مطالب بتحالف حقيقي شامل بين الخليج وأمريكا (المصدر)
مطالب بتحالف حقيقي شامل بين الخليج وأمريكا (المصدر)
الجمعة 27 مارس 2015 / 01:36

ناشونال إنترست: دعوات بطمأنة شركاء أمريكا العرب في الخليج

24 - إعداد: طارق عليان

قال الزميل الأول لأمن الشرق الأوسط في مركز برنت سكوكروفت للأمن الدولي في المجلس الأطلسي بلال صعب، ونائب الرئيس ومدير مركز سكوكروفت في المجلس الأطلسي باري بافيل، في مقال مشترك نشرته صحيفة "ناشونال انترست" إنه حان الوقت الآن لكي ترقي الولايات المتحدة شراكتها مع دول الخليج العربية إلى تحالف حقيقي.

وأوضح الباحثان أنه في حال التوصل إلى اتفاق نووي شامل بين إيران ومجموعة الأمم التي تقودها الولايات المتحدة والمعروفة باسم "مجموعة 5 + 1" (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس أمن الأمم المتحدة: الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا، بالإضافة إلى ألمانيا)، فسيكون لهذا تداعيات كبيرة على الأمن والاستقرار في منطقة ذات حيوية استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة والاقتصاد العالمي.

الاتفاق لن يجعل إيران دولة مسالمة
وأضاف الباحثان "مثل هذا الاتفاق يمكنه أن يُسبغ منافع أمنية مهمة على المنطقة، لكنه سيكون أيضاً محفوفاً بمخاطر كبيرة. على نحو أكثر تحديداً، سيمنع هذه الاتفاق، اصطلاحيّاً، إيران من سرعة إنتاج أسلحة نووية (على الأقل طوال مدة الاتفاقية)، لكنه على الأرجح لن يجعلها مسالمة ولن يحوّلها إلى دولة مسؤولة تحترم سيادة جيرانها".

وتابع الباحثان "بعض شركاء الولايات المتحدة الإقليميين، ومن ضمنهم الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر وتركيا وإسرائيل، أقل يقيناً من هذا بكثير بشأن محصلة ما يرونه اتفاقاً نوويّاً إشكاليّاً لا يقضي على قدرات إيران النووية، ويعتقدون بقوة أن مثل هذا الاتفاق لن يسفر إلا عن إعطاء طهران رخصة للهيمنة على جيرانها وتشكيل الوضع السياسي في المنطقة لصالحها، وكل هذا على حساب الأمن الإقليمي والمصالح الجماعية".

إذاً فعلى الرغم من أن وجود إيران خالٍ مؤقتاً من الأسلحة النووية سيقلل من مخاطر انتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، فإنه ليس واضحاً بالكلية، بحسب المقال، ما إن كان هذا سيجعل المنطقة أكثر أمناً بحال، مما يدفع شركاء واشنطن الإقليميين على الأرجح إلى التحوط لرهاناتهم في خضم قلقهم على أمنهم وانعدام يقينهم بشأن مستقبل علاقاتهم الأمنية مع الولايات المتحدة، وإلى تكثيف بناء ترسانات أسلحتهم، والتنافس بشراسة أكبر بكثير مع إيران في ميادين استراتيجية متنوعة. وسيتمخض هذا على الأرجح عن معضلات أمنية خطيرة في المنطقة، وهو ما قد يزيد احتمال الحرب. تأثير الدومينو هذا – وهو ليس بالشيء المستبعد – سيلحق ضرراً شديداً بالمصالح الأمريكية في المنطقة فضلا عن الأمن الدولي، وفقاً للباحثَيْن.

ولاتقاء المزيد من انعدام الاستقرار الإقليمي بشكل عام واتقاء أي ديناميات مدمرة معينة قد تنشأ عن التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، أكد الباحثان على ضرورة أن توضح الولايات المتحدة لحلفائها الإقليميين بما لا يدع مجالاً لأي شك أن أمنهم سيظل على رأس الأولويات المشتركة، وأنه لن يُسمح لإيران بالاستئساد على جيرانها وزعزعة استقرارهم.

معاهدة للدفاع المشترك
وتحقيقاً لهذه الغاية، يرى الباحثان ضرورة "أن تقترح الولايات المتحدة معاهدة للدفاع المشترك ثم تتفاوض بشأنها مع المعرضين أشد العرضة للخطر من بين شركائها الإقليميين القدامى، وأعني دول الخليج العربية. سيكون هذا قراراً شديد الصعوبة، ومن الراجح أن يواجه معارضة من جانب بعض ممن في الكونغرس الأمريكي ممن تفوق شواغلهم بشأن سجلات حقوق الإنسان في بعض بلدان الخليج العربية شواغلهم الأمنية، غير أنه من دون مثل هذه المعاهدة، هناك فرصة لا بأس بها أن يكون البديل هو شرق أوسط يعاني من مزيد من انعدام الاستقرار وانعدام الأمن، وهو ما سيكون أشد ضرراً بكثير بالنسبة للمصالح الأمريكية".

