السبت 9 مايو 2015 / 12:43

السراب| اتجاهات الرأي العام حول الجماعات الدينية السياسية

أصدر مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية الدكتور جمال سند السويدي، مؤخراً كتاب "السراب"، وتتمحور فكرته الأساسية حول "السراب السياسي" الذي يترتب على الوهم الذي تسوقه الجماعات الدينية السياسية لشعوب العالمين العربي والإسلامي.

دراسة ميدانية لعيِّنة من السكان في دولة الإمارات العربية المتحدة

في استطلاع الباروميتر العربي، أفاد المستطلعة آراؤهم في جميع الدول التي أُجري فيها الاستطلاع بأن الوضع الاقتصادي يتصدر التحديات التي تواجه بلادهم

يكشف الكتاب، عبر فصوله السبعة، حجم التضارب القائم بين فكر الجماعات الدينية السياسية وواقع التطور الحاصل في النظم السياسية والدولية المعاصرة، خاصة فيما يتعلق بمسألة التنافر بين واقع الأوطان والدول وسيادتها القانونية والدولية من ناحية، ومفهوم الخلافة الذي تتبناه هذه الجماعات من ناحية ثانية، كما يكشف هذا الكتاب علاقة الترابط الفكرية القائمة بين جماعة الإخوان المسلمين والتنظيمات المتطرفة التي ولدت في مجملها من رحم هذه الجماعة، وفي مقدمتها القاعدة وداعش.

24 ينفرد بنشر كتاب "السراب" على حلقات:

الحلقة 35
الباب الثالث: الدراسة الميدانية

الفصل السابع| اتجاهات الرأي العام حول الجماعات الدينية السياسية

اتجاهات الرأي العام حول الجماعات الدينية السياسية دراسة ميدانية لعيِّنة من السكان في دولة الإمارات العربية المتحدة


تعتمد معظم الدراسات والبحوث على الدراسات الميدانية واستطلاعات الرأي كأداة علمية للتعرف إلى توجهات الرأي العام إزاء القضايا والموضوعات محل الدراسة، التي تمس مصالح المجتمع أو قيمه. وتُعدُّ استطلاعات الرأي وسيلة فعالة لجمع البيانات من مصادرها الأولية، ويمكن من خلال تحليلها وربطها بالمتغيرات الديموغرافية توفير المعلومات اللازمة لوضع السياسات في مختلف القطاعات واعتمادها، وتقديم صورة أوضح وفهم أعمق لحاجات الجمهور وتطلعاته. كما تشكل استطلاعات الرأي وسيلة لبناء النماذج المعرفية والنظرية عن المجتمع، واختبارها، وتفسير الاختلافات في المواقف والقيم، وفهم السلوك.

وقد أصبح استخدام قياسات الرأي العام أحد المؤشـرات المهمة لتحديد الدرجة التي يبلغها أي مجتمع من المجتمعات على مقياس التطور، كما تؤدي استطلاعات الرأي العام دوراً مهماً في ترشيد القرارات والسياسات الحكومية، وتسهم في دعم الثقافة وتفعيل آلية التغذية المتبادلة بين الحكومة ومواطنيها.

لذلك، يسعى هذا الفصل من الكتاب إلى التعرف إلى آراء الجمهور في دولة الإمارات العربية المتحدة، مواطنين وعرباً مسلمين مقيمين، بمن فيهم الخليجيون؛ واتجاهاتهم ومواقفهم حول الجماعات الدينية السياسية؛ ومدى معرفتهم بهذه الجماعات وثقتهم بها؛ ومصادر معلوماتهم عنها؛ ورؤيتهم للعلاقة بين الدين والسياسة متمثلة في: الأنظمة السياسية، واختيار الحكومات، وسنّ القوانين؛ وكذلك التعرف إلى تصورهم للأسباب التي ساعدت على وصول الجماعات الدينية السياسية إلى الحكم؛ وتقييمهم لتجربة هذه الجماعات في الحكم؛ ورؤيتهم لمستقبلها.

إحدى مسلَّمات هذه الدراسة الميدانية أن الظروف والأحداث السياسية التي شهدتها المنطقة العربية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ولا تزال جارية منذ عام 2011م، وما خلفته من تأثيرات اجتماعية، تسهم بشكل كبير في تشكيل الرأي العام للسكان في دولة الإمارات العربية المتحدة وغيرها، مواطنين وعرباً مسلمين مقيمين، نحو مفاهيم التدين والعلاقة بين السياسة والدين، والمعرفة بالجماعات الدينية السياسية، كما تسهم أيضاً في بلورة رؤية لدى الجمهور عن مستقبل هذه الجماعات ودورها في الحياة السياسية في الوطن العربي.

المنهجيـة
يُعدُّ جميع سكان دولة الإمارات العربية المتحدة، من المواطنين ومواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والعرب المسلمين المقيمين بالدولة، في الفئات العمرية 18 سنة فأكثر، هم مجتمع الدراسة. وقد تم جمع بيانات هذه الدراسة بنظام العينة، وطُبقت على عينة عشوائية متعددة المراحل قوامها 1200 شخص من سكان دولة الإمارات العربية المتحدة، خلال الفترة 15-26 يونيو 2014م. وتم تصميم العينة في مراحل عدة، بتقسيمها إلى "طبقات"، بحسب متغيرات الدراسة، حيث تم تقسيم السكان وفقاً لمكان الإقامـة (الإمارة)، ثم وفقاً للجنسـية (إماراتيون، وعرب مسلمون، وخليجيون)، ثم وفقاً للنوع (ذكر، وأنثى)، ثم وفقاً للفئة العمرية (20 سنة فأقل، و21-30 سنة، و31-40 سنة، وأكثر من 40 سنة)، ثم وفقاً للمستوى التعليمي (ثانوي فأقل، ودبلوم أو جامعي، ودراسات عليا)، ثم وفقاً لمستوى الدخل الشهري (10 آلاف درهم فأقل، و10,001-20,000 درهم، و20,001- 30,000 درهم، وأكثر من 30,000 درهم).

وقد رُوعي أن تكون العينة ممثلة تمثيلاً تاماً لسكان دولة الإمارات العربية المتحدة، عن طريق التمثيل النسبي لجميع فئات المجتمع في العينة بالوزن النسبي الخاص لكل فئة من إجمالي سكان الدولة، وبحيث يكون لكل فرد احتمالية متساوية ليكون أحد أفراد العينة. ولاختبار الفروق بين معدلات الاستجابة بين المجموعات المختلفة في العينة، تم تطبيق الاختبار "F-Test"، Statistical Significance Test for Group’s Differences، وهو اختبار إحصائي يُستخدم لاختبار معنوية الفروق بين المجموعات في العينات الكبيرة التي تتبع التوزيع الطبيعي Normal Distribution. وقد بلغت نسبة الاستجابة 89.1%، وبدرجة ثقة بالنتائج تبلغ 95%، وهامش خطأ للمعاينة مقداره 2.8%.

تم جمع البيانات من خلال مقابلة المستطلعة آراؤهم ميدانياً خلال الفترة 15-26 يونيو 2014م، وشـرح الهدف من الدراسة، باستخدام استبيان (ملحق) تم إعداده لهذا الغرض، وتم إعطاؤهم الاستبيـان، للتعبـير عن آرائهم من دون أدنى تأثير أو تدخل من جامعي البيانات أو المشـرفين عليهم. وقد صُمِّم الاستبيان بحيث يُجاب عن الأسئلة والفرضيات التي تطرحها الدراسة وتحقق الهدف منها، وتم إجراء اختبار "Pilot Test" على الاستبيان في الميدان على عينة مصغرة، قوامها 120 شخصاً موزعين بالطريقة نفسها التي وُزِّعت بها عينة الدراسة، قبل جمع البيانات، ولم يتم إدراج هذه العينة المصغرة ضمن البيانات التي تم تجميعها وتحليلها فيما بعد. وقد تم اختبار الاستبيان من حيث الصدقية Validity، أي قدرة الاستبيان على قياس الموضوع محل الدراسة، بما يشمله ذلك من قياس صدق المحتوى Content Validity، وصدق التكوين أو البناء Construct Validity. وكذلك تم اختبار الاستبيان من حيث الاعتمادية Reliability، والثبات Consistency، واحتساب مقياس ألفا كرونباخ Cronbach’s Alfa. وأظهرت الاختبارات جميعها ملاءمة الاستبيان لأغراض الدراسة.

