السبت 28 مارس 2015 / 09:31

دعاية الحوثيين.. استدعاء التاريخ والطائفية والسيادة الوطنية



تابعت على مدار الأيام الفائتة الإعلام الناطق باسم الحوثيين أو الذي يناصرهم منذ أن بدأت عملية "عاصفة الحزم" لأقف على نمط الدعاية السياسية وطريقة الحرب النفسية التي ينتهجها، فوجدت أنها تدور حول أمور ثلاثة أساسية يمكن ذكرها على النحو التالي:

1 ـ استدعاء التاريخ: وذلك بإنعاش ذاكرة اليمنيين بمحطات الخلاف مع المملكة العربية السعودية، وآخرها تلك الحرب المحدودة بين الجيش السعودي والحوثيين عام 2009، وقبلها النزاعات الحدودية حول نجران وجيزان وعسير، وتبدل نمط تحالفات الرياض ما بين مساندة الشمال الإمامي في حربه ضد الجنوب الماركسي في سيتينيات القرن العشرين إلى مساندة الجنوب ضد علي عبد الله صالح في حرب 1994. وتدخل مصر في هذا الاستدعاء من خلال الحديث عن الثمن الذي دفعته لتدخلها في اليمن في سبيل نصرة الثورة ومحاولة الأخذ بيد المجتمع اليمني إلى الأمام في عهد جمال عبد الناصر.

وينطوي هذا الاستدعاء على تحذير وإنذار للقاهرة والرياض، لكنه يغفل موازين القوة الحالية بين الحوثيين وحليفهم على عبد الله صالح وبين التحالف العشري الذي يقصف مواقعهم العسكرية في شتى ربوع اليمن، كما يغفل أن هذا التدخل يناصره قطاع من الشعب اليمني، ليس في الجنوب فقط إنما في الشمال أيضا، اعتراضا على قفز الحوثي على ثورة الشعب اليمني وتحالفه مع قوى الثورة المضادة ورهن مصالح اليمن لخدمة إيران.

2 ـ توظيف الطائفية: فهذه حرب سياسية، لا يريد من شنوها أن يكون مقصدها الأساسي والمباشر هو قتال الشيعة سواء داخل اليمن أو خارجه في دول عربية وإسلامية أخرى، لكن اصطفاف إيران وحزب الله وقادة العلويين في سوريا وتظاهر عراقيين في جنوب البلاد الذي يقطنه أغلبية شيعية، يسهل مهمة الحوثيين في تسويق الحرب على أنها حرب مذهبية، للتعمية على أسبابها ودوافعها السياسية، وأملا في تأجيج عواطف الشيعة في ربوع العالمين العربي والإسلامي.

ورغم أن الزيدية تختلف في مسائل جوهرية عن التشيع الصفوي وكذلك العلوي، فإن الحوثيين ربطوا أنفسهم في تحالف مع إيران، وصاروا يمثلون أحد أذرع تمددهم في أرض العرب. ولأن إيران توظف المذهب الشيعي كأيديولوجيا خادمة لمصالحها فإن الحوثيين يجارونها في هذا الاتجاه، الذي لا يراعي جانبا مهما من الحقيقة ولا يهتم بالمصالح القومية العربية التي يضر بها ضررا بالغا أي مشاحنات ومصادمات وأعمال عنف أو حرب على خلفية مذهبية، وتصب في صالح أعدائهم، لاسيما مع ما يتم تداوله عن مخطط لإدخال الدول العربية في حروب طائفية تقود إلى تدميرها أو تفكيكها.

3 ـ رفع لافتة السيادة الوطنية: فالحوثيون بدأوا يبثون دعاية قوية تقصد نفوس اليمنيين وأذهانهم بأن هناك مشروع احتلال لبلادهم أو على الأقل مسعى يرمي إلى كسر إرادتهم وإذلالهم أو الحط من كبريائهم والاستهانة بعمقهم الحضاري، ومن ثم فإن الحوثي وأنصاره هم من يقفون الآن في الصف الأمامي للدفاع عن سيادة اليمن وسلامة ترابه الوطني، وعلى الشعب اليمني أن ينضم إليهم في هذه المعركة، وينحي الخلافات البينية جانباً الآن.

وظهر كثيرون في مختلف أجهزة الإعلام يتحدثون في هذا الاتجاه، محاولين جذب بقية الشعب اليمني إليهم، أو على الأقل قطاع معتبر منه، تتم تعبئته كي يتماسك في وجه الضربات الجوية، توطئة لتسليحه وانخراطه في صفوف القتال حال شن حرب برية.