الخميس 26 مارس 2015 / 17:03

ما بعد العاصفة



في اللغة العربية، تقول المعاجم في مادة حاث: "تَرَكَهُم حَوْثاً بَوْثاً، أي فرّقهم، وأَحَاثَ تعني فَرَّقَ وحَرَّكَ". ولا يختلف معنى الكلمة في لهجات المنطقة، ويقال عن القطعة من الحطب التي يحرك بها الجمر، مِحواث. ويقال: فلان محواث جمر، أي مسبب للفتن والمشاكل. واليوم، لا يوجد محواث للجمر في المنطقة مثل إيران وأتباعها الحوثيين، الذي يريدون تحويل اليمن والمنطقة إلى تنور مشتعل لا تنطفئ ناره. ويسعون إلى إثارة الفرقة والتقسيم على أسس مذهبية وعرقية.

لذلك، كان لا بد من وقفة حازمة مع الفوضى التي دبّت في اليمن مؤخراً، وفق مخططات إيرانية مكشوفة، وكان لا بد أن تهبّ عاصفة الحزم التي ستعقبها بإذنه تعالى أمطار الأمن والاستقرار في اليمن الغالية على قلوبنا. إنها العاصفة التي ستترك الحوثيين حوْثاً بَوْثاً. إنها عاصفة ذات وجهين، وجه يقتلع جذور الشر والفتنة، ووجه يمنع الفوضى ويعيد الأشياء إلى أماكنها الصحيحة.

آن لليمن أن يعود سعيدا.. وآن للشعب اليمني أن يتنفس هواءً نقياً خالياً من سموم الطائفية المقيتة، وآن لشلالات الدم أن تتوقف بعد أن أصبح الحوار مجرد علكة تلوكها بعض الأطراف السياسية المتصارعة على الحكم فيها.

آن لتفجيرات اليمن أن تخْمد وتتوقف، وآن لفتيلها أن ينزع، وآن للأعين في أرض الحضارات والتاريخ أن تنام مطمئنة.

ولأن التدخل الإيراني في اليمن صار سافراً ومكشوفاً ومهدداً لأمن المنطقة، ولأن الأوضاع الأمنية خرجت عن السيطرة في أرض الحضارات والتاريخ العريق، وصارت بيد العصابات الحوثية، فقد لبت أغلب القوات الخليجية والعربية والدولية نداء الحكومة اليمنية لمساعدتها وتحريرها من قبضة الحوثيين الذي وضعوا اليمن على شفا حرب أهلية مدمرة.

لم تتأخر دول الخليج بقيادة المملكة العربية السعودية عن تلبية النداء اليمني، وهبت لإنقاذ اليمن وشعبه من رحى الفوضى السياسية والعسكرية في أراضيها، وبدأت منذ ساعات العمليات العسكرية الجوية التي لن تكون العمليات الوحيدة لتطهير أراضي اليمن من قبضة الحوثيين وخطرهم.

إن هذا التدخل العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، وبمشاركة مهمة من أغلب دول مجلس التعاون الخليجي (الإمارات والكويت والبحرين وقطر)، ومن دول عربية ذات ثقل مهم في المنطقة كمصر والأردن، يؤكد على أن هذه الوقفة مع اليمن تنطلق من خوف وحرص على استقرارها.

ومن الطبيعي أن تكون إيران أول الرافضين لهذا التدخل، لذلك جاءت ردة فعلها سريعة عبر طلبها إيقاف الاعتداء على القوات الحوثية. وهو طلب ليس بمستغرب على دولة راعية للإرهاب في العالم.

إن المخطط الإيراني الذي تحاول إيران تنفيذه في المنطقة، يكشف مدى خطورة هذا العدو الذي يحاول أن يبدي وجهاً مختلفاً عن الوجه الحقيقي الذي تتساقط أقنعته في الظلام.

شكراً للمملكة العربية السعودية، شكراً لدولة الإمارات، شكراً لكل الدول الخليجية والعربية التي شاركت في هذا التحالف الذي تدخل في الوقت المناسب لإنقاذ اليمن وأهلها من الغرق في بحار من الحروب الأهلية.

ولمن يقول بأنه توجد مصلحة لدول التحالف من تدخلها في اليمن، أقول: نعم، هناك مصلحة واحدة لها، وهي استقرار اليمن سياسياً وعسكرياً وأمنياً واجتماعياً، وعودة الابتسامة إلى وجه هذا البلد الجميل، الذي كان يسمى في يوماً ما: اليمن السعيد.