سوريا (أرشيف)
سوريا (أرشيف)
السبت 25 أبريل 2015 / 16:19

ناشونال إنترست: الأمم المتحدة تضيع وقتها بالعبث فيما سوريا تحترق

24- إعداد: طارق عليان

"ما لم يف المجلس بدعوته إلى المحاسبة، بما في ذلك فرض حظر على الأسلحة، فإنه يخاطر بفقدان مصداقيته".

تلك الملاحظة التي أدلى بها مدير قسم الأمم المتحدة في منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية العالمية فيليب بولوبيون، ، تدوي عالية واضحة في مسامع ما لا يحصى من الموظفين المدنيين والمحللين وواضعي السياسات الذين ظل تركيزهم منصبّاً على أهوال الحرب الأهلية السورية على مدى السنوات الأربع الماضية.

إنها مقولة بسيطة، لكنها تصف بدقة تامة إلى أي مدى كان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة غير مُجْد ومنبتّ الصلة في قضية سوريا، ببساطة شديدة، بأصرح العبارات الممكنة، كان مجلس الأمن مُخجِلاً، ومجرد هيئة نخبوية متعددة الأطراف عجزت مراراً وتكراراً عن إصدار الحد الأدنى من القرارات حول الصراع، وذلك بحسب ما أفاد محلل لشؤون الشرق الأوسط في شركة ويكيسترات لاستشارات المخاطر الجغرافية السياسية دانيال آر. ديبتريس، في مقال له نشرته مجلة "ناشونال إنترست" في موقعها على الإنترنت.

انتهاكات لحقوق الإنسان
وأشار الكاتب إلى أن الحرب الدائرة في سوريا شهدت ما لا يعد ولا يحصى من انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ارتكبت في حق المعتقلين والمدنيين الأبرياء والناشطين السياسيين على أيدي نظام بشار الأسد.

والقائمة صارخة مثلما هي طويلة، عمليات إعدام بإجراءات موجزة بحق المتعاطفين مع المعارضة، وتعذيب ممنهج وواسع الناطق بحق المعتقلين في مراكز الاحتجاز السورية، وإسراف في قتل النساء والأطفال بوحشية، ولامبالاة في إلقاء قنابل برميلية ضخمة على مناطق سكنية مكتظة بالمدنيين واللاجئين، أحياء كاملة ومربعات سكنية دُمّرت عن آخرها بفعل هذه الهجمات التي تنفَّذ ببراميل مفخخة بدائية، وأُسر أبيدت عن بكرة أبيها بفعل استخدام أنواع من الأسلحة تخلّف أمهات كسيحات وأطفالاً عُمياناً، كما أفاد الدكتور سامر عطار، الذي كرّس وقته لمساعدة المصابين، في مقال نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.

لكن على الرغم من شدة فتك هذه الذخائر، فإن استخدام المواد الكيماوية هو الذي روّع المجتمع الدولي أشد مما سواه، وفقاً لدانيال ديبتريس.
فالهجوم الذي وقع في 21 أغسطس (آب) 2013 بغاز السارين على الأحياء التي يسيطر عليها المتمردون خارج دمشق، وهو الهجوم الذي حصد أرواح ما يربو على 1400 شخص، كان صادماً بشدة ومؤرقاً لضمير أي شخص مدني لدرجة أنه حدا بروسيا، وهي أكبر نصير لبشار الأسد في مجلس الأمن، إلى المشاركة في رعاية قرار يطالب النظام السوري بالتفكيك الكامل لمنشآته التي تنتج أسلحة كيماوية، تلك كانت الواقعة الوحيدة طوال الصراع السوري التي حوسبت فيها الحكومة السورية على أفعالها، وكانت الحالة الوحيدة خلال السنوات الأربع الماضية التي تمكّن فيها أعضاء مجلس الأمن الخمسة جميعهم من التضافر وإصدار قرار وضمان الامتثال له.

نمر من ورق
لكن منذ ذلك الحين، عاد مجلس الأمن إلى سيرته الأولى. فمجلس الأمن، على الأقل فيما يخص سوريا، ما هو إلا نمر من ورق، إذ يُعرب عن غضبه من العنف، لكن لا يفعل شيئاً لوقفه. وعندما صدرت قرارات بالإجماع، عجز مجلس الأمن عن إنفاذ ما أصدره.

ولفت دانيال ديبتريس إلى أن هناك حالتان بارزتان في هذا الصدد، ففي 22 فبراير (شباط) 2014، أصدر مجلس الأمن القرار رقم 2139، الذي طالب بأن "توقف جميع الأطراف فوراً جميع الهجمات ضد المدنيين، وكذلك الاستخدام العشوائي للأسلحة في المناطق المأهولة بالسكان". وخصّ القرار الحكومة السورية بالذكر، ما كان استثناءً محموداً في إبراز سلوك نظام الأسد للعيان.

تصرف المجلس بدرجة مماثلة من الجدية في 6 مارس (آذار) 2015، عندما أعرب عن قلقه من استخدام ذخائر تحتوي على الكلور كأسلحة حربية، وهي الأسلحة التي توجد تحت تصرف الحكومة السورية وحدها بأعداد كبيرة.

الأسد سيواصل القتل
وقال دانيال ديبتريس: "ولو أن الحكومة السورية امتثلت، لكُنا جلسنا هنا وأشدنا بالمجتمع الدولي وبتحلّيه بالمبادرة في مواجهة أسوأ كارثة إنسانية في القرن الحادي والعشرين، لكن بدلاً من ذلك، وكما عهدنا من نظام الأسد، انتُهك كلا هذين القرارين انتهاكاً سافراً، حيث تواصل القنابل البرميلية قصف المدارس والمستشفيات والبيوت، ويتواصل إسقاط غاز الكلور من المروحيات.

وارتُكبت ست هجمات منفصلة بغاز الكلور في مدة أسبوعين بعد مرور 10 أيام فقط على صدور قرار مجلس الأمن في 6 مارس (آذار)، فتسجيلات الفيديو التي تُظهر اختناق الضحايا تُسيل الدموع وتفطر القلوب داخل قاعة مجلس الأمن، لكن لا شيء غير ذلك.

تستمر الحرب، ويتواصل قتل مئات المدنيين، ويتواصل تمزُّق أوصال العائلات، ويظل مجلس الأمن، الذي استولت عليه روسيا والصين كرهينة، عاجزاً عن فعل أي شيء، على حد قول دانيال ديبتريس.

حتى أقوى دعاة العمل متعدد الأطراف وأشدّ أنصار الأمم المتحدة لا يمكنهم إنكار حقيقة أن مجلس الأمن، أعلى هيئة جماعية لاتخاذ القرار في العالم، تلقى في حقيقة الأمر هزيمة على يد بشار الأسد، وما دامت روسيا والصين مستمرتين في معارضتهما، سيواصل الأسد قتل شعبه إلى الأبد، بحسب دانيال آر. ديبتريس.