الخميس 26 فبراير 2015 / 22:47

24 يوجه ضربة استباقية



"الحملة العالمية لمواجهة داعش"، الدعوة التي أطلقها موقع 24 تعد شكلاً جديداً من أشكال المواجهات الاستباقية، وجبهة جديدة يتم فتحها بقوة وبذكاء للتصدي للحرب المعلنة على جميع الجبهات.

الحملة التي أطلقها الموقع وتفاعل معها الآف المغردين، تثبت أننا على الطريق الصحيح ومن خلال عدة قراءات.

فلقد استغل الفكر المتطرف مواقع التواصل الاجتماعي لوقت طويل، وبعيداً عن أعين الرقابة، وأعين الحكومات العربية، وبعيداً عن القوانين التي تحكم استخدام مثل هذه المواقع الاجتماعية، وبسبب قلة التكاليف وسهولة الوصول إلى المستهدفين وبساطة الاستخدام وتعدد وسائل الإعلام الاجتماعي الحديث، انطلقت حروب جديدة لم يكن إعلامنا العربي مستعداً لها، ولم يكن مخولاً ومؤهلاً لمواجهتها.

الإعلام التقليدي والإعلام الحديث، إعلامنا العربي لم يكن متوقعاً أو مؤهلاً للحروب التي توظف الإعلام والدعاية السوداء بطريقة منهجية وخبيثة وجهنمية، وظل الإعلام العربي إعلام رد الفعل، وما زال يؤدي ذلك الجانب دون أن يحاول القيام بالدور الأهم وهو أن يكون استباقياً، وما يحدث في الإعلام التقليدي يحدث في الإعلام الاجتماعي من خلال مواقع التواصل.

استغلال وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية في نشر التضليل والتدليس واستخدامهما للتسويق والترويج، والإيقاع بالضحايا عبر الفضاء عبر ربطهم بشبكات التواصل الجهنمية، كانت وسائل حاضرة جداً في الحرب المعلنة على الوطن العربي.

ومهمة الكتائب الإلكترونية في الحرب المعلنة الجديدة: كانت صناعة قنابل عنقودية من الشائعات، وفي بناء صور ذهنية مغلوطة تخدم أهداف ذلك الفكر الجهنمي، وتهدف إلى تزييف الوعي بالحقائق، وفي تحليل مشوه للخبر، وجميعها أذرع خفية لإحكام السيطرة على الضحايا في دوائر حديدية من الأكاذيب المحكمة التي تسهل التلاعب بالعقول والسيطرة عليها، وتوظيف أصحابها بحسب الأجندة الموضوعة، وأقصد بها إكمال مخطط تدمير الوطن العربي بتجنيد مزيد من الضحايا ليكونوا وقوداً للنار، وأداة موجهة لضرب الدول، وعناصر جاهزة للقضاء عليها وبها في صراعات دموية داخلية وفي معارك وهمية تأخذ طابعاُ دينياً وتخدم قضية مزعومة، بتعبئة معنوية من مواقع التواصل الاجتماعي وبالتحديد من يتحكمون ويديرون تلك الشبكات.

وأن ينطلق موقع 24 الإخباري لكي يسد الثغرة، ويبني حاجز صد لمواجهة حروب الجيل الرابع والتصدي للشائعات، والكشف عن الادعاءات، وتحري الدقة في متابعة الخبر، فهو أمر كان ضروري وحتمي وفي وقته وزمانه.

الحملة العالمية لمواجهة داعش التي تبناها موقع 24 هي واحدة من الضربات الإلكترونية التي تتوجه نحو الهدف بدقة، ولا يختلف التصدي الأمني لداعش وما شابهها من تنظيمات إرهابية ومن فكر مدلس وعقيدة فاسدة على الأرض بضربات تستهدف شل قدرة التنظيم على التوسع، من نظيره في التصدي للحروب الالكترونية وكتائبها المنتشرة في كل مكان والتي تتسلل على مدار الساعة لتنفث سمومها، وتضليلها وتوقع المزيد من الضحايا في أتون ذلك الفكر المتطرف، الذي توظفه أجندات أجنبية لضرب الوطن العربي.

