الأحد 29 مارس 2015 / 08:49

عاصفة "الحسم الاقتصادي"

رائد برقاوي - الخليج

لأنها كانت مفاجأة ودقيقة واستباقية وقوية وناجحة فإن "عاصفة الحزم" العسكرية التي نفذتها دول المنطقة بقيادة السعودية وبمشاركة قوية وفاعلة من الإمارات لمواجهة المتمردين في اليمن الذين يحاولون تخريب أمن وأمان بلدهم والمنطقة جاءت "برداً وسلاماً" على اقتصادات المنطقة وأسواقها المالية.

تأثيرات العاصفة الاقتصادية لم تتعد عنصر المفاجأة للمستثمرين في بداية ساعاتها الأولى وهو أمر طبيعي في أسواق المال التي تعتبر أكثر حساسية للتغيرات الجيوسياسية، إلا أن التفوق العسكري للدول المشاركة أدركه المستثمرون سريعاً فعادوا إلى قواعدهم سالمين ممتصين آثارها ومقنصين الفرص التي أتاحتها بسبب خوف بعضهم من هكذا تغير مفاجئ.

على مدار العقود الماضية ومنذ الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات اعتادت اقتصادات دول الخليج على الاضطرابات من حولها وأمامها، فقد مرت بالعديد من المطبات وتجاوزتها بنجاح بما في ذلك أخطرها عندما احتل العراق الكويت، ثم الحرب على العراق وبعدها الحرب على الإرهاب لكنها بقيت قوية وثابتة ومحصنة بعائدات نفطية قوية وباستثمارات خارجية متنوعة وباقتصادات قطاعية محلية متعددة التخصصات وبسياسات حكومية واعية ومرنة.

هذه التغيرات الجيوسياسية على أهميتها وسرعتها أصبحت في عالم الاستثمار بدول المنطقة محسوبة في مدخلات الرساميل المحلية والعالمية الموظفة في اقتصاداتها وأسواقها، فهي جزء لا يتجزأ من الاستثمار . فالمخاطر "الجيوسياسية" ترتفع وتقل من منطقة إلى أخرى ومن دولة إلى ثانية، ففي أمريكا وأوروبا في أدنى مستوياتها وفي بعض دول الشرق الأوسط وإفريقيا في أعلاها، وفي دولنا في المتوسط وهكذا، مع الإشارة إلى أن تلك المخاطر ترتبط بالعائد الاستثماري فكلما زادت ارتفع هامش الربح والعكس صحيح.

قدر دول الخليج أنها محاطة بمنطقة مضربة، وهذا القدر الجغرافي لا يمكن تغييره، ولكن يمكن تفادي تأثيراته السلبية بتحصين الذات وبناء اقتصادات قوية فاعلة قادرة على امتصاص الصدمات مدعومة بمنظومة أمنية وسياسية فاعلة ومشتركة لأن الخطر واحد مهما بعدت المسافات، وهو ما عشناه على مدار عقود مضت من شمال الخليج في معركة تحرير الكويت إلى جنوبه لوقف تمدد الحوثيين ومن معهم ودعم الشرعية في اليمن الذي يشكل عمقاً استراتيجياً لدول مجلس التعاون.

وبالعودة إلى "عاصفة الحزم" التي تتجه لأن تتحول إلى "عاصفة الحسم" فإنها أثبتت مجدداً ثقة قطاع الأعمال بقيادته السياسية في حين إن من شأن نجاحها السريع أن يعيد لهذا البلد العربي استقراره وأمنه ولاقتصاده المدمر حيويته، وأن تخصم المخاطر الحالية في منظومة الاستثمار الموجه إلى المنطقة لتتمكن مسيرة التنمية من المضي قدماً بما يعزز رفاه الشعوب.