وأوضح الباحثان "معاهدة الدفاع المشترك المقترحة هذه سترقي في الأساس العلاقات الأمنية القديمة، التي نجحت في الصمود أمام اختبار الزمن، بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربية من شراكة إلى تحالف. والفرق بين الشراكة والتحالف أبعد ما يكون عن كونه فرقاً لفظيّاً. فإذا كان هناك بلدان حليفان أو أكثر، فهذا يعني أن الواحد منهما ملزم قانوناً بأمن الآخر والعكس بالعكس، وبأن يساهم في الدفاع عن الآخر في حالة تعرضه لهجوم. ولعل حلف شمال الأطلسي (الناتو) أبرز مثال على مثل هذا التحالف، إذ أن الهجوم على أحد الأعضاء يُعتبر هجوماً على الكل. ومن ناحية أخرى، فإذا كان هناك بلدان أو أكثر تجمعهما شراكة أمنية، فهما نمطيّاً ليسا ملزمين بالدفاع عن أحدهما الآخر إذا تعرض أي منهما لهجوم، وذلك على الرغم من انخراطهما في صور متنوعة من التعاون الأمني. وفي معظم الحالات إن لم يكن في كلها، لا يتم توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين الشركاء. وهذه هي سمة العلاقة الراهنة بين الولايات المتحدة وبلدان مجلس التعاون الخليجي الستة".

ورأى الباحثان أن إبرام معاهدة دفاع مشترك مع من ترغب من دول الخليج العربية يتيح مزايا استراتيجية متعددة للمنطقة والولايات المتحدة:

مزايا استراتيجية
أولاً: في هذا إشارة قوية إلى إيران ورادع لها، وستكون في توسيع الولايات المتحدة علاقاتها التي مضى على قيامها عقود مع دول الخليج العربية رسالة واضحة لإيران تنبئها بخطوطها الحمراء في المنطقة. ووضوح النوايا على هذا النحو من جانب الفاعل العسكري الأقوى في المنطقة حاسم الأهمية للاستقرار الاستراتيجي.

ثانياً: يمثل هذا أبلغ صورة من صور التطمين الأمني لدول الخليج العربية، التي ستنخرط في سلوك أشد وضوحاً وأقل مخاطرة انطلاقاً من ثقتها في أن الولايات المتحدة ستهب لحمايتها من أي غائلة إيرانية.

ثالثاً: يمكن لمثل هذه المعاهدة تعزيز حزمة إدارة أوباما التشريعية التي ينبغي تقديمها برفقة الاتفاق النووي الإيراني إلى مجلس الشيوخ للتصديق عليها – هذا إنْ تم التوصل إلى اتفاق وإنْ قررت الإدارة تقديمه إلى مجلس الشيوخ – كتكملة ضرورية هدفها طمأنة المتشددين في مجلس الشيوخ على أن الإدارة جادة كل الجد في التصدي للتحدي الأمني الإيراني متعدد الأوجه.

رابعاً: إبرام مثل هذه المعاهدة يمكنه المساعدة على الاستجابة إلى الداعين إلى نشر قوات أمريكية أكبر كثيراً في الخليج لطمأنة دول الخليج العربية بعد أن توقع الولايات المتحدة على اتفاق نووي مع الغريم الأكبر لهذه الدول. وعلى الرغم من الحاجة إلى احتفاظ القوات العسكرية الأمريكية في الخليج بوضع قوي وزيادة قدرتها على الحركة ومرونتها، فإن نشر قوات عسكرية جديدة ضخمة تحت مظلة معاهدة الدفاع المشترك لن يكون فعالاً من حيث التكلفة، ولا سيما في ضوء الطلب العالمي على القوات المسلحة الأمريكية في أماكن أخرى.

ولفت الباحثان إلى أنه منذ بضع سنوات، وعندما لم تكن الآمال في التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران تبدو مبشرة، كان المسؤولون الأمريكيون يرحبون بفكرة إبرام معاهدة دفاع مشترك مع دول الخليج العربية، حيث أشارت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في 22 يوليو (تموز) 2009 أن الولايات المتحدة ستمدد "مظلتها الدفاعية" إلى الشركاء الإقليميين الراغبين في حالة حصول إيران على أسلحة نووية.

وأكد الباحثان في ختام مقالهما على أنه قد حان وقت مثل هذه المظلة الدفاعية الآن، لا بعد حصول إيران على القنبلة.