الأربعاء 15 أبريل 2015 / 12:38

محمد بن راشد فارس وقائد استثنائي

إن إعلان جائزة الشيخ زايد للكتاب عن اختيار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي بشخصية العام الثقافية لهو تكريم مستحق، لفارس وقائد استثنائي.

تمتاز شخصية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بالثراء والغنى، لما يتمتع به من كاريزما القيادة الحقة، والقدرة على التأثير في الآخرين. ومن الصعب الإحاطة بكل ما تتمتع به شخصيته من سمات مميزة، لهذا سأحاول التركيز هنا على بعض هذه الجوانب الأساسية، منها الرؤية الواضحة، فكأن الشيخ محمد بن راشد يرى أهدافه متجسدة أمام عينيه قبل أن تصبح واقعاً فعلياً؛ لأنه قد رسم لها مسبقاً صورة ذهنية ورأى نتائجها قبل البدء بها. هي رؤية يتصل فيها الماضي بالحاضر؛ كي تنطلق نحو المستقبل، حدد فيها خطة عمل الحكومة وأهدافها، مع متابعة مستمرة لها؛ لمعالجة أي خلل، وضمان الاستمرار في تحقيق النجاح والتفوق؛ لتحقيق الآمال المرجوة.

وما يعطي هذه الرؤية توهجها، ويساعد على قطف ثمارها هو نشر الشيخ محمد بن راشد لرؤيته، من خلال لقاءاته أو حواراته مع الآخرين، وعن طريق المقولات التي تختصر الآف الكلمات، بطريقته الذكية الجذابة، من مثل ابتكاره الإشارة الثلاثية الشهيرة التي تشير إلى الفوز والحب والنصر، ومقولاته الشهيرة عن تحقيق رقم واحد، وأسعد شعب.

وهي رؤية للحياة يعكسها أيضاً الشيخ محمد بن راشد في شعره النابض بالمحبة والدعوة للتميز والتفوق. إن هذه الرؤية تعبر عن القيم التي يؤمن بها؛ ليحولها إلى قرارات فاعلة ومبادرات مهمة تصبح جزءاً من الحراك الثقافي والاجتماعي في الدولة.

وأما أول المرتكزات الأساسية التي تنهض عليها الرؤية لديه فهو أنه يقف على أرضه، معتزاً بهويته، وبما حققه الآباء المؤسسون، لهذا نراه يذكر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم-رحمه الله- مؤكداً دورهما الأصيل في تأسيس الاتحاد، وقيامه على أسس راسخة مع مواصلة السير على نهجهم. ولذلك نجده يركز دوماً على الهوية التي تحمل بعدها الوطني والعربي، دون أن ينسى بعدها الإنساني، فمفهوم الهوية لديه مفتوح ومتفاعل مع الآخر، ومن ثم فهي ليست هوية جامدة أو متقوقعة على ذاتها، لهذا فإنه يشجع الشباب دائماً على قراءة تاريخهم، ومن ذلك مثلاً دعوته الناس لتسمية المسبار الذي سينطلق إلى المريخ، ليجدها فرصة لتذكير الناس، والشباب خاصة بأمجاد المسلمين العلمية في الماضي؛ وليحفزهم على التفكير في المستقبل، وليبعث برسالة هامة، هي أن للجميع فرصة للمشاركة في الاختيار.

وهذا المرتكز الذي يهتم بالهوية الوطنية ترتبت عليه مبادرات من مثل المشاريع التي انطلقت لخدمة اللغة العربية، وجائزة الشيخ محمد بن راشد للغة العربية، وجائزة المعرفة التي تصاحب مؤتمر المعرفة؛ من خلال التركيز على التعليم بوصفه الاستثمار الحقيقي في الإنسان.

ومن السمات الأساسية أيضاً أنه قائد يعيش واقعه، ناظراً إلى المستقبل، يعمل له انطلاقاً من اللحظة التي يعيشها؛ لأنه لا ينتظر المستقبل، وإنما يصنعه كما قال في أحد لقاءاته بالناس. إن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هو من صناع التغيير على مستوى العالم، ومن أكثر الشخصيات تأثيراً، من خلال خطة عمل لا تهدأ، ومن هنا انطلقت القمة الحكومية منذ سنوات في الإمارات؛ لتشارك مؤسسات الدولة وهيئاتها الآخرين من قادة وصناع قرار من داخل الدولة وخارجها، في الحوار والنقاش حول التحديات والنجاحات.

كما حثّ الشيخ محمد بن راشد على استخدام أحدث التقنيات وتوظيفها؛ لخدمة الناس، في أي وقت وفي أي مكان، لإيمانه بأن حكومته لا تنام، وأن ما يشغلها هو خدمة الناس وتحقيق سعادتهم؛ ليكونوا أسعد شعب. ومن مبادراته التي ترتكز على المستقبل اهتمامه بوسائل التواصل الاجتماعي أو بالإعلام الاجتماعي كما بات يعرف به الآن، ومنها قمة رواد التواصل الاجتماعي التي تتزامن مع الجائزة العربية للإعلام الاجتماعي، حيث دعا الشباب للعمل في هذا المجال الحيوي ليكونوا صناعاً للمستقبل.

لعل الأمر الأخير عند الحديث عن مرتكزات رؤية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يتمثل في إيمانه العميق بأن الاستثمار الحقيقي هو في الإنسان، من خلال التعليم الحديث، الذي يستفيد من التطور التقني ويوظفه. كما أنه من أشدّ المؤمنين بأهمية العمل الجماعي، فلقد حضر كثيراً من الورشات واللقاءات المبنية على فرق العمل، مشجعاً إياها على الابتكار في الأفكار، والتجديد في طرق التنفيذ، ومن ذلك دعوته السنوية لمجلس الوزراء للخلوات الوزارية، ولجلسات العصف الذهني، التي أدت إلى إقامة كثير من جلسات العصف الذهني في مؤسسات مختلفة في الدولة.

ولا ننسى فرق العمل التي حضرها الشيخ محمد بن راشد عن التعليم، والتي شارك فيها طلاب ومعلمون وإداريون؛ إضافة إلى مشاركة المجتمع عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ لإيمانه بضرورة مشاركة الجميع. ومن ذلك لقاءاته بقطاعات المجتمع كافة، في شهر رمضان الكريم كل عام، ليتواصل معهم من خلال الحوار الجاد والمثمر، يطلعهم على رؤيته، ليتأملها معهم، فيسمع آراءهم، وتقر عينه بنجاحاتهم، ويفرح بتغلبهم على التحديات التي يواجهونها.

هذا غيض من فيض رؤية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، سطرها بإيمانه وعزيمته، ولم أورد هنا إلا القليل، وأختم بكلمة بسيطة للشيخ محمد: كلنا نحبك…وكلنا على الدرب سائرون، حباً في الإمارات، وشوقاً للمستقبل الذي نصنعه معاً.