الجمعة 27 مارس 2015 / 00:19

بشار والخليفة المستكفي بالله وقاسم سليماني!!



حكم حافظ الأسد سوريا ثلاثة عقود كاملة أنهى خلالها عهود الانقلابات التي كانت ميزة الدولة السورية منذ الاستقلال، وصنع "استقرار الرعب" عبر الحكم "بالقمع والخوف معاً"، ونجح الأسد الأب في تحقيق نظريته حتى توفي في العاشر من يونيو (حزيران) عام 2000، واستلم بشار الحكم في أول سابقة توريث في نظام جمهوري، وكان بشار يدرك أن هذا الموقع ليس له، كان يدرك أنه صُمم من قبل والديه لـ"باسل" الذي قتل في ظروف غامضة، كما كان يدرك أن أمه أنيسة مخلوف "المرأة الفولاذية" داخل العائلة لم تكن تثق بقدراته وكانت ترشح شقيقه ماهر الذي كانت ترى فيه شخصية أقرب لباسل، غير أن حافظ الأسد وابنته بشرى قررا أن يكون بشار هو الوريث، فحافظ الأسد كان مع هذا القرار لكون بشار هو الأخ الأكبر بعد باسل، وأن قراراً بتغيير التراتبية العمرية قد يخلق صراعاً بين الأخوة لاحقاً، أما بشرى فقد كانت مع بشار لأنها كانت تدرك كراهية ماهر لزوجها آصف شوكت، وبالتالي فهي تريد بشار الذي لم يبد اعتراضاً على زواجها من شوكت ابن العائلة الفقيرة والمتواضعة.

شكلت قصة الخلافة لحافظ الأسد عقدة في "نفس" بشار، فهو كان يعلم أنه ليس الخيار الأفضل لوراثة والده، وكان يعلم جيدا أنه اختير بالصدفة بعد موت باسل وأن "تخليفه" الحكم كان موضوعاً شائكاً وجدلياً داخل "بيت الأسد الأب"، وهو أمر افقده ثقته بنفسه خاصة بعد تلمسه وبشكل مباشر كيف كان قادة الأجهزة الأمنية يجهزون له المسرح للوراثة ويلقونه التعليمات حتى بعد أن أصبح رئيساً للجمهورية وبعد تعديل الدستور بدقيقتين ليصبح بشار رئيساً للجمهورية وريثاً لحافظ الأب.

بعد أن تسلم الحكم كان حائراً بين تطلعات "إصلاحية" وبين الحرس القديم من رجال والده، ولكنه في نهاية المطاف لم يختر لا هذا ولا ذاك، واختار العودة "لنظرية الخوف والقمع" الخاصة بوالده ولكنه مارسها بكثير من الخطأ فخسر خلالها سوريا ولبنان.

عملياً، فإن الذي كان يحكم سوريا قبل الثورة في عام 2011 هي أنيسة مخلوف ومعها ماهر الأسد، وفي المعلومات إن قرار اغتيال رفيق الحريري قرره ماهر الأسد ونفذه رستم غزالي، وبعد اتخاذ القرار وافق عليه بشار بضغط من والدته، وبعد اغتيال الحريري عام 2005 وقع بشار الأسد في أكبر ورطة لم يكن يتوقعها، لقد اغتال أهم صديق لحافظ الأسد كان داعماً للعلاقة الإستراتيجية بين البلدين، وكانت كلمات أنيسة له بعدما اضطرت قواته العسكرية لمغادرة لبنان "بعد احتلال فعلي" دام 29 عاماً أكبر صفعة تلقاها في تجربته في الحكم: " أبوك ترك لبنان لولد الولد .. وأنت ضيعته".

قال لي مسؤول عربي إن بشار وبعد أن بدأت الثورة عليه، كان في حالة غرور لا تطاق، كان يعتقد انه سيسحق أية ثورة عليه، وأنه قادر وبفعل أجهزته الأمنية أن يصل لأي شخص يعارضه ويعتقله، والأخطر أنه كان يعتقد أن الشعب السوري "متيم" به، وأنه زعيمه الجديد.

اكتشف بشار أنه ليس زعيماً إقليمياً فقد تخلت عنه تركيا بسرعة جنونية وكذلك قطر، واكتشف انه استعدى العرب وتحديداً السعودية ودول الخليج العربي، سقط بإرادته أو بدونها "طفلاً" في الحضن الإيراني.

... يراهن بشار الآن على انتصارات إيران الإقليمية في العراق ولبنان واليمن ولكنه ينسى أن سوريا قصة مختلفة، ينسي التاريخ وينسى أن من يحكم دمشق يحكم الإقليم، كما القاهرة، كما بغداد، وينسى أن حكم قاسم سليماني "الذي بات يدخل سوريا ويخرج منها بقوات عسكرية مجلجلة" هو سلطة أعلى من سلطته وانه بات الحاكم الفعلي لسوريا.

والسؤال هل كان يقبل حافظ الأسد مثل هذا الحال؟ وهل كان يقبل أن يتحول إلى خادم عند الفرس كما هو حال بشار ابنه.

حافظ الأسد الذي روض "مشروع حزب الله" منذ عام 1982، حتى حوله مشروعاً استخبارياً لسوريا في لبنان !!، لو قدر له أن يعيش يوماً واحدًا ويرى كيف قاد هذا "الغر والمراهق" الدولة السورية لكان قتله أو قتل نفسه!!

لا يعلم بشار أن ما جرى معه كان قد جرى في التاريخ مع حاكم ضعيف ومتواضع ولكنه كان مغروراً مثله بالسلطة الوهمية، إنه الخليفة العباسي المستكفي بالله في العام 334ه، و أراد التخلص من حكم الترك لدولته، فاستعان بأحمد بن بويه ليخلصه من الترك وسماه حينها "معز الدولة" ولكن أحمد بن بويه خانه ولم يطرد الترك فقط بل سجن المستكفي بالله وأسس دولة البويهيين وجعل بغداد عاصمته.

حال بشار الأسد اليوم هو تماماً كحال المستكفي بالله في العام 334 ه.

أما معز الدولة السورية الآن فهو قاسم سليماني!!!

فهل من عبر؟؟؟