تظاهرة سابقة بتركيا تنديداً بقمع الحريات (أرشيف)
تظاهرة سابقة بتركيا تنديداً بقمع الحريات (أرشيف)
الجمعة 6 مارس 2015 / 17:49

تقرير: تركيا تتحول إلى دولة بوليسية

24- طارق عليان

سلط موقع "ديلي بيست" الإخباري الأمريكي في تقرير له الضوء على التضييق على حرية التعبير في تركيا، قائلاً إن "إغضاب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان يمكنه أن يزج بك خلف القضبان، حتى ولو كنت صبياً صغيراً".

وأشار التقرير إلى أنه "تجري حالياً محاكمة طالب في المرحلة الثانوية، يبلغ من العمر 16 سنة في تركيا، بتهمة إهانة الرئيس رجب طيب أردوغان، في الوقت الذي يواجه فيه رئيس تحرير أكبر صحيفة معارضة في البلاد حكماً بالسجن قد يصل إلى تسع سنوات على خلفية نشره حواراً أغضب الرئيس". 

دولة بوليسية
وفي ظل قرب منح قوات الأمن صلاحيات إضافية أيضاً، يقول النقاد إن "تركيا آخذة في التحول إلى دولة بوليسية".

وتعتبر محاكمة الطالب، الذي ذكرت الصحافة أن اسمه محمد أمين التونسيس، الحلقة الأخيرة في سلسلة من الدعاوى القضائية، ولوائح الاتهام، وأوامر الاعتقال الموجهة ضد الناشطين، الذين يوجد بينهم قاصرون، وضد الصحفيين المتهمين بتشويه سمعة الرئيس.

وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، کمال قلیتش دار أوغلو، في كلمة له هذا الأسبوع إننا "نسير في اتجاه العصور الوسطى"، وأضاف متحدثاً عن أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم "الدكتاتوريون لا يمكنهم أن يجيئوننا بالديمقراطية".

اعتقال طالب

وألقت الشرطة القبض على التونسيس في مدينة قونية الواقعة في وسط الأناضول في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد أن ألقى كلمة أثناء إحدى الوقفات المحلية التي نظمت إحياء لذكرى ضابط بالجيش قتله الإسلاميون في عام 1930.

وبحسب تقارير صحفية، فإن الطالب الذي يدرس بإحدى المدارس الثانوية قال إنه "لا يعترف بأردوغان رئيساً، بل يراه كشخصية قيادية في الفساد- فهو كان طرفاً في فضيحة عارمة العام الماضي- وكصاحب قصر مخالف للقانون".

قصر الرئيس
وتشير هذه الملاحظة الأخيرة إلى قصر رئاسي جديد مثير للجدل في أنقرة، أُنشئ على نحو ضرب عرض الحائط بالقيود على البناء في تلك المنطقة حسبما يقول النقاد. ويقول أردوغان، الذي كان رئيساً للوزراء في الوقت الذي ثارت فيه فضيحة الفساد، إن "الاتهامات لا أساس لها من الصحة، وأنها جاءت في إطار جهود الداعية الإسلامي المقيم في أمريكا فتح الله غولن الرامية إلى إطاحة الحكومة"، ونقل عن رئيس الوزراء الحالي أحمد داود أوغلوا قوله إنه "يجب على الجميع احترام الرئيس".

وأطلق سراح التونسيس بعد إلقاء القبض عليه بيومين، ومن المقرر أن يمثل أمام محكمة للأحداث في قونية، بعد أن منحت وزارة العدل في أنقرة الإذن بالسير في محاكمة الطالب، وهو يواجه الآن السجن لمدة تصل إلى أربع سنوات في حالة إدانته".

وهناك أحداث آخرون يواجهون متاعب، على خلفية ما يزعم أنه ازدراء مؤثَّم لرئيس الدولة. ففي بلدة أيفاليك في غربي البلاد، استجوب الادعاء العام هذا الأسبوع، صبياً يبلغ من العمر 13 سنة بعد اتهامه بإهانة أردوغان في تدوينة له على "فيس بوك".

