السبت 28 مارس 2015 / 00:44

المغرب يستعد لإصدار قانون يخرج الإجهاض للعلن

يستعد المغرب خلال الأيام المقبلة، لإصدار قانون ينظم الإجهاض لإخراجه من السرية إلى العلن وفق ضوابط وشروط، بعد أن أثار هذا الموضوع جدلاً واسعاَ بين الأوساط المغربية المحافظة والعلمانية والحقوقية، والمدافعين عن حقوق المرأة.

ويرى المحافظون ضرورة تحريم الإجهاض ومنعه باعتباره "جريمة"، ويذهب "المتسامحون" إلى إجازته في ظروف محدودة تكون فيها صحة وحياة الأم والطفل في خطر، أو احتمال أن يعاني الطفل من تشوهات.

أما الحقوقيون والعلمانيون فيرون أنه يجب السماح بإجراء الإجهاض من أجل التقليل من وفيات النساء، في ظل انتشار الإجهاض السري، كما يعتبرونه تدخلاً في إطار حرية المرأة الجسدية.

ظروف غير صحية
وتقول إحصاءات رسمية إن المغرب يسجل من 600 إلى 700 عملية إجهاض سرية في اليوم، في ظروف غير صحية، وعيادات لا تتوفر بها التجهيزات الملائمة، وأن 13% من وفيات النساء تتم في حالات الإجهاض السري.

وتمنع فصول القانون الجنائي المغربي المرأة من إجراء الإجهاض، إلا في حالة وجود خطر على حياتها، أو في حالة وجود تشوهات في الجنين، ويجرم هذا القانون الإجهاض ويعاقب عليه بالسجن من عام إلى 5 أعوام.

وأصدر العاهل المغربي محمد السادس الأسبوع الماضي تعليماته لرئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، لإجراء "سلسلة من المشاورات الرامية إلى التفكير الجماعي والتعددي، حول سبل إصلاح المقتضيات القانونية الحالية المتعلقة بالإجهاض السري".

في سياق متصل، أكد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، أن "القانون الجديد المنظم للإجهاض يتمحور حول الاجتهاد، ويحث على التوصل لصيغة تحفظ قيم المغاربة ودينهم، وحياة المغاربة والمغربيات".

نتائج كارثية
بدورها، قالت الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة فوزية عسولي: "المغرب أخذ الكثير من الوقت لإخراج هذا القانون، إذ كانت نتائجه كارثية سواء بالنسبة للنساء التي تقع في حمل غير مرغوب، وتجد أمامها قانوناً صارماً يجرم الإجهاض بشكل عام، داخل مجتمع تقليدي يرفض علاقات جنسية خارج الزواج، بالإضافة إلى كوارث نبذ الأطفال والتخلي عنهم".

وأضافت "بالرغم من أن حقوق النساء تطورت في المغرب بفضل إصلاح مدونة قانون الأسرة، فإن القانون المنظم للإجهاض ظل من المسكوت عنه، وهذا يعطي صورة سيئة ورجعية عن البلد".

وأكدت أن "الإجهاض ليس وسيلة من وسائل منع الحمل، فلا تلجأ له المرأة إلا في حالة الضرورة، وفي الأخير ما تحمله في أحشائها يخصها".

تغيير القانون الجنائي
من جانبه، اعتبر ائتلاف "ربيع الكرامة" الذي يضم عدة جمعيات تدافع عن حقوق المرأة، أن الدستور المغربي المعدل في 2011 "لا يلائم القانون الجنائي المغربي، بل ويمثل إخلالاً بالتزامات المغرب تجاه الاتفاقيات الدولية فيما يتعلق بالمساواة ومناهضة التمييز، إذ أصبح متجاوزاً ولا يستجيب لمتطلبات تمتع المرأة بحقوقها الصحية والإنجابية على نحو كامل، من خلال معالجته اللاحقوقية واللاواقعية للإجهاض، وتجريمه بصفة شبه مطلقة".

وأضاف بيان "ربيع الكرامة" أن "جسد المرأة هو ملك لصاحبته، ولا يحق لأحد غيرها أن ينوب عنها في اتخاذ القرار، أو أن يتصرف فيه دونما إرادتها أو موافقتها، ويرجع لها القرار بالأمومة ووقت الحمل وعدد الأطفال والفترة الزمنية الفاصلة بين حمل وآخر".

ونظمت وزارة الصحة المغربية قبل أسبوعين لقاء اعتبر الأول من نوعه حول الإجهاض، شارك فيه أطباء ونشطاء مجتمع مدني وعلماء دين.


مشكلة اجتماعية
من جانب آخر، قال مدير دار الحديث الحسنية الرسمية للإفتاء أحمد الخمليشي إن الإجهاض "ليس قضية قانونية فحسب، بل هو مشكلة اجتماعية تتطور بتطور ملابسات الحياة الاجتماعية".

وأضاف على هامش لقاء وزارة الصحة أنه "لا يحضر اللقاء باعتباره يمثل هيئة دينية ولا بخطاب ديني، ولست مفتياً، لكني سأخوض في الموضوع بصفتي مسلماً يحاول أن يفهم نصوص الدين".

انتقادات
وانتقدت الناشطة في مجال حقوق المرأة فاطمة المغناوي من اسمتهم "المتتشددين"، على اعتبار أنهم "يعارضون الإجهاض بمبرر صون حياة الجنين، وهم أكثر المدافعين عن عقوبة الإعدام السالبة لحياة الإنسان".

وتابعت "القانون الجنائي كله تمييزي ولا يتلاءم مع الدستور الآن، نطالب بتغيير القانون الجنائي، خاصة فيما يتعلق بحقوق النساء".

وأضافت "عشرات النساء يومياً يعانين الأمرين، هناك نفاق مجتمعي، كما أن منع الإجهاض لم يمنع النساء من إجرائه لكن في ظروف خطيرة، فلماذا لا تكون الأمور دون متابعة حتى نتفادى كوارث اجتماعية".

وأشارت إلى أنه يجب اتباع نهج شامل لعلاج المشكلة يتمثل في "قانون فيه الملاءمة، يجب رفع التجريم عن الإجهاض الطبي، كما هو الشأن بالنسبة لبلدان مسلمة كتونس وتركيا".