السبت 28 مارس 2015 / 20:04

ستة أبطال كبار.. فيلم أمريكي بنكهة آسيوية

محمد هاشم عبد السلام

في حفلها السابع والثمانين، حسمت ترشيحات الأكاديمية الأمريكية للعلوم والفنون جائزتها السنوية، المعروفة باسم الأوسكار، في فئة أفلام الرسوم المتحركة، لصالح الفيلم الذي يحمل عنوان "ستة أبطال كبار"، كأحسن فيلم رسوم متحركة لعام 2014، وهو من إخراج دون هال، وكريس ويليامز.

اشترك في كتابة الفيلم ثلاثة من كتاب السيناريو وهم، جوردون روبيرتس، ودانيال جيرسون، وروبرت إل. بيرد. هذا إلى جانب مشاركة العديد من المعاونين في تطوير ورسم شخصيات الكثير من الأبطال المشاركين بالفيلم. أما قصة "ستة أبطال كبار" فهي مستلهمة، إلى حد كبير، من سلسلة "الأبطال الخارقون" الشهيرة التي أصدرتها مارفيل كوميكس.

الأمر المثير واللافت، من بين أشياء أخرى عديدة بهذا الفيلم، أنه، وبداية حتى من البوستر أو الملصق، وعبر الخطوط التي كتب بها والتصميم الكلي، تدرك أن ثمة ما هو آسيوي الطابع فيه وبشدة. ولولا أن المرء يلحظ كلمة ديزني على الملصق لظن بالتأكيد أنه أحد الأفلام اليابانية أو الصينية أو أنه على أبعد تقدير دعاية لآلة جديدة تم اختراعها هناك.

وبالفعل، مع التعمق في مشاهدة أحداث الفيلم، سيتضح لنا أننا أمام ما هو أكثر مما بدا في ملصق الفيلم. إذ أننا سنحتار في أي مكان على وجه التحديد تدور أحداث القصة، إنها بالتأكيد تدور في المستقبل البعيد، من الناحية الزمنية، لكن، من الناحية الجغرافية، نجد تداخلاً غريباً فيما يتعلق بالأجواء والأماكن وحتى الأسماء والشخصيات.

فبخلاف "بايماكس"، روبوت بمواصفات مختلفة عما عهدناه في الأجهزة الآلية، يعتبر البطل السادس المكمل لتلك الفرقة التي تكونت من شباب المخترعين الذين أطلقوا على أنفسهم اسم "الأبطال الكبار الستة"، هناك بطل الفيلم الصغير "هيرو هامادا" وشقيقه "تاداشي"، وغيرهما من الأسماء الآسيوية، التي، وللمفارقة ليست ذات ملامح آسيوية بالمرة.

أيضاً المدينة المستقبلية التي تدور بها الأحداث، تدعى "سان فرانسوكيو". وحتى الرجل الغامض، الذي سرق اختراع هيرو، وكان السبب في وفاة شقيقه، يضع على وجهه قناعاً يشبه إلى حد كبير أقنعة الكابوكي.

ذلك التداخل الغريب بين الثقافات الآسيوية وغيرها، حتى ذات البشرة السمراء الممثلة في المخترع وعضو الفريق "وسابي"، إلى جانب اجتماع جميع أفراد الفريق على قلب رجل واحد بغية إنقاذ العالم مما يتهدده من شر على أيدي ضعاف النفوس، وفي الوقت ذاته أيضاً نبذ العنف والكراهية، وعدم السعي إلى الانتقام حتى لو كان لشقيق هيرو، ربما توضح كل تلك الأمور السبب الذي جعل الفيلم يحظى بالأوسكار.

ومما يؤخذ على فكرة الفيلم وخلفية الأحداث، تناولها لفكرة الاختراعات والعلوم ودور العقل والشباب أو بالأحرى المراهقين من العلماء والمخترعين، والأفكار الاختراعات البراقة التي يفكرون فيها وينفذونها، لكن بدلاً من مناقشة الاستفادة من هذه الاختراعات أو حتى بيان تأثيرها على المستقبل وعلى المجتمعات البشرية، ظلت الفكرة أسيرة النمط الهوليوودي المتعاد. إذ يجتمع هؤلاء الشباب من المخترعين ويتحدون في النهاية ويكونون فريقاً لمصارعة الشر والانتصار للخير، وغيرها من الأفكار المتمحورة حول البطل والبطولة الأسطورية وإنقاذ العالم والبشرية إلى آخر تلك الفكرة المستهلكة والتي لا بد وأن تنطلق بالأساس من أمريكا ويكون الأمريكان على الأقل شركاء فيها.

