الخميس 28 مايو 2015 / 15:42

رفقاً بذاكرتنا



تُبشرنا التقنيات البيومترية للتحقق من الهوية بعصر حيوي غير مُرهق لذاكرتنا ومُستنفد لوقتنا، يخلو من الصداع المزمن الناتج عن نسيان كلمات المرور التقليدية سهلة الاختراق، على الرغم من عوامل الحماية الإضافية المتوفرة حالياً لهذا النظام، إلا أنه تمخض عن سرقة ملايين الحسابات والمعلومات الشخصية والوثائق السرية.

تعدنا التقنيات الحيوية بحاضر ومستقبل واعد ومستويات عالية من الحماية والأمان وبدء مرحلة جديدة في التعامل مع الأجهزة خالية من الأرقام والحروف. فما أجمل أن يرى الجهاز وجهك أو يسمع دقات قلبك أو يستشعر ببصمة إصبعك أو أذنك أو يتعقب حركة عينك أو قزحيتها أو تبلع كبسولة أو تزرع رقاقة بيدك لترسل إشارات إلى جهازك ليبدأ في العمل أو تُفعل حسابك البنكي أو تلج إلى أي موقع أو تطبيق اجتماعي.

لقد بدأت كبرى الشركات تُحقق غاية المستخدمين في اختفاء جملة "كلمة المرور غير صحيحة" ولمسناها في العديد من الأجهزة الذكية الراهنة، ومُفعلة في عدد من الخدمات المصرفية لدى بعض الدول، لكن لا يزال يعترض طريقها تحديات وعوائق أبرزها عنصر الأمان، رغم أنه الغاية والهدف التي تسعى إليه تلك التقنيات، فعلى سبيل المثال، تمكن القرصان جان كريسلر العام الماضي من استنساخ بصمة يد وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير ليين، دون أن يكون بحوزته بصماتها مسبقاً، فقط عن طريق صور عالية الوضوح ليدها.

والأخطر من ذلك أن البيانات الحيوية تملك "كلمة سر واحدة" لحسابات متعددة، وتعرضها للسرقة لا يعني سوى "كارثة أمنية كبرى" و "كابوساً مزعجاً". ففي الوقت الذي تتنامى فيه المساعي والتضحيات من أجل الأمان الرقمي يوازيها جهود مضنية من قبل قراصنة محتالين هدفها إشاعة الفوضى والفساد، فهؤلاء لا يقفون مكتوفي الأيدي، يل يطورون أنفسهم وحيلهم، فكلاهما يسيران في خطين متوازيين، تماماً كالصراع الأزلي القائم بين الخير والشر من منذ بدء الخليقة.

هذا لا يعني فقدان الأمل والمضي قدماً في سد ثغرات العصر الحيوي الحديث وستكشف السنوات القليلة المقبلة مدى رواج هذا الاتجاه. لكن تظل حقيقة واحدة قد تكون "مخيفة" يجب التسليم بها وهي أن "لا شيء مضمون 100%"، فالمجازفة والمخاطرة ستظل حتماً مرافقة لنا.