السبت 25 أبريل 2015 / 20:55

"الإخوان الشامتون" ... فصل في السقوط الأخلاقي



شماتة كثيرين من الإخوان في موت الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي ليست جديدة عليهم، فكلما مات أحد البارزين في مصر ممن وقفوا ضدهم أو أولئك الذين يقولون هم عنهم إنهم علمانيون أوسعوه شماتة وتجريحا، وهذا دليل على خسة طبع الشامتين، وانحرافهم عن الدين الذي يزعمون أنهم حراسه، وعن وهم تعتق لديهم بأن السماء تعمل لصالحهم، وتنتقم ممن تصدوا لهم، مع أن الموت راحة لكل حي، وليس فيه انتقام أبدا، فما عند الله أفضل مما عند البشر، والآخرة خير من الأولى.

في المقابل يموت رموز الإخوان ولا يشمت بقية المصريين فيهم، وهذا دليل على أن الناس أحسن منهم طبعا، وأفضل دينا، وأصح إسلاما، وأعمق إنسانية، حتى لو اجتهد الإخوان وأتوا من بطون الكتب القديمة، التي كتبت أيام الصراعات الدموية الممقوتة في أيام الفتنة الكبرى وما بعدها، ما يبررون به هذا الشعور الكريه الذي يملأ نفوسهم كلما امتدت يد الموت وخطفت أحد من كبار خصومهم أو من انتقدوا مسلك الإخوان عن حق.

وقادة الإخوان الحاليين طاعنون في السن، وقد يتساقطون تباعا ذاهبين إلى قبورهم كما سنذهب جميعا في نهاية المطاف، فكل الأنام إلى ذهاب، فهل يتقبلون أن تنبري الألسنة والأقلام شامتة في رحيلهم؟ أو يعتبر خصومهم أن الله ينتقم من قادتهم على ما فرطوا فيه في جنب الله والوطن والبشر؟

إن شماتة هؤلاء الإخوان تبرهن عن الغل الدفين الذي تمكن من نفوسهم، وأفقدهم صوابهم، وجردهم من الأخلاق، ونزع عنهم إنسانيتهم. ورغم أن الإخوان يتحدثون على المنابر وفي كتبهم عن أن الآجال بيد الله، إلا أنهم ينسون هذا إن تعلق الأمر بمن لا يروق لهم مواقفهم، أو أقوالهم وأفعالهم.

المثير للشفقة على الإخوان أنهم يشمتون في أناس رحلوا مكتملين، بعد أن أجزوا في حياتهم الكثير، وقدموا لبلادهم كل خير، وعلى قدر استطاعتهم، وإن كانت في حياة بعضهم مطاعن أو مزاعم، فالكمال لله وحده، ومن يُدري الإخوان أن يكون من بين الذين يشمتون في موتهم من هم أقرب إلى الله من كل قادة الجماعة وأتباعها، لأنهم على الأقل رحلوا دون أن تكون في أعناقهم دماء أو خراب أو دمار أو كراهية سوداء، وتحريض أعمى.

وهؤلاء الذين يشمت فيهم أتباع الجماعة، التي سقطت أخلاقيا قبل سقوطها السياسي والاجتماعي، ليسوا أحياء بيننا ليرودا على شماتة الجماعة، لكنهم خلفوا وراء ظهورهم من محبيهم والمقتنعين بما فعلوا وقالوا من يهبون للدفاع عنهم بشتى الوسائل، في الشارع والمكاتب والمقاهي، وعلى صفحات الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي.

يظن هؤلاء الإخوان أن هذه الشماتة تشفي ما في صدورهم من غل، والحقيقة أنها تزيد هذا الغل غلا، وتحوله إلى نار مستعرة، تحرق قلوب الحانقين والكارهين والشامتين، ولا تصل إلى من شمتوا فيهم إلا بردا وسلاما.