وبعد إدخال البيانات على حزمة البرامج الإحصائية للعلوم الاجتماعية Statistical Package for the Social Sciences–SPSS، تم التحقق من جودة البيانات التي تم جمعها ميدانياً، حتى يمكن الوثوق بها والاعتماد على نتائجها، وذلك من خلال تدقيقها Data Validation، وتنقيتها Data Cleansing، للتأكد من صدقيتها Validity، ودقتها Accuracy، ومدى اكتمالها Completeness، واتساقها Consistency، وتماثلها Uniformity، وسلامتها Integrity.

وقد غطى الاستبيان مجموعة من المحاور، بحيث يجمع بيانات حول المتغيرات محل الاهتمام، وهذه المحاور هي: متابعة الأخبار والسياسة والاهتمام بهما، والتحديات التي تواجه العالم العربي، والتغيرات التي مرت بالمنطقة العربية خلال السنوات الثلاث الماضية؛ والثقة بالمؤسسات العامة في دول المستطلعة آراؤهم وتقييمهم للنظم السياسية المختلفة للحكم؛ ومدى التدين ومكونات الهوية؛ والعلاقة بين السياسة والدين أو بمعنى آخر الدين والدولة؛ والمعرفة بالجماعات الدينية السياسية والثقة بها ومصادر المعلومات عنها؛ وتقييم تجربة بعض الأحزاب السياسية الدينية في الحكم.

المتغيرات الديموغرافية
أُجريت الدراسة على عينة قوامها 1200 فرد، موزعة بحسب المتغيرات الديموغرافية محل الاهتمام، وهي التي تمت الإشارة إليها فيما سبق، وقد جاء التوزيع كالآتي:



وفيما يأتي عرض لنتائج الاستبيان:

المحور الأول: المتابعة والاهتمام بالشأن العالمي
أبدت نسبة معتدلة من المستجيبين اهتماماً بالأخبار العالمية (ما بين متابعة مستمرة ومتابعة متوسطة)، حيث أفاد 60.0% بأنهم يتابعون الأخبار العالمية، (19.9% متابعة مستمرة، و40.1% متابعة متوسطة). وهناك نسبة لا يستهان بها (28.9%) ذات متابعة قليلة، فيما أفاد 11.1% بأنهم لا يتابعون الأخبار العالمية.



جدير بالذكر أنه في استطلاع الباروميتر العربي في نسخته الأولى عامي 2006-2007م، أظهرت نتائج 7 دول عربية شاركت فيه، أن 56% من المشاركين يتابعون الأخبار (متابعة مستمرة ومتابعة متوسطة)، وقد سجلت أعلى نسب المتابعة في فلسطين (78%)، ثم المملكة المغربية والمملكة الأردنية الهاشمية (49% لكل منهما)، ثم الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية (45%). واحتلت دولة الكويت المرتبة الأخيرة بنسبة بلغت 23% فقط.

وقد اختلفت متابعة الشأن العالمي بحسب المتغيرات المستقلة للدراسة، وسُجل وجود فروق معنوية (ذات دلالة إحصائية)، بحسب متغيرات النوع ومحل الإقامة والمرحلة العمرية والمؤهل الدراسـي، بينما لا توجد فروق معنوية في متابعة الأخبار العالمية بحسب مستويات الدخل أو الجنسية.



أقل من نصف أفراد العينة (48.9%) مهتمون بالسياسة، ما بين مهتم جداً ومهتم، ونسبة المهتمين جداً هي 6.4% فقط. وأفاد 34.7% من أفراد العينة بأنهم "غير مهتمين" بالسياسة، أما النسبة الباقية (16.4%) فهم "غير مهتمين على الإطلاق".

وفي الإصدار الثاني من الباروميتر العربي، الذي أُجري في 11 دولة عربية خلال عامي 2010-2011م، بلغ المتوسط العام لمدى الاهتمام بالسياسة 46.4%، وقد أعرب 56% من المصـريين عن اهتمامهم بالسياسة. وفي المملكة الأردنية الهاشمية، أبدى 71% اهتمامهم مقابل 58% في الإصدار الأول عام 2006م. وفي المملكة العربية السعودية كانت النسبة 32%، وفي الجمهورية التونسية 36%.

