الفنان التشكيلي الصيني يان بي مينغ (المصدر)
الفنان التشكيلي الصيني يان بي مينغ (المصدر)
الثلاثاء 24 مارس 2015 / 18:26

الفنان الصيني يان مينغ: لا أخاف الموت

24 - إعداد: أحمد ضيف

عاش الفنان التشكيلي الصيني يان بي مينغ (شنغهاي-1960) خلال الثورة الثقافية البروليتارية الماوية الكبرى وعمل كفنان في خدمة النظام. بعد ذلك، انضم للمجموعة الأولى للفنانين التي تركت الصين عام 80. وبآمال كبيرة، وصل إلى فرنسا لدراسة الفنون الجميلة، وحصل على دبلوم في هذا المجال من باريس وروما.

وهذا التغير الجغرافي والثقافي والفني أثر بشكل قاطع في عمله، يتميز فن يان بي مينغ بالدائرية الحمراء والبيضاء والسوداء وبالخطوط العنيفة والقاطعة. وتدور أعماله بالأساس حول "الصورة"، نوع فني يفسر الضغوط النفسية التي تعكسها شخصياته الأيقونية.

وعند دخوله ستوديو الفنان الفرانكو-صيني تشعر في التو ليس فقط بالترحال عبر تاريخ الرسم الغربي، بل أيضاً بالتعرف على بعض أدوات الفترة التي كان فيها في خدمة نظام ماو. وربما يكون ذلك خير مثال على ما يمكن أن نسميه اليوم "العالم المتعولم"، حيث يعاني الإنسان بطريقة دراماتيكية تجربة العزلة والموت.

هنا يتكلم مينغ مع صحيفة إيه بي سي الإسبانية:

تربيت في الصين في ظل الثورة الثقافية حتى بلغت سن العشرين، ثم انتقلت لتعيش في فرنسا. كيف كان التطور التصويري من مرحلة قيود الفن الدعائي في خدمة النظام إلى مرحلة الحرية المطلقة؟
في تلك الفترة بالصين، كان التأثير في الفن هو تأثير الأكاديمية القادم بالأساس من الاتحاد السوفيتي. كان رسماً دعائياً في خدمة نظام تلك الحقبة. السنوات الخمس التي قضيتها في المدرسة العليا للفنون الجميلة بـ ديغو كانت بالنسبة لي الحرية الكاملة. بداية من تلك اللحظة استطعت أن أصهر ما تعلمته من الرسم الدعائي مع رؤية شخصية جداً لعالم اليوم. حريتي في التعبير منطوقة جداً في عملي الحالي.

كيف عشت الصدمة الثقافية من الشرق للغرب، من نظام شيوعي إلى فرنسا ميتران الاشتراكية؟
أبرز ما في فرنسا الفردية. بالنسبة لي، كانت سياسة ميتران، بلا شك، اشتراكية، لكنها أيضاً ليبرالية.

حصلت على منحة من الأكاديمية الفرنسية بروما عام 93، ما الانطباع الذي تركته فيك إيطاليا، كيف كانت التجربة؟
تجربة فريدة. عشت عاماً مذهلاً. كنت كأنني في الجنة وأتتبع خطى كل الرسامين العظماء الذين عبروا بتلك المدينة. هؤلاء الأساتذة القدامى يساعدونني على فهم فن الماضي ويفتحون لي طريقاً نحو فن اليوم. كانت تجربة لا تنسى.

ماذا تذكر من طفولتك؟
كانت طفولة سعيدة ومنعزلة. حلمت دوماً أن أكون رساماً لأنني أستطيع أن أعبر عن نفسي بالكلمات. إنها قوة.

رسمت عدة لوحات عن أبيك الراحل حدثني عنه
دائماً ما رسمت أبي. نظرتي إليه تطورت مع مرور السنين. بالإضافة، عناوين هذه اللوحات صفات له، تحمل ما شاهدته من عيوب ومزايا. الحقيقة أن نظرة لأبيك وأنت طفل تختلف عن نظيرتها وأنت ناضج. أعتقد أن لوحاتي تعكس ذلك.

رسمت أيضاً عدة لوحات لـ ماو. ماذا يعني ذلك ومن هو بالنسبة لك؟
ظهر في عملي منذ طفولتي. كان الصورة الأكثر تداولاً وانتشاراً في الصين. وترك في بصمته. أتذكر كذلك درسي الأول في المدرسة: يحيا الرئيس ماو. إنه شخصية أسطورية.

قلقك الوجودي بدأ مبكراً جداً. الحضور المستمر للموت في تفكيرك ممثل باستمرار في أعمالك. هل فكرة الموت تجعلك مدفوعاً للحياة؟
في أعمالي ثمة حالات شعورية كثيرة: استياءاتي، آلامي، ارتيابي. حضور الموت فيها هام جداً. وكذلك، بالطبع، الطاقة والحياة. لا أحتاج فعل شيء ديكوري أو مصطنع. الرسم محض عناق.

ما الذي يضايقك في فكرة الموت؟
عندما أفكر في الموت، أنتفض. بداية من هنا، يمتلئ عملي بالحياة. لا أخاف الموت. أخاف ألا أعيش أكثر.