الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الأحد 17 مايو 2015 / 21:38

ديلي بيست: الأتراك يتساءلون عما إذا رئيسهم "مسه الجنون"

24. إعداد: فاطمة غنيم

أفاد موقع "ديلي بيست" في تقرير لتوماس سايبرت، بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يفترض أن يسمو فوق السياسة، غارق حتى أذنيه في حملة للفوز بتعديلات دستورية تعطيه سلطة غير مسبوقة.

وبحسب التقرير، بقيَ أقل من أربعة أسابيع على إجراء الانتخابات البرلمانية في تركيا المقررة يوم 7 يونيو (حزيران)، ويبدو أن أردوغان مرتاع، أو أسوأ من ذلك، بحسب التقرير.

وأشار التقرير أن ثمّة عبارة متكررة بين خصوم أردوغان السياسيين، وفي الشارع التركي، تقول "إن الرجل فقد صوابه ويتصرف بدافع نهم لا يشبع إلى السلطة"، فمنذ أن انتقل أردوغان العام الماضي للعيش في قصر يتألف من 1100 غرفة في أنقرة، وهو متهم بالاستسلام لدافع الشعور بالعظمة.

يقول السياسي الكردي عبد الله زيدان "إن الرئيس يظن أنه سلطان"، وتزعم السياسية القومية ونائبة رئيس البرلمان التركي ميرال أكسينر، أن رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو يقول للناس خلف الأبواب المغلقة إن "أردوغان فقد عقله".

يقول الصحفي المحترم يافوز بيدر: "من الواضح أن هناك حالة من الهلع".

استطلاعات الرأي
ولكن استطلاعات الرأي تقول إن أردوغان (61 سنة) سيخفق على الأرجح في الحصول على الأغلبية التي يريدها لإجراء تعديلات دستورية شاملة ليمنح نفسه سلطة غير محدودة، لكن غير معينة إلى الآن، كرئيس للبلاد، فالاقتصاد أصابه الركود أخيراً، والبطالة في ازدياد، والمعارضة السياسية استعادت نشاطها، وكل هذه التطورات تشي بالمتاعب التي تتربص بحزب أردوغان الحاكم "العدالة والتنمية".

وتشير بعض استطلاعات الرأي إلى أن حزب العدالة والتنمية يمكن حتى أن يخسر أغلبيته في البرلمان.

وعلى الرغم من أن أردوغان اضطر إلى التخلي شكليّاً عن منصبه كرئيس حزب العدالة والتنمية عندما صار رئيس للبلاد العام الماضي، إلا أنه ظل الزعيم بحكم الواقع لكل من الحزب والحكومة. وينص الدستور التركي على ضرورة أن يكون الرئيس متجرداً وأن ينأى بنفسه عن السياسة الحزبية، لكن أردوغان لا نية لديه لأن يبتعد عن المعمعة، وهو يقول "إن البلد يوشك أن يواجه اقتراعاً حاسم الأهمية ومن غير الوارد أن أقف موقف المتفرج".

ويقيناً هناك الكثير على المحك بالنسبة لأردوغان، فإذا تمخضت انتخابات يونيو (حزيران) عن نتيجة لا تسمح له باستحداث الحكم الرئاسي الذي يريده، فقد لا يحدث ذلك أبداً، كتب الصحفي مراد يتكين في صحيفة حريت ديلي نيوز الناطقة باللغة الإنجليزية يقول: "إذا لم يستطع تحقيق هدفه، فمن الممكن أن يؤذن هذا بأول هزيمة يمنى بها في حياته السياسية".

ولهذا نجد أردوغان مندفعاً في وجل، إذ وفقاً لتقارير إخبارية، من المقرر أن يحضر أكثر من 30 تجمعاً سياسياً قبل يوم الاقتراع، ومعظم هذه الفعاليات يحمل أسماء رسمية كحفلات افتتاح مشاريع عامة، كما سافر أردوغان إلى ألمانيا وبلجيكا لمخاطبة الناخبين الأتراك هناك.

