الخميس 28 مايو 2015 / 12:22

إتيكيت السيلفي



انتشرت ظاهرة السيلفي، ونجحت في نشر إدمانها بين الكثيرين وإثارة شغفهم بالتقاط صورهم الشخصية عبر كاميرات الهواتف الذكية، فامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات المنتديات وحسابات إنستغرام وفيس بوك وتويتر وغيرها بهذه الصور فكان منها المضحك لعفويته والمبكي لخطورته.

فالمبكي والخطر هو حين يدفع مدمن السيلفي حياته ثمناً لصورة قد يتفاخر فيها أمام الأصدقاء كما حصل الأسبوع الماضي مع عشرينية روسية أصيبت بطلقة نارية في رأسها أثناء محاولتها التقاط سيلفي مع مسدس بعدما ضغطت على الزناد عن طريق الخطأ وكادت أن تقضي هذه الطلقة على حياة شخص آخر، لو شاء الحظ العاثر أن يكون بجانب تلك الفتاة في نفس المكان.

هذه الحادثة وغيرها العديد تؤكد أن التهور من أجل السيلفي المميزة لا يدفع ثمنه ملتقطها فحسب بل يكلف حياة أبرياء لا ذنب لهم، وهو ما دفع بالكثير من الدول إلى سنّ قوانين جديدة تقنن من هذه الظاهرة المستفحلة في الأماكن التي تهدد السلامة العامة كما فعلت الإمارات والسعودية من خلال تغريم كل من يلتقط صورة سيلفي أثناء قيادته سيارته حتى لو كان متوقفاً بانتظار الإشارة الضوئية كخطوة للحد من الحوادث المرورية التي تحصد الآلاف أسبوعياً.

وتنسحب خطورة السيلفي على الصعيد الاجتماعي أيضاً خصوصاً عندما يقوم أحدهم بإخراج هاتفه من جيبه ليلتقط له صورة سلفي بانورامية تنتهك خصوصية كل من يجلس بجواره، ضارباً بعرض الحائط الآداب الاجتماعية التي تحتم عليه الابتعاد قليلاً في حال ظهر بالخلفية أشخاص لا يرغبون في أن يكونوا جزءاً من تلك الصورة.

وكرست "عصا السيلفي" انتشار ظاهرة التصوير العشوائي أو المتعمد في الأماكن العامة التي تزيد من مساحة الصورة فتزداد معها المساحة المخترقة لخصوصية الآخرين.

على الرغم من أن هناك من يؤيد تصوير السيلفي كونه من الحريات الخاصة إلا أنه في الكثير من الأحيان يعتبر انتهاكاً لحريات الآخرين حينما يتم استخدام ذلك النوع من التصوير في أماكن لا يستطيع صاحب الصورة اختيار خلفيتها المناسبة والتي من الممكن أن تتضمن وجوهاً لأشخاص لا يرغبون في التصوير التقطت صورهم من دون علمهم، وبثت على مواقع التواصل الاجتماعي ليفاجؤوا بها لاحقاً.

هنا يبرز السؤال، هل يعد التصوير انتهاكاً لحريات أفراد المجتمع؟ وهل من حق الشخص الذي يقوم بالتصوير في الأماكن العامة بنشر هذه الصور؟

ويكمن الحل في وضع قوانين صارمة وضوابط يمنع بموجبها التقاط السيلفي في الأماكن العامة بشكل عشوائي، واعتبارها مخالفة توازي مخالفة السائق لقوانين السير، إذ لا بد من تقنين هذا الهوس بمحاسبة أصحابه أثناء تصويرهم في الحدائق العامة والمولات والالتزام بـ "اتيكيت السيلفي" المبنية على أساس احترام خصوصية الأفراد انطلاقاً من قاعدة "حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين".