنه لا يمثلنا ولا يمثل الإسلام، مسهمين في فضح حقيقته الإرهابية الإجرامية، وكاشفين للعالم حجمه الحقيقي، بوصفه عصابة من المرتزقة الذين لا هم لهم سوى تنفيذ أجندات طارئة تتخذ منه حصان طروادة جديد للقضاء على المنطقة بأسرها.