النصر غير كاف
وتقول معظم استطلاعات الرأي "إن حزب العدالة والتنمية سيحصل على الراجح ما بين 40 % و45 % من الأصوات، أي أكثر بكثير من أي حزب آخر، لكن تحقيق نصر بسيط ليس كافياً لأردوغان، إذ يريد سحق المعارضة لكي يستحدث نظاماً رئاسيّاً وصفه الزعيم الحزبي الكردي صلاح الدين دميرطاش بأنه "دكتاتورية دستورية".

يقول أردوغان "إن النظام البرلماني الحالي يحمل في طياته كثيراً جدّاً من العراقيل إذا كانت تركيا تريد تولي دور أكبر في العالم.
ولكن النقاد من أمثال دميرطاش يقولون "إن طموح أردوغان يعني إن النظام الجديد من غير الراجح أن يشتمل على الضوابط والموازين التي تحد من سلطة الرئيس في الولايات المتحدة وبعض البلدان الأخرى".

والحقيقة أن أردوغان لم يعط أية تفاصيل حول طبيعة الحكم الرئاسي الذي يضعه في باله، وكل ما يقوله للناخبين "إن عليهم منحه السلطة البرلمانية لإجراء أية تعديلات يريدها".

رغبات أردوغان
ويواجه مسؤولو حزب العدالة والتنمية ومرشحوه في الحملة الانتخابية معركة تتطلب الكثير من الوقت والجهد لتحقيق رغبات أردوغان، فأي حزب يحتاج إلى دعم ما لا يقل عن 367 من أعضاء البرلمان البالغ عددهم 550 لكي يعدل الدستور، والحزب الذي يملك 330 مقعداً على الأقل في البرلمان يستطيع أن يطرح مشروع تعديلات دستورية للاستفتاء الشعبي.

وفي الانتخابات التي جرت في عام 2011، حصل حزب العدالة والتنمية على 327 مقعداً بعد أن حصد نحو 50 % من أصوات الشعب، وقد دعا الرئيس الناخبين هذه المرة إلى إعطائه 400 نائب في البرلمان لتعديل الدستور، وتتفق كل استطلاعات الرأي على أن هذا الرقم محال.

مخاوف من التلاعب

يخشى نقاد أردوغان احتمال أن يلجأ الرئيس إلى التلاعب ليضمن فوزاً ساحقاً لحزب العدالة والتنمية. يقول "حزب الشعب الجمهوري" العلماني، كبرى الجماعات المعارضة في تركيا، إنه سيرسل ما مجموعه 525 ألف متطوع لمراقبة فرز الأصوات يوم الاقتراع.

وأحد الأسباب التي تبعث القلق في نفس المعارضة هو حدوث العديد من انقطاعات التيار الكهربائي التي عرقلت فرز الأصوات بعد الانتخابات المحلية التي جرت العام الماضي، مما أثار اتهامات بالتلاعب في الأصوات لصالح حزب العدالة والتنمية، وقالت الحكومة وقتها "إن قطة دخلت إلى وحدة لتوزيع الطاقة وتسببت في ماس كهربائي".

وحذر نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري تيكين غورسيل من احتمال أن يقدم أردوغان حتى على خطوات أكثر استماتة ويشرع في مغامرة عسكري في سوريا في محاولة لاستغلال موجة من الحماس القومي أو تأجيل الانتخابات، وقد نفى رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو هذه المزاعم.

وصرح البرلماني السابق عن حزب العدالة والتنمية هالوك أوزداغلا ، لصحيفة "تودايز زمان" المعارضة بقوله: "ربما يرغب حزب العدالة والتنمية وأردوغان في الإقدام على مخاطرات مجنونة، لكني لا أظن أن أيّاً من كبار الضباط في القوات المسلحة التركية سيوافقهم في هذا".

وهذه ليست هي المرة الأولى التي يتساءل فيها الساسة والمراقبون في أنقرة حول حالة الرئيس العقلية، فعندما صب أردوغان جام غضبه على المتظاهرين المعارضين للحكومة الذين شاركوا في أحداث شغب حديقة غيزي في عام 2013، قالت نقابة الأطباء التركية "إنها قلقة على الصحة العقلية لرئيس الوزراء آنذاك"، كما قال الزعيم القومي دولت بهجلي العام الماضي إن أردوغان صار "مجنونا بالسلطة".