وقال والد الطفل للصحافة المحلية إن "التدوينة أشارت أيضاً إلى فضيحة الفساد التي ثارت العام الماضي"، وجاء تصرف الادعاء العام هذا بعد وقت قصير من إصدار إحدى المحاكم الواقعة في مدينة أنطاليا الساحلية الجنوبية حكماً مع إيقاف التنفيذ بالسجن لمدة سبعة أشهر ضد صبي آخر يبلغ من العمر 17 سنة، وأيضاً على خلفية ما يزعم أنها إهانة لأردوغان خلال تجمع جماهيري.

ملكة جمال تركيا 
وتستمر القائمة، حيث تواجه ملكة جمال تركيا السابقة، مروة بويوكسراتش حكماً بالسجن يصل إلى سنتين على خلفية اتهامها بإهانة أردوغان عن طريق شبكة التواصل الاجتماعي "إنستغرام". وقالت تقارير صحفية إن "محامي أردوغان طلبوا من أعضاء الادعاء العام فتح تحقيق ضد ملكة جمال تركيا السابقة".

واتهم أتيلا كارت، العضو القيادي في حزب الشعب الجمهوري، أردوغان بنشر "الخوف والضغط والتهديدات والاعتقالات" من خلال قضايا مثل قضية التونسيس في قونية: "المراد بهذا هنا هو إرسال رسالة إلى المجتمع".

تاريخ من القمع
ولفت التقرير إلى أن لتركيا تاريخ طويل من قمع المعارضين، لكن المثير للسخرية أن أردوغان نفسه هو الذي وسّع حدود حرية التعبير خلال سنواته الأولى كرئيس للوزراء، وذلك عندما دفع في اتجاه قبول تركيا كعضو في الاتحاد الأوروبي أثناء العقد الماضي. ويقول النقاد إن "عملية الإصلاح أفسحت المجال لتراجع بدأ يستجمع الزخم، منذ أن صار أردوغان أول رئيس لتركيا منتخب انتخاباً مباشراً من الشعب العام الماضي. ويقول أردوغان إنه باقٍ على التزامه بديمقراطية أقوى في (تركيا جديدة)".

لكن البعض يقولون إن "تركيا الجديدة" تعني تسامح أقل، لا أكثر، مع حرية التعبير إذا كانت الآراء المعبَّر عنها غير مرضية للحكومة أو للرئيس نفسه. وكثيراً ما تُستحضر التعليقات على فضيحة الفساد التي تكشفت فصولها العام الماضي كأسباب للإجراء القانوني ضد نقاد الحكومة".

الضغط على الإعلام

وفيما تزيد السلطة القضائية الضغط على وسائل الإعلام، تسعى الحكومة إلى تمرير مشروع قانون من البرلمان أثار شواغل داخل تركيا وخارجها بشأن تراجع سيادة القانون، ومن شأن القوانين الجديدة، التي تسمى "حزمة الأمن الداخلي"، أن توسع صلاحيات الشرطة لاعتقال المتظاهرين وتفتيشهم وأن تعطي الضباط حقوقا أوسع لفتح النار أثناء الاضطرابات العامة.

وشجبت المعارضة في أنقرة مشروع هذا القانون، إذ شهدت قاعة البرلمان اشتباكات بالأيدي أثناء مناقشة لحزمة القوانين، كما شجبها أيضاً ناشطي حقوق الإنسان ومجلس أوروبا. وحذر نيلز مويزنيكس مفوض حقوق الإنسان بالمجلس قائلا: "أي توسيع لصلاحيات الشرطة لاستخدام الأسلحة النارية، أو لاستخدام القوة أثناء المظاهرات، أو للإيقاف والتفتيش، أو لإلقاء القبض على المشتبه بهم بمبادرة من الشرطة ومن دون إذن قضائي سينطوي على المخاطرة بزيادة احتمال انتهاكات حقوق الإنسان".

وقال الأمين العام لوقف حقوق الإنسان التركي، متين بقالجي، في حديث مع موقع "ديلي بيست" إن البلد على المسار نحو نظام حكم سلطوي". ودعا الحكومة إلى "إلغاء حزمة الأمن الداخلي والعودة إلى طريق الإصلاح". وأضاف بقوله: "يجري هدم سيادة القانون والفصل بين السلطات".