وقد اختلف الاهتمام بالسياسة بحسب المتغيرات المستقلة للدراسة، وسُجل وجود فروق معنوية بحسب متغيرات النوع ومحل الإقامة والمرحلة العمرية والمؤهل الدراسـي، بينما لا توجد فروق معنوية في الاهتمام بالسياسة بحسب مستويات الدخل أو الجنسية.

المحور الثاني: التحديات التي تواجه العالم العربي والتغيرات التي مرت بالمنطقة العربية خلال السنوات الثلاث الماضية
لمعرفة مدى إدراك الجمهور لأهم التحديات التي تواجه العالم العربي، تم توجيه سؤال لتحديد أهم هذه التحديات من وجهة نظر المستطلعة آراؤهم من بين عدد من البدائل المقدمة إليهم، (وهو سؤال متعدد الاختيارات، بمعنى أن مجموع الإجابات لا يساوي 100%)، وقد تصدَّر "الوضع الاقتصادي" بما يشمله من فقر وبطالة وارتفاع في الأسعار قائمة أهم التحديات بنسبة بلغت 59.5%، تلاه "تحقيق الأمن والاستقرار" بنسبة 50%، ثم "محاربة التطرف الديني" بنسبة 40.8%، فـ "الفساد المالي والإداري" بنسبة 39.8%، ثم "حل القضية الفلسطينية" بنسبة 35.5%. وسجل "وقف التدخل الخارجي" نسبة 32.0%. وتذيل "بناء نظام ديمقراطي" قائمة التحديات التي تواجه العالم العربي بنسبة 13.6%.



وفي استطلاع الباروميتر العربي، أفاد المستطلعة آراؤهم في جميع الدول التي أُجري فيها الاستطلاع بأن الوضع الاقتصادي يتصدر التحديات التي تواجه بلادهم، فقد أفاد التونسيون بأن الوضع الاقتصادي هو أهم التحديات التي تواجهها الجمهورية التونسية (68%)، وتلاه الفساد المالي والإداري، ثم تحقيق الأمن والاستقرار. كذلك حل الوضع الاقتصادي على رأس قائمة التحديات لدى المصـريين (82%) وتلاه أيضاً الفساد المالي والإداري، ثم تحقيق الأمن والاستقرار. ولم يختلف الوضع لدى الأردنيين الذين أفادوا بأن الوضع الاقتصادي يمثل أهم التحديات التي تواجه بلدهم (79% عام 2010م مقابل 66% عام 2006م). وبدورهم اعتبر السعوديون الوضع الاقتصادي التحدي الأهم أمام المملكة.
وقد اختلف مدى إدراك الفئات المختلفة لأهم التحديات التي تواجه العالم العربي، بحسب المتغيرات المستقلة للدراسة، حيث وُجدت فروق معنوية بحسب متغيرات الجنسية ومحل الإقامة والمؤهل الدراسـي ومستويات الدخل، بينما لا توجد فروق معنوية في الاهتمام بالسياسة بحسب النوع أو المرحلة العمرية.



تقيِّم الغالبية العظمى (86.9%) الأحداث والتغيرات التي مرت بها المنطقة العربية خلال الأعوام الثلاثة الماضية تقييماً سلبياً (ما بين "سلبي"، و"سلبي جداً")، ولم تزد نسبة من يقيمون الوضع إيجابياً على 13.1% ما بين "إيجابي" و"إيجابي جداً"، أما نسبة من يرونه إيجابياً جداً فلم تتعدَّ 1.3%.

وقد اختلف تقييم الأحداث والتغيرات التي مرت بها المنطقة العربية خلال السنوات الثلاث الماضية، بحسب المتغيرات المستقلة للدراسة، حيث سُجل وجود فروق معنوية بحسب متغيرات محل الإقامة والمؤهل الدراسـي فقط، بينما لا توجد فروق معنوية بحسب النوع أو الجنسية أو المرحلة العمرية أو مستوى الدخل.