رئيس الهيئة العامة لشؤون الإسلامية والأوقاف الدكتور محمد مطر الكعبي
رئيس الهيئة العامة لشؤون الإسلامية والأوقاف الدكتور محمد مطر الكعبي
الأربعاء 4 مارس 2015 / 21:08

د.الكعبي لـ24: تطويق الخطاب الديني لا يعني الإسلامي العام وإنما المتطرف الهدام

24 - حوار - هالة العسلي

قال رئيس الهيئة العامة لشؤون الإسلامية والأوقاف الإماراتي، الدكتور محمد مطر الكعبي، في حوار مع 24، إن "المقصود بتطويق الخطاب الديني لا يعني الإسلامي العام بل ذلك المتطرف المتضمن لرسائل العنف والكراهية والذي جاء نتيجة الجهل بالدين فقهاً وتاريخاً وهو الخطاب المقلق لكل الشعوب الإسلامية".

د.الكعبي أوجب التصدي الفكري والفقهي للخطاب المتطرف قبل أن يجنح إلى العنف

الإمارات فضاء معرفي واقتصادي مفتوح انتجت الوسطية والاعتدال فكراً وممارسة

وأكد رئيس الهيئة العامة لشؤون الإسلامية والأوقاف، ضرورة التصدي للفكر المتطرف والفتوى المغلوطة قبل أن تجنح إلى العنف كحل استباقي هدفه معالجة القضايا المثيرة للجدل لدى فئة الشباب باعتبارهم الأكثر استهدافاً من قبل الجماعات الإرهابية المتطرفة.

ما هو المقصود بتطويق الخاطب الديني، وإلى من توكل الهيئة مهمة مراقبة محتواه؟

المقصود بتطويق الخطاب الديني، ليس الخطاب الإسلامي العام الذي أجمع عليه جمهور المسلمين في كل زمان ومكان، بل هناك خطاب متشدد أو متطرف، وهو الخطاب الشاذ الذي جاء نتيجة الجهل بالدين فقهاً وتاريخاً ومقاصد ومآلات وهو الخطاب المقلق لكل الشعوب الإسلامية قبل غيرها، إذ هو خطاب يفتقد فقه الواقع، ومقاصد الشرع في حفظ الدين والعقل والنفس البشرية والعرض والمال، إنه يضيع كل هذا، بل يدمر ذاته ومكتسبات المجتمعات الحالية والحضارية، ويأتي الرد على كل خطاب متطرف من الجهات والمؤسسات المعنية بإنتاج المعرفة الدينية، كمؤسسة الأزهر، ومراكز الفتوى، ووزارات الأوقاف والتربية ونحوها.

ما هي الوسائل المتبعة في الشؤون الإسلامية لتطوير الخطاب الديني؟

نعم يحتاج الخطاب الديني الوسطي المعتدل والذي عليه عامة المجتمعات، إلى مواصلة إنتاج المعرفة المتطورة، ومواكبة المستجدات، والإجابات العلمية المنفتحة عما ينشأ من أسئلة عصرية في شتى مناحي الحياة الدينية، فالخطاب الديني الأصيل هو خطاب منفتح على الحياة وتطورها، وهو خطاب هدفه الرحمة والسعادة للناس، أخذا من قوله تعالى: (ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) وهذا الخطاب هو الذي تصونه الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف وتحصنه وتعززه بعدد من المبادرات والدورات، ابتداءً من حسن اختيار الكفاءات العلمية المزاولة له، و تجهيز كفاءات رائدة ومتجددة من طلاب الدراسات الإسلامية وتخصصاتها، للعمل في المساجد، وفي وسائل الإعلام، وفي المؤسسات والأندية المتعددة في المجتمع.

ماذا عن دور الهيئة في توضيح الصورة الحقيقية المغايرة لما رسمته الجماعات المتطرفة عن الإسلام؟

ينبغي التصدي الفكري والفقهي للخطاب المتطرف قبل أن يجنح إلى العنف، لأن الحلول الاستباقية بمعالجة القضايا المثيرة للجدل والمشاكل لدى الشباب، هي الحلول التي تعتمد الحوار الفكري، وبناء المعرفة الوسطية لإقناع أولئك المتشددين، وقد تحتاج الحلول إلى تضافر عدد من المؤسسات التربوية والنفسية والرياضية والدينية لتأهيل من وقع في أزمات التطرف والتشدد، وينبغي التيقظ لتجفيف مستنقعات التطرف والمتطرفين، ابتداءً من الأسرة والمدرسة والمدرسين، والمساجد، لوضع تلك البؤر والمستنقعات تحت مجهر التوجيه والتوعية في كل وسائل التوعية والإعلام .

يقع الكثير من الشباب ضحايا فتوى تبيح التحاقهم بالجماعات المتطرفة، فما هي رسالتكم تجاه ذلك؟

الاعتماد على الفتوى القديمة التي تناسب زماناً خاصاً وبيئة خاصة في قرون محددة قد لا تصلح لزماننا هذا، وقد أنصف علماء الأصول والفقه حين قالوا في مصنفاتهم المعتبرة: "تتغير الأحكام بتغير الأزمان والأحوال"، ومعضلة المتطرفين اليوم هي تجاهلهم لفقه الواقع الذي أشار إليه المحققون من الفقهاء قديماً وحديثاً، والقفز إلى فتاوى ممن أنجزوا لأزماتهم وظروفهم الخاصة وكان الأمثل الاعتماد على الفتوى الصادرة حديثاً عن مجمّعات الفقه الإسلامي ودور الفتوى، ومن أبرزها المركز الرسمي للإفتاء في دولة الإمارات، فرسالتنا اليوم لكل مريدي الفتوى أن يأخذوها من مصادرها ومرجعياتها الرسمية، لا من آراء المتطرفين، إذ الفتوى اليوم أصبحت صناعية علمية جماعية تنضجها المراكز البحثية في الإفتاء وليس أشخاص بمفردهم.

ما هو دور الهيئة في تعزيز مظاهر التعايش السلمي في الإمارات؟
الإمارات فضاء معرفي واقتصادي مفتوح، وبحكم انتهاج الوسطية والاعتدال فكراً وممارسة وفق الله تعالى قيادتنا الرشيدة، ومجتمعنا أيضاً أن ينعقد على أرضها الطيبة توافق مثالي بين الأصالة والحداثة، وبين الدين والدنيا، وبين الماضي وعراقته، والحاضر ونهضته، والمستقبل وتطلعاته، وكانت سماحة الشريعة، وعدالة القانون والقضاء، هما صمام أمان لكل أبناء الوطن والمقيمين فيه من مختلف الجنسيات والثقافات والديانات وأصبحت دولة الإمارات أجمل واقع معيش وأسعده للجميع، وكأن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو العنوان الحضاري بكل محدداته وجزيئاته: (رحم الله عبداً عرف حده فوقف عنده).

الخطاب الديني في الإمارات
والخطاب الديني في دولة الإمارات هو خطاب معزز لهذا التعايش الجميل، فالمساجد لكل الجنسيات، كما المدارس والحدائق وكل مرافق الدولة، فالفضاء الإماراتي واحة سلام للجميع بفضل سياسة قيادتنا الحكيمة في ترسيخ العدل والتسامح وصيانة حقوق الجميع، ولا يفوتنا هنا أن نذكّر برؤية الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، فهي هيئة رائدة في توعية المجتمع وتنميته وفق تعاليم الدين السمحة، التي تدرك الواقع وتستشرف المستقبل.