بالطبع، لا نستطيع أن نغفل أن الكثير من الأفكار الأصيلة والمبتكرة جداً موجودة بشكل أو آخر هنا وهناك في الفيلم، كذلك فيما يتعلق بالتنفيذ التقني العالي المستوى الذي ظهرت عليه الكثير من مشاهد الفيلم، فجاءت على نحو غاية في الإبهار والتجديد، لا شك أنها لعبت دوراً أيضاً في فوز الفيلم بالأوسكار. لكن لا بد في النهاية من التساؤل إن كان هذا الفيلم، على وجه التحديد، هو أفضل أفلام الرسوم المتحركة التي خرجت إلى النور العام الماضي واستحقت الوصول للقائمة القصيرة ثم الفوز بالجائزة أم لا؟

يتناول الفيلم قصة المخترع تاداشي هامادا وشقيقه الأصغر هيرو، الذي يهوى الاختراعات، وبمساعدة ودفع من شقيقه تاداشي الطالب الجامعي في الجامعة التقنية والهندسية بسان فرانسوكيو، يتحصل هيرو على قبول بالجامعة وذلك بعدما نجح في ابتكار جهاز عبارة عن مجموعة من الروبوتات أو الأجهزة الآلية الصغيرة التي تعد بالآلاف، والتي تعمل معاً بحيث تفكك وتركب وتتجمع وتتحد لتنتج أشكالاً لا حصر لها من النماذج والأشكال، وهي شبيهة في بنيتها وفكرتها بلعبة المكعبات.


وبمساعدة شقيقه أيضاً يتعرف هيرو على أصدقاء تاداشي من المخترعين في الجامعة، ويتعرف على شخصية كل منهم واختراعاته والمجال الذي يبرز فيه. وفي إحدى المرات يطلعه شقيقه على الجهاز الذي قام باختراعه وأطلق عليه اسم بايماكس، وهو عبارة عن روبوت لكنه مصنوع من المطاط أو مادة معينة تجعله شبيهًا بالبالون بحيث يمكن نفخه أو تفريغه من الهواء ووضعه داخل علبته التي يشحن بها.

والغرض الذي اخترع تاداشي الجهاز لأجله لم يكن فقط بغية إيجاد جهاز آلي خالي من أي بنية هيكلية وعبارة عن مجرد بالون كبير ضخم يمكن حمله وشحنه في أي مكان. فكرة تاداشي كانت أبعد من هذا، فذلك الجهاز الذي قد يبدو عادياً أو حتى قبيحاً بسبب ضخامته وجسده غير المتناسق بعض الشيء، مبرمج في الأصل من أجل التفاعل والتواصل الإنساني مع البشر. وعمله الأساسي يتمثل في كونه بمثابة ممرض أو معالج طبي ونفسي وبدني أو أي حالات مرضية أخرى قد يشعر بها الإنسان. بإمكان بايماكس فهمها جميع الحالات ومعالجتها وفقاً للبرنامج الخاص به.

وبناء على تلك البرمجة يتفهم الجهاز، بعد المسح الضوئي لجسد هيرو، حالة الإحباط والعزوف عن الحياة والدراسة والاختراعات ومدى الحزن والدمار النفسي الذي استولى على هيرو عقب وفاة شقيقه تاداشي. وذلك بعدما أصر تاداشي على الدخول إلى أرض المعارض بالجامعة، حيث كانت تعرض الاختراعات، من أجل إنقاذ أستاذه ومعلمه من الاحتراق بالداخل، بعد الحريق المفاجئ الذي شب بالمكان.

بصعوبة بالغة يبدأ هيرو في التفاعل مع بايماكس، لكنه يتحفز سريعاً للعودة إلى طبيعته المعتادة بعدما يدرك أن الروبوت الصغير الذي اخترعه لم يحترق في بقية الاختراعات في الجامعة، وأنه موجود بأحد الأماكن السرية بحوزة شخصية غير معروفة تضع قناعًا على وجههًا. وبعد ذلك، يتبين لهيرو أن سبب الحريق لم يكن مصادفة وإنما بفعل فاعل، فيصمم في بداية الأمر على الانتقام لشقيقه، لكنه للأسف لا يفلح لضعفه وعدم استعداده الجديد.

بمساعدة أصحاب شقيقه الراحل من المخترعين الذين لم يتركوا هيرو وظلوا بجواره طوال الوقت، يعقدون جميعًا العزم عبر التدريب والتفكير والاختراعات وغيرها من الحيل والأساليب المبتكرة على مواجهة ذلك الوحش أو الرجل الخطر صاحب القناع، الذي استولى على الاختراع وراح يسخره في خدمة أغراضه، وقبل كل شيء تسبب في مقتل تاداشي. وبعد معارك وصراعات ضارية تستمر على امتداد الفيلم، الذي يبلغ زمنه ساعتين تقريباً، ينجحون أخيراً في التغلب على ذلك الرجل الغامض واكتشاف حقيقته، التي شكلت مفاجأة صادمة بالنسبة للجميع.