جاءت الحملة في توقيت يعاني منه تنظيم داعش الأرهابي من ضربات قوية توجهها له قوات التحالف، ولضربة أخرى من القوات الجوية المصرية، كانت سبباً مباشراً في كشف الغطاء عن حقيقة ذلك التنظيم الإرهابي والجهات التي تموله وأجهزة الاستخبارات الدولية التي تحدد له مهامه وتوقيتها ومكانها.

لقد كان واضحاً ومنذ بداية ظهور التنظيم الإرهابي الداعشي أن الصناعة الهوليوودية هي التي يتحرك بها لنشر صورة ذهنية عن إمكانيات وقدرات التنظيم بهدف ترهيب الجهات التي تقف أمامه، وكأنهم يرسلون برسائل ضمنية لمن يتعاطف مع التنظيم بأن قوته جبارة، وبأن الحلم الذي يسوقونه من أجل سرقة العقول هو أمل قريب وفي متناول اليد، وفي هذا الإطار يجب التنويه أن التنظيم أخذ شكل الدولة المزعومة بالتسمية التي اتخذها بنفسه، وكأن من كانوا يسوقون للفكر الإخواني عبر عقود من الزمن بوصفه الفكر الذي سيعيد للأمة أمجادها عبر عودة الخلافة الإسلامية، والذي كشف حقيقته الوهمية لأتباعه بعد تولي الإخوان السلطة، اختاروا أن يكون الإطار الجديد للتنظيم الذي حل لمواصلة الهدف عن طريقه جاء على شكل دولة مفترضة وحمل اسمها، وأكبر دليل على ذلك حرص قناة الجزيرة على ربط تنظيم إرهابي يقتل وينحر ويفسد بمسمى: الدولة الإسلامية، لأن التنظيم والجزيرة يصبان جهودهما في نفس الهدف وهو منهجية التعبئة العاطفية والشعبية من أجل استخدام الضحايا وقود لمعارك تقسيم الوطن العربي، بالصورة الوهمية التي يزرعونها عبر تكثيف إعلامي وتسويقي وترويجي لفكرة "دولة".

والتنظيم وعبر الفيديوهات البشعة التي يستغل مواقع التواصل في نشرها يرسل برسائل أخرى إلى الجهات التي تقف في مواجهة الإرهاب، بأنه تنظيم ماتت العاطفة من قلوب أفراده، وهم ينشرون الوحشية وصورة التتار العصري ولكن بتوثيق الإجرام والنحر والقتل وبأداء اتفق كل من شاهد الفيديوهات بأنه تنفيذ هوليودي، كما هي العادة حينما تتصدر مثل تلك التنظيمات الواجهة الإعلامية لتنفيذ أجندات من يمول.

ولكن صور بشاعة القتل والنحر جاءت على عكس ما كان التنظيم يتمنى ويرجو، حيث أن ما فعلوه كشف الحقيقة للكثيرين ممن وقعوا أسرى التسويق الذي يروج له تنظيم داعش، وأكد بأن التنظيم تديره وتوجهه كما ذكرت دول وأجهزة مخابرات، وحتى لا يفقد التنظيم التعاطف الذي يمهد له الطريق لتجنيد المغرر بهم حاول أن يتسلل مرة أخرى عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليحقق له زخماً افتراضياً وتعاطفاً شعبياً كما تعود ولكن هذه المرة كان الأمر مختلفاً، فلقد أعلنها24 وأعلنها كل من شارك وبكل اللغات لتعرية وكشف تنظيم المرتزقة داعش.

خطوة استباقية شكلت ضربة موجعة للتنظيم، ولمن برعوا في استغلال وسائل التواصل للحشد ولكسب التعاطف ولصناعة قواعد تكون ظهيراً لتلك التنظيمات وتفريخاتها الدائمة، يختلف الاسم ولا تختلف الوسائل. المواجهة اختلفت وموازين الحرب لا بد ستتغير والحملة التي أطلقها 24 كانت موجعة بدون